المعلومات الواردة في هذه المساهمة تمثل استعراضاً ومستخلصات لعدد من تقارير الأمم المتحدة ووكالتها المختصة فيما يَعِنُ عن السودان في ظل الحرب بين قوات الشعب المسلحة ومتمردي الدعم السريع والتعليق عليها، شملت المستخلصات بعض إحصائيات وكالات الأمم المتحدة المتخصصة مثل مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، المنظمة الدولية للهجرة، وبرنامج الغذاء العالمي ومنظمة الصحة الدولية وصندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة ومنظمة الصحة العالمية ومفوضية شؤون اللاجئين.
أفادت تقارير تلك الوكالات عن استمرار الأعمال العدائية بين قوات الشعب المسلحة ومتمردي الدعم السريع خاصة في ولايات الخرطوم وكردفان ودارفور (ولاية غرب دارفور بصفة خاصة. وسُجلت ما لا يقل عن 1,081 حالة وفاة وحوالي 11,714 إصابة منذ بداية الحرب في جميع أنحاء البلاد، وذلك حتى 17 يونيو 2023م. ومع ذلك قد تكون الأرقام أعلى من ذلك بكثير (نسبة لعدم الحصول على الإحصائيات الرسمية، وتمكن هذه الوكالات من الوصول إلى كل مواقع الأحداث)، كما ورد أن صندوق الأمم المتحدة لرعاية الطفولة أفاد بأنه تلقت تقارير موثوقة تفيد بمقتل أكثر من 330 طفلاً وإصابة أكثر من 1,900 آخرين، وذلك حتى 6 يوني 2023م.
بشكل عام نزح حوالي 2.5 مليون شخص داخل السودان وخارجه منذ بداية الحرب في 15 أبريل، نزح منهم ما يقرب من (1,966) مليون شخص داخليا في الغالب إلى ولايات الشمالية (18%) وغرب دارفور (15,17%) ونهر النيل (14%) والنيل الأبيض (12.52%) وفقًا لتقرير مصفوفة تتبع النزوح الصادرة عن المنظمة الدولية للهجرة في 20 يونيو 2023م، حيث فر غالبية النازحين من منازلهم في ولاية الخرطوم (1.3 مليون) شخص، تليها ولاية غرب دارفور (303,000) وجنوب دارفور (143,000) ووسط دارفور (97,000) وشمال دارفور (70,000). بالإضافة إلى النازحين، عبر أكثر من (598,9) شخصاً بما في ذلك اللاجئون وطالبو اللجوء والعائدون إلى دول الجوار (جمهورية أفريقيا الوسطى وتشاد ومصر وإثيوبيا وجنوب السودان)، وفقًا لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وذلك حتى 18 يونيو.
ملامح عامة عن الوضع الإنساني:
يقدر عدد الأشخاص المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية المختلفة وبمختلف ولايات السودان خلال عام 2023م (24,7 مليوناً) شخصا، والمستهدفون منهم بالمساعدات للعام نفسه حوالي (18,1 مليوناً)، بلغ تقدير تكلفة المساعدات لهذه الفترة (2,6) مليار دولار توفر منها (466,3 مليوناً) دولار أي بنسبة تمويل بلغت (17%) والعجز بلغ (83%) أي ما يعادل (2,158) مليار دولار مع العلم أن مؤتمر الأمم المتحدة للاستجابة الإنسانية الطارئة الذي عقد بجنيف في 19 يونيو تعهد بـ (1,5 ملياراً) دولار، لو افترضنا أن المتعهدين أوفوا بالتزاماتهم، فإنه سيظل هنالك عجز بحوالي (658 مليوناً) دولار أكثر مما هو متوفر حاليا، الأمر الذي يحتم على الحكومة السودانية الانتباه لهذه الجزئية المهمة المتعلقة بالتمويل، ولا ننسى أن هنالك نسبة كبيرة من أموال التبرعات تصرف على مال تسيير وكالات الأمم المتحدة ومنظمات الغوث الإنساني.
القطاعات الإنسانية وشركاؤها الذين يعملون في مجال الغوث الإنساني في السودان حتى يونيو 2023م:
تعمل وكالات الأمم المتحدة المذكورة مع عدد من الشركاء من المنظمات الإنسانية من خلال تسعة قطاعات تشمل: الأمن الغذائي ووسائل العيش، الصحة والإمدادات الطبية، قطاع الاتصالات في حالات الطوارئ الأولوية، الحماية، المسؤولية عن العنف القائم على النوع الاجتماعي، حماية الطفل، التغذية، المآوي والمواد غير الغذائية، المنتدى الاستشاري للاجئين والاتصالات في حالات الطوارئ الأولوية.
من بين هذه القطاعات ركزنا على ثلاثة قطاعات، وذلك لأهميتها وطبيعة ارتباطها الوثيق بسير العمليات العسكرية والتأثير فيها وذلك لطبيعتها المزدوجة، والقطاعات هي:
(1) الأمن الغذائي ووسائل العيش: وفقا لبرنامج الغذاء العالمي، فإن هذا القطاع قدم لحوالي مليون شخص مساعدات غذائية في أنحاء 14 ولاية منذ بداية مايو. فضلا عن ذلك، تلقى حوالي 16,000 شخص مساعدات في مجال الزراعة ووسائل العيش.
(2) الصحة والإمدادات الطبية: يقدم الإمدادات الطبية في مواقع مختلفة ومساندة مرافق الرعاية الصحية العاملة في جميع أنحاء البلاد، يعمل فيه 19 شريكًا وصلوا إلى 471,000 شخص. يعمل الشركاء الصحيون في هذا القطاع عن كثب مع وزارة الصحة السودانية لضمان توفير الرعاية الصحية خاصة رعاية التوليد والمواليد في حالات الطوارئ في ولايتي الخرطوم والجزيرة، وفي الولايات التي تستضيف النازحين.
(3) قطاع الاتصالات في حالات الطوارئ الأولوية: العمل على تعزيز البنية التحتية للاتصالات في السودان كما أضاف القطاع إنشاء شبكة اتصال بيانات إلى مكتبي شريكين في بورتسودان. حيث يجري توفير خدمات الإنترنت عبر الأقمار الصناعية للعاملين في المجال الإنساني من 17 وكالة تابعة للأمم المتحدة وسبع منظمات دولية / منظمات غير حكومية عبر ثمانية مواقع في المدينة، حيث جرى تركيب مجموعتين من مجموعات الاتصال عبر الأقمار الصناعية في كسلا والقضارف استعدادًا لتوسيع خدمات الاتصالات في حالات الطوارئ.
بعد استعراض النشاط الإنساني هنالك ثمة ملاحظات ينبغي أن تؤخذ في الحسبان على نحو:
(أ) بصفة عامة لا بد أن تشكل الحكومة خاصة الأجهزة الأمنية والاستخباراتية والشرطة حضورا قويا ولصيقا لمراقبة أنشطة هذه القطاعات حفظا للأمن القومي وسيادة البلاد من الاختراق خاصة قطاع الاتصالات مع مراعاة إشراك المنظمات الوطنية في كل أنشطة الأعمال الإنسانية الذي هو سلاح ذو حدين.
(ب) عدم الركون إلى الإغاثة الإنسانية الخارجية، هنالك ضرورة قصوى لتشجيع الدور الشعبي والمبادرات خاصة أن المجتمع السوداني عُرِفَ عنه قيم النجدة والنفير والمبادرة لأعمال الخيرات مع إمكانية توفير المواد الغذائية محليا في ظل الاستقرار النسبي والكامل الذي تشهده بعض ولايات الإنتاج.
(ج)ضروة الاهتمام بالنزوح الداخلي خاصة في الولايات التي تستقبل النازحين وضرورة أن تلي حكومات الولايات ذلك الأمر عناية خاصة بتشكيل خلايا للأزمة في كل ولاية يترأسها الوالي مع فريق من الجهات الأمنية والاستخباراتية لمتابعة العمل الإنساني، لتخفيف بعض أعباء المتابعة عن الجيش.