ليمانيات / د. إدريس ليمان

مُنْ ناحيةٍ أُخرى ..!!

للموتِ جلالهِ ومصيبتهِ ومهابتهِ ولُغزه المُحيِّر الذَّى لانملِك إلاَّ التسليم به والإذعان والإيمان بحقيقته وفق عقيدتنا وإيماننا بخالقِ الكون ومالك الملك ربُ العِزَّة جلّ جلاله .. وعلى كثرة غدونا ورواحنا إلى المقابر لدفن عزيزٍ أو حبيبٍ أو صديق تَبيَّن أنّ أكثرنا لم يكُنْ يعرف شيئاً عنه حتى جاءت الحرب التى أزاحت بعض الغموض عنه وأبانت لنا إن كان هناك ثَمَّةُ شئٌ مفهومٌ من لُغزه فليس سوى قبوره العادلة فى مساواتها بين الغنى والفقير ، والقائد والجندى ، والأمير والخفير والمتناثرة بين الأحياء والميادين وأفنية المنازل والمدارس ومقار أسلحة القوات المسلحة والإحتياطى المركزى .. فحتى أطفالنا أصبحوا يدركون حقيقته ويرونه صورة فى هواتفهم لأبٍ أو أخٍ تحيطها هالة من العظمة والجلال .. !! فهم من رفعوا رؤوسهم عالية لتعانق ذّرى المجد المؤثل ولم يُحنوا هاماتهم للمعتدى وللباغى الشقى .. وهم من لَبَّوا نداء الوطن والواجب وحلَّقوا على أجنحة المجد والشرف والعظمة إلى العُلا والسمو ونالوا مرتبة الشهداء التى لا يُلقَّاها إلاّ ذو حظٍّ عظيم .
وعلى الرغم من دخول آلاف الشهداء من معركة الكرامة فى سجل الخالدين بمآثرهم ومناقبهم التى ستظل باقية فى ذاكرة الجيل الذى عاش بطولاتهم والأجيال التى ستأتى من بعدهم إلاَّ أنَّ شهداء الحرس الرئاسى التى زيَّنت مقابرهم أسوار القيادة العامة لقوات الشعب المسلحة منذ الساعة الأولى للعدوان سيخترقون جدار الزمن وجدار الأجيال كلها وسيذهبون إلى ما ورائها ، وسيظلَّوا حاضرين فى ذاكرة الأمة ووجدانها مهما إستطالت السنوات وإستدار الزمان .. وذلك ليس لأنهم إستثناءٌ إنسانى ..!! فمن قبلهم ومن بعدهم ذهب الكثير من الأبطال والشهداء .. !! ولكن لأنَّ ما أظهروه من ثباتٍ وبطولة وشجاعة كان فى لحظة تأريخية وإستثنائية عصيَّة على النسيان وهى لحظة محاولة إسقاط الدولة السودانية وإفناء الحياة فيها .. !!
فمن أجل تلك التضحيات العظام نُريد أن نحتفى بهم وأن تملأ صورهم الطرقات ونعرضها بكثيرٍ من التباهى حتى يتبخر التبجح بمجرد مطالعة وجوههم المشرقة بالشهادة ..!! نُريد أن تُدوَّن بطولاتهم فى كُتبُ المطالعة المدرسية لتُلهم النشء بدلاً عن قصص الكلب العقور وهاشم فى العيد وكلب عبدالجليل ..!! وفى دروس التربية الإسلامية التى تتحدث عن الجهاد وفضل الشهادة ، وفى كتب التأريخ بدل تلك الرسومات القبيحة التى تُسئ للذات الإلهية ..!!
ومن ناحيةٍ أخرى لاتزال بعض أقلام الوشاة من المرجفين ممن ضاقت عليهم الأرض ولفظهم أهل السودان فى غَيِّهم وجاهليتهم الموسومة بالجهل والتعامى عن الحقّ والحقيقة يسيئون لبلادهم وللمؤسسات العسكرية والأمنية ويُنكِرون على أهليهم تلك الإنتصارات وتلك الفرحة التى إرتسمت على وجوههم حسداً من عند أنفسهم .. ويريدون لبلادنا أن تسير فى ذات المنعرجات السياسية والأمنية التى تسيَّدت المشهد حيناً من الدهر فى ظِلّ الهشاشة البنيوية وغياب الدولة الوطنية .. !! فعلى ولاة أمورنا وقياداتنا بعد التحرير الكامل العمل على فرض إحترام السيادة الوطنية للدولة السودانية ولو قسراً ، والاَّ يُساوموا على الأمن القومى وعلى الشرف والكرامة ، وأن يُثبتوا جدارتهم فى إدارة دفة البلاد كما أثبتوها فى إدارة المعركة الكبرى .. فلابد أن تتلاحق النجاحات على المستوى التنفيذى والتشريعى والخدمى فضلاً عن الإختراق الدبلوماسى على المستويين الإقليمى والدولى ..!!
أمًا المُنكِرون لتلك الإنتصارات التى فرح لها جميع أهل السودان فنصيحتنا لهم إلاَّ يتخلفوا عن مواكب العِزَّة فالإحتفاء بوعود الأعداء والإحتماء بهم لن يوقف المسيرة المُظَّفَرة المستمرة بعزِّ الوطن وذُّل المعتدى ..!!
رحم الله شهداء الواجب وشهداء الوطن أجمعين ورفع درجتهم فى عليين .
وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الثلاثاء ٢٨ يناير ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!