من هنا وهناك / أيمن مزمل

ما بين المشاعر والوعي نحكي


ايمن مزمل

الكاتب الاسفيري المصري والصديق محمد سعد يتساءل على الدوام (لماذا الإصرار على صب البشر بقوالب جامدة خالية من المشاعر بحجة الوعي؟؟)، الناس عادة تميل إلى تصديق ما تحب تصديقه!!، فوسط هذا الكم الهائل من معلومات المعارك الدامية في الخرطوم أحاول (كغيري) استخلاص ما هو حقيقي من الأخبار التي تتناقلها مختلف وسائل التواصل الاجتماعي عن الحرب، فالجيش (عادة) لا يدلي في بياناته الرسمية إلا بما حققه فعلا على الأرض من تقدم بينما تظل إخفاقاته قيد الكتمان إلى حين، الطرف الآخر بدوره يعلن على الدوام أنه ما زال موجودا ومتحكما في مجريات الأمور. وما بينهما الأخبار غير موثوق بها ما بين (المتحمسين) للطرفين، فتحركهم مشاعرهم دون وعي (كالمعتاد)، فهذا يعلن أن (القصر) قد تم تحريره، وذلك يكبر ويهلل فرحاً بالسيطرة على الإذاعة، وثالث يعتقد (بعبقرية يحسد عليها) أن العقوبات الأمريكية المقترحة من البيت الأبيض لا بد أنها سوف تطال عدداً من الأشخاص الذين يكرههم (والتي هي بعيدة كل البعد عن قادة طرفي النزاع الحقيقيين بحسب مُخيلته) فهو للتمني أقرب، وآخر ينشر على صفحته ضرب الطائرات لمدنيين لِيُدين الجيش حتى ينال إحدى الحسنيين (تهييج المشاعر الإنسانية للخواجات أو الاحتفاظ بها مستقبلاً للتجريم)، ثم ذلك الذي يحتفي بشعار (لا للحرب)- المفروضة على الجميع- والذي رفعه في بدايات الأزمة ولا يعرف كيف يتراجع عنه بعد أن رأى المليشيات ترتكب الفظائع في المشافي المدنية والمنازل والقبض على الشباب في نقاط الارتكاز التي تتبع لها، أخبار التلفزيونات لابد أنها تنفخ في (قربة) الحرب التي تزيد المشاهدة، فتصب مزيدا من الوقود على النار المشتعلة أصلا، فكما ترى الجميع (يصرخ) بلا هوادة لتحقيق رغائبها دون تحكيم للعقل ومعرفة الحقائق، وبنفس النهج السابق على طريقة (تسقط بس، الحل في البل، أي كوز ندوسو دوس، معليش ماعندنا جيش، شكرا حمدوك، قحاطة ضيعوا البلد)، بينما يبحث المواطن عن احلامه التي ارتضاها في الاستقرار تحت حكم (إبليس نفسه) شريطة ان يجد ماء وكهرباء وخبز وأمن وفرحة عيد تسرسبت من بين يديه دون ان يحتفي اطفاله، هو يبحث عن استقرار ماقبل (الحرب) فقط بكل معاناتها، حقاً انها حياة سعيدة بما شاهده من أهوال.

اترك رد

error: Content is protected !!