من هنا وهناك / أيمن مزمل

بوتين – هتلر (وجهان لعملة واحدة)

أيمن مزمل


كلما اتابع تطورات الحرب في أوكرانيا هذه الايام، تحضرني مقدمات الحرب العالمية الثانية في اواسط القرن العشرين (وربنا يكضب الشينة). فزعيم النازية أدلوف هتلر حقد على كل من تسبب في الهزيمة الساحقة للالمان في الحرب العالمية الأولى وأجبرتهم على توقيع معاهدة الاستسلام (اتفاقية فرساي) من قبل قيصر ألمانيا حينها فاصبح القيصر هو عدو هتلر الاول. وكذلك حقده الدفين على شيوعيي ألمانيا والذين بسبب كثرة دعواتهم للعمال بالاضراب (كحال اي نقابة شيوعية حول العالم تحترم نفسها) في عز الحرب اقعدت بالصناعات الحربية والتي يحتاجها الجيش في تلك اللحظات العصيبة. وأخيراً حقده على يهود المانيا الانتهازيين والذين يرغبون في ايقاف الحرب (بأي وسيلة) لضمان عدم تأثر تجارتهم فضغطوا على القيصر لقبول الاتفاقية سيئة الذكر اعلاه (من وجهة نظر هتلر بالطبع). في الجانب الاخر لابد أن بوتين قد شعر بخذلان السياسيين ابان سالفة الذكر (الاتحاد السوفيتي) حينما اتخذوا جانبا مهادنا مع الغرب الرأسمالي وذهبوا باتجاه تفكيك الاتحاد السوفيتي عبر البيريسترويكا الى 15 دولة. يوميها (بوتين) كان يعمل كضابط مخابرات في جهاز الكي جي بي. هتلر وبوتن كلاهما شعرا ان ألمانيا (للاول) وروسيا (للثاني) هي دول عظيمة وتستحق ان يكون لها وجود قوي في الساحة الدولية. فقاما بهيكلة وبناء جيوشهما استعداد لما هو قادم من ايام وعمل دئوب في الداخل ليستتب الامر لهما. هل نحكي عن الحلفاء الاستراتيجين لهما خارجيا؟ موسليني (الايطالي) بالنسبة لهتلر و ألكسندر لوكاشينكو (البلاروسي) بالنسبة لبوتن؟. هل نذكر البدايات لكلاهما حيث قام هتلر بضم كل من النمسا وتشيكوسلوفاكيا دون مقاومة تذكر في بدايات الحرب، والحجة كالمعتاد لنصرة الاقليات الالمانية والموالين للحزب النازي في كلا المنطقتين. يوميها المجتمع الدولي غض الطرف لانه لايرغب في الدخول في حرب جديدة بعد الازمة الاقتصادية التي خلفتها الحرب العالمية الأولى. بوتن استخدم نفس (السبوبة) في اجتياحه لشبه جزيرة القرم الاوكرانية بعد سقوط الرئيس الاوكراني الموالي له فيكتور يانوكوفيتش في 2014 ومن ثم دعمه للانفصاليين في منطقة دونباس الاوكرانية. لابد ان هتلر قد انفتحت شهيته عندما رأى صمت المجتمع الدولي وقرر ان يأخذ معه بولندا (فوق البيعة) والحجة كالمعتاد اعتداء بعض الجنود البولنديين على الحدود مع ألمانيا لنقاط الجيش الألماني. بالطبع هذه الفرية أُكتشف لاحقاً انها خدعة من الالمان حيث قام بعض الموالين للجيش الالماني بارتداء زي الجنود البولنديين واطلاق النار على الجنود الالمان. فاجتاح هتلر بولندا وعلى اثر ذلك أعلنت بريطانيا وفرنسا الحرب على ألمانيا رسمياً وهذه كانت مقدمات الحرب العالمية الثانية. في الجانب الآخر (من القرن الواحد والعشرين) يقرر بوتن وبنفس الطريقة (الهتلرية) اجتياح اوكرانيا بعد ان رأى صمت العالم عن اعتداءاته المستمرة على كل من القرم، دونباس وغيرها. المجتمع الدولي الذي لايرغب في الدخول مع (مجنون جديد) وبخاصة بعد الازمة الاقتصادية العالمية التي سببها وباء الكورونا لم يستطيع الصمت عن الاعتداء المباشر لاوكرانيا. بوتن استخدم نفس (التلكيكة) وهي اعتداء اوكراني على الحدود مع روسيا ادى لتدمير منشأة حدودية تتبع للامن الفدرالي الروسي وتوغل خمس جنود أوكرانيين قامت روسيا بقتلهم. فكما ترى فأن العقلية الدكتاتورية لاتحسن إنتاج (سيناريوهات) مُبدعة. دول وشعوب العالم المضطهده (من بريطانيا العظمى) في اواسط القرن العشرين رأت في هتلر المخلص والمهدي المنتظر الذي سوف يملأ الارض عدلا بعدما ملئت جورا. ونفس تلك الشعوب المضطهده في القرن الواحد والعشرين من قبل (أمريكا) تنتظر من بوتن لعب دور المُخلص. هل نسترسل اكثر من هذا؟ اعتقد ان الرسالة اصبحت واضحة. شكراً. (لموا الكراريس!! )

اترك رد

error: Content is protected !!