ثم من العدالة السياسية، بمنحيي بعديهما الاجتماعي والاقتصادي (اومايعرف بادب الثورة بتفكيك وازالة التمكين) ومن المغازي المباشرة ومن حكمتها الظاهرة والمستترة، ان تتم من خلال هذة العملية: اعادة الفاعلية للحياة السياسية العامة والتعادلية الطبيعية لاوضاع توازناتها، من خلال القضاء علي مظاهر الاختلال الوظيفي والبنيوي وانعدام التكافؤ الهيكلي،التي استحدثت من خلال: سلطة سياسية استبدادية ممكنة، واجراءت وافعال ومفاهيم تمكينية، علي قاعدة الانتماء الفكروي والانحياز للاختيارات (المؤدلجة) بمخالفة الاشتراطات الموضوعية المحايدة والمعايير التنافسية الحرة والاهلية القانونية والعلمية الوظيفية، التي تشكل الاطار العام لمضمون محتوي وصلاحية الضوابط الهادية لفلسفة اخلاقيات الوظيفة العامة والقيام باعباء خدمة الشأن العام: سواء في سلكها المدني او العسكري، علي قدم المساواة، واي نهج لايراعي هذه الاصول المستقرة بالفكر الادراي والدستوري:التي تعد الحق بالعمل وولوج سلك الوظيفة العمومية، بعدالة فرص متساوية دون تمييز علي اساس النوع او العرق او المعتقد التديني والفكروي، من الحقوق الانسانية الدستورية الاساسية، بل ومضافا عليها حقوقه بهذا المضمار الثقافية والاجتماعية والاقتصادية الداعمة لها و الكافلة، لغذاءه ومسكنه وتعليمه وصحته و لتنمية متوازنة مستدامة لكل انسانه وبيئته واقاليمه، لقد حطم نظام الانقاذ المباد ولثلاث عقود متتالية النسيج القيمي والنظامي لهذه الاسس تماما واستبدلها بالمناهج والسياسات التي كرست للنفوذ والتفوق السياسي والامني والاقتصادي لمواليه عامة ولمتنفيذه خاصة، واللذين تحولوا وطوال هذه السنوات بالاستيلاء الا مشروع والاستحواذ الا عادل علي مصادر الثروات الوطنية المنتهبة والنفوذ الامني والسياسي الباطش الي تحالف عميق فوق سلطة الدولة ولحكومة خفية فوق مؤسساتها المعلنة علي ارضية المغانم والمحاصصة الاثنية والمناطقية لشراء و ضمان الولاءات المسيسة والمتدينة…ليخلق كل ذلك اوضاعا شاذة وظواهر استثنائية غير مسبوقة جعلت من المستحيل تصور امكانية قيام اجواء صحية ونشوء مناخ ديمقراطي متعافي وتنافسية حرة في ظل مانشهد من فساد ممنهج وتجريف عشوائي للحياة والمجال السياسي العام، باستخدام سلطة الدولة وادوات عنفها المادي والمعنوي وما استخلص بفعلهما ترغيبا وترهيبا ومن قبلهما عدوانا وظلما من مكاسب وثروات لايمكن مضاهاتها او الوقوف امام سيل تدفق نفوذها المعلوماتي والاستخباري اليومي وسطوتها علي المنابر الاعلامية والثقافية وسطوها علي مقدراتها الرمزية وتوظيفها لصالح رؤاها الفكروية التدينية المتكلسة وما تستحل به خالصا لنفسها ومحاسيبها من تفقه معاملة بائس لايتجاوز محدودية مضاربة استهلاكية، لا تقيم وزنا لابعاد تنميته المستقلة الانتاجية الكلية: المطورة للصيرورة الابداعية التقنية والجمالية داخله، المحققة لعناصر تطور الكفائية والرفاة، ومن ثم المعينة علي تحقق واحد من اركان تحرره العقدي الاجتماعية التي تعمل علي ان يفتك من عبادة سلطتي التبعية المالية والارتهان للاستكبار السياسي والاقتصادي،ليصبح منتهي امله وغاية طموح ازلامه المحليون واسيادهم العابرون لحدوده هو في ما يقتطعون من عوائد مالية من عام مشاريع الوطن لفائدة خدمات اقتصاديات المقاولة التجارية ووكالاتها الخارجية، بدلا من ان يكون مبلغ مناص التكليف التعبدي و مقاصديته التفقهية الاقتصادية هو في تحري انعقاد هذة الشروط وضمان استمرار ثوريتها الاجتماعية وصميمية تعبيرها عن مصالح غالب جماهير المستضعفين في وجه هيمنة طبقة الملأ من قلة فئاته المجتمعية (من افذاذ المكتنزين القوارنة بامتدادحلفهم بالمستبدين الفراعنة بسلاحي الثروة والسلطة) في تجسد فاضح لما قد يفعل المال السياسي، وهذا بالطبع مايصنع الفوارق بين ابناء وطن اوائل وثوالث، بالامتياز المحفوظ بقوة السياسة المحاط بقيود الايدولوجيا المقسمة للناس اديانا واعراقا وطبقات، وليس من خلال جهد العمل البشري الخلاق وتدافعيته الاعمارية للحياة الانسانية،ارضا مشاعا منفتحا للفرص والاحلام،دون قيوده الافسادية، وهو بالذات اضافة لذلك الذي يحدث الفارق بين شركاء اللعبة السياسية،المفترضين بالمشهد الوطني الواجب ازالة اختلالاته بالعمل الاوحد الممكن ، الارجح اخلاقية وعدالة لعودة كل اطرافه لخط انطلاقة متقاربة من خلال المساواة الفعلية الواقعية، لا الشكلية القانونية فقط، والانتقال من الدعوة لتحقيق ذلك الي تطبيق معايشة تحققه، تتم بمزاوجة حصيفة بين الافعال الثورية الحاسمة بالتدابير المؤقتة وبالماسسة الموضوعية القانونية بتدابير الحلول الناجعة المستدأمة لاجتثاث جذور المفاهيم الممكنة بالاساس، ثم القضاء علي كل صور سياساتها المنهجية والاجرائية التمكينية، وذلك قطعا لن يتم الا اذا توخيت محاربة كل مظاهرها، سواء بسلك الخدمة المدنية بذات قوة وجسارة اذاما كانت بسلك الخدمة العسكرية، وكذا لجهه شموليتها وعدم انتقائيتها الموسمية .
وهذا بالذات مايوقع اساليب محاربة مفاهيم وسياسات (التمكين) كما نشهد حاليا ويوقفها عند حدودها الاجرائية فقط عوضا عن غلبة معاييرها المهنية وسيادة نظمها البيروقراطية المحايدتين فتبدو مركزة علي محاور ثرواتها واوضاع فاسد سلطاتها الوظيفية و السياسية المسطحة المباشرة والسهل المنال والتعقب، مما اريد علي مايبدو تعمدا من قوي الثورة المضاد ولاجدية منتفعي المرحلة وانتهازييها المتشبسين بلاحدود بمكتسباتهم القديمة، من اغراق بالازمات المفتعلة وافراغ خطي المهمة الاوجب لشرط بناء التغيير من محتواها حتي الاصلاحي ناهيك عن الثوري وجعل فرقاءه بثقل ومسافة متساوية و واحدة للتصدي لمضامينه…ليتم عبر عملية خداع مسرحي ساذج تبديد واهدار الطاقة الذهنية والنفسية بتقصد الهاء وجداني بفرجة خارج متن النص لصرف انتباه فاعلي الثورة و مفاعيل التغيير عن مكامن الداء الحقيقي الذي يتطلب جهدا صادقا وعملا متواصلا ولتفكر (بعبقرية تتجاوز صندوق الممكن) و لتصوب ليس فقط علي رسم ورمز الصف الاول من مؤسسة الخدمة المدنية، بل علي مايحركها ويقف ورائها من قوي وسياسات خفية ولتطال ليس فقط الثروات العينية المتحصلة من حرام الحيازة العقارية السكنية والزراعية فذلك من سمت الاقتصاد الاولي و عنصره الخام (الذي يجعل مستعظم الوظيفة لايعدوا ان يكون الا مستصغر دور لجنةحصر مخالفات لمصلحة اراضي،لن تخرج عن حوزة خريطة الوطن ورصيد ثروته الطبيعية، مصيرها لعود مهما ابتدع منتهبوها باخفاء معالم جرم استلابها واقتطاع ريعها لمصالح اشخاصهم وعوائلهم ومنظوماتهم) ولقد كان الاجدر لها ان تطال الاعسر الانفع من الثروات المركبة وعلاقات نفوذها المعقدة وهو من سمت اقتصاد القيمة التحويلية المضافة الممتد العميق الممسك بتلابيب قطاعاته الاكثر استراتيجية واقتصاده الوطني الاهم مفصلية، ان التمكين في ابسط معاني تعريفه: هو ان يحوز اشخاص طبيعيين او معنويين علي مكاسب وامتيازات غير مستحقة او ان يتقلدوا وظائف اومناصب عامة ،بمؤسسات الخدمة (الاتحادية ،الولائية المحلية) المدنية و القضائية والعسكرية،وذلك بالمخالفة للقواعد القانونية والائحية: العقلانية المجردة عن كل تحيز،وما يفرضانهما من مستوي صلاحيات اصالة وتفويضا،وما يترتب عليها من اعمال لمبدأ احترام الأمرة التراتبية و التسلسلية الادارية، والهدف بالنهاية هو بلا ادني شك التمكين الاجتماعي والاقتصادي والسياسي لشخوص بامتدادي بعديهما=الفردي الطبيعي و الجماعي المعنوي،ولكن تجمعهم الاطماع الاقتصادية والاوهام الايدلوجية المشتركة،و يربطهم التشكيل العصابي بادواره المتنفذة… والجديد، بالتجربة الراهنة والذي لايمكن ولا يصح تجاهله من اثار ظاهرات الاحتراب الاهلي ومابعده، ممثلا بالفوضي المتعسكرة: تنكمش اطوارها وتتسع، بما يهدد المرحلة برمتها اذا تصاعدت الاجواء لانفجار وتفافم كما تقول بعض الدلائل،او لاحتواء و معالجة لهذة المؤشرات اذا احسن التعامل معها ومع ميكانزيمات تطبعها مع الحياة المدنية ودورها السياسي، ومقتضيات الانتقال الجديد…
لاتستقيم معادلة اصحاح الحياة العامة دون ادراك واعي وارادة واثقة، بضرورة ان يطال الاصلاح وبذات القوة والجرأة الطرف الاخر لبسطها المكافئ فلا يصاب ناتجها بالخلل والفترة كلها بالعطل، لايمكن غض الطرف باي حال بان ازالة التمكين، وعلي حيوية ذلك ليست حكرا محصورا علي المؤسسات المدنية فقط، التي عمها التخريب الممنهج طيلة عقود الانقاذ الثلاث المباد، المطلوب مشاعا عاما ان تسود المعيارية الموحدة لمراجعة المفاهيم الممكنة وازالة السياسة التمكينية، وبذات المنوال لاوضاع الموسسة العسكرية والامنية ومالحق نظمهاو مناهجها من تحريف باساليب وانحراف عن الاصول الوطنية الجامعة وعن عقيدة اقتتال علمية احترافية ومن مفارقات شاننا الحال، الذي يثير عجبا وسخرية، مما لا يتماشي مع السياق المعاصر لتموضع وظيفة التجييش بالمجتمع ولدور مؤسسة العسكرية بالدولة الوطنية، كاحدي اليات الحداثة لنحو هوياتي مابعد محلي بالانصهار القومي افقيا والادماج القيمي راسيا، ثم بعقلنة ضابطة للتصارع الاحترابي وتنظيم سلطة التعانف بملكية خالصة للدولة، باتجاهات عام لولايتها مركزيا لسلطة مدنية منتخبة، وخاص بقواعد اشتباك قانوني وانساني قيمية بلامركزية تراتبية برمزية عسكرية امرة ، موحدة: شعارا وشكلا و مضمونا….سيضرب بكل هذا عرض الحائط وسيطاح بكل هذه الاتجاهات الادماجية المجتمعية والنظم القيمية والرمزية، بل واسس الدولة والمجتمع المدني لصالح فوضي متعسكرة، تمت مبارحة ارث ماضي سحيق قد خلا من تجاربها منذ ان اسست بنجاح شعوب ( العالم المصنع) بعد جولات من الاحتراب الطويل والتسالم المتقطع لينتهي مطافها لمعاهدة (ويستفاليا) التي ارست بها فكرتي السيادة والمواطنة لتستقر بهما وبعدهما بقرون مفاهيم الدولة القومية الحديثة (السيدة) :الحارسة بسلطتها المسلحة، الباسطة لنفوذها علي افرادها و جماعاتها ، بميزان تعاقدها الاجتماعي العتيد…>>>يتبع.
( انتهي في السادس من أبريل 2021. )
• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية.
•عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية..