✍️ د كرار التهامي
▪️الغضب والحسد والكراهية كلها مذمومة في كل الاديان وكلها مهلكة للابدان فالقران حفز على الصبر وكتم الغيط واعتبر كتم الغيظ والعفو والانفاق من درجات الاحسان (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)
▪️اذن لماذا تغضب ولماذا تحسد او تحقد لماذا تحزن لماذا ينتابك الخوف من تصاريف الحياة ويجتاحك القلق في غير طائل وكل شيء بيد الله ومكتوب في الازل !؟
▪️راجع كل المرات التي استشطت فيها غضبا وكاد راسك ان يصطدم بسقف الغرفة فهل جنيت من ذلك نفعا او حققت هدفا وهل كان الغضب وسيلة مناسبة لفرض مشيئتك او رأيك او اقتلاع حق مضيع او الترويج لفكرتك ولماذا لا تقارب هذه الاشياء بخيارات متاحة وسهلة اخرى بدلا من هذه العواصف التي تحول بينك والسلام الداخلي inner peace والنجاح في امتحان اليقين هل تعرف اثار هذه المشاعر المذمومة على صحتك ؟
▪️تغضب انت على الاخرين وتنافح من اجل الانتصار وترغي وانت من يشرب سم الغضب لا الشخص الذي تغاضبه!!
يقول واين ديري :
holding onto anger is like drinking poison and expecting the other
person to die
▪️فالذي يغضب هو الذي يتجرع السم وليس الشخص الاخر فالغضب غير انه مذموم في الدين لكنه خصيصة سلوكية في الانسان مؤذية وداء فتاك وممْرِض واول الضحايا غير مكانتك الاجتماعية وما تدفعه ثمنا للتهور هو قلبك وجسدك فهما اول الضحايا والقلب أكثر عضو يتأثر بالغضب، فبسببه يمكن أن تزداد سرعة ضرباته لتتجاوز المعدل الطبيعي، ومع استمرار الغضب ستزداد سرعة النبضات التي يمكن أن تؤدي إلى الإصابة بالنوبات القلبية اذ يرتفع أثناء الغضب هرمون الكاتيكولامين (Catecholamine) استجابة للضغط والتوتر كذلك هرمون نورادرينالين (Noradrenaline) الخاص باستثارة الخلايا العصبية في الجسم فيرتفع أربعة أضعاف النسبة الطبيعية في الدم وهكذا يسبب الارتفاع في الهرمونات حدوث ضرر في عضلة القلب في الأجل القريب او البعيد، ويؤدي أيضًا إلى ترسب الكوليسترول على جدران الشرايين.
▪️في دراسة نشرتها جامعة هارفارد قبل سنوات مفادها ان ٧٥ ٪ من المرضى في المستشفيات تعود جذور امراضهم الجسدية الى هذه المشاعر السالبة التي تعقد الحالات النفسية والتي بدورها تتحول الى تفاعل جسدي يتمظهر في عدة امراض ،،،و بمقدور الانسان العاقل ان يتحكم هذا الرابط النفسي psychosomatic وتعريف السايكوسومتك هي الامراض الجسدية التي يسببها عنصر ذهني ونفسي
▪️ان حالات الاحباط التي لا تستثني احدا والتي حتما ستمر عليك مثل غيرك ليس بسبب ما يحيط بنا من احداث او اشخاص ولكن بسبب تفسيرنا الذاتي لها ومفاهيمنا ورد فعلنا نحوها فحزنك وفرحك وغضبك ليس بسبب الاخرين ولا بسبب الاحداث من حولك ولكنه رد فعل وتوجه ذاتي وسلوكي attitude نحو هذا الاحداث
▪️اخي الكريم ومع بشائر هذا العيد الى العيد الكبير جرب رحلة الخلاص من العادات الممرضة وامامك فرصة وقد خرجت من رمضان غانما فبمقدورك الان ان تعيد ترتيب نفسك فانت رئيس حكومة وعليك ان تديرها ادارة فعالة وترقى بها الى المقامات العلا..وتتحرر بقدر الامكان من الطباع البشرية الغلابة التي تجرك الى اسفل و تدفعك الى المناطق المظلمة في النفس حيث الكراهية والعداوة والغضب
▪️اليوم العيد وهو احتفال بالانتصار في معركة الذات فهل انتصرت فعلا ام لازالت شوائب النفس عالقة؟؟ كانت الحكمة في رمضان ان تكبح جماح النفس وتطوع ارادتها القاهرة لتنتقل من مظان التشهي والمتع المادية الى مرحلة التعفف والصبر والترقي الروحي فهل نجحتَ في الانتصار على الذات وهل تملك الارادة في الاستمرار ام انك تعود مستسلما من جديد في الاكل والسهر والغضب والحقد والحسد الى اخر السموم التي تضر بقلبك وتفسد حظك في الحياة لذلك عزيزي القارئ ابدا بتجريب ذلك في البيئة التي تحيط بك واخبر الاخرين انك لن تغضب ولن تعبر عن الغضب بطريقة الا بالادب الرباني حتى العيد القادم تمرن على ذلك
• اذا كنت متزوجا تعلم الاصطبار وكتم الغيظ مع زوجتك واخطاء ابنائك
• واذا كنت زوجة غضوبة اصطبري وتعلمي التوادد حتى في لحظات عدم الرضا
• واذا لم تكن رب اسرة تعلم ذلك باستيعاب ما يغضبك من اصدقائك واقربائك في البيت
• واذا كنت رئيسا او مرؤوسا جرب الاصطبار على اذى من هم اعلى منك او اقل منك واعمل كل شيء بتؤدة ولا تتكلم قبل ان تفكر
• واذا اختلفت مع شخص حول رأي ليس بالضرورة ان ينتصر رائك ولكن كما قال رالف وايلد ايمرسون “
• Stop in the middle and agres to disagree “بمعنى التراضي بالاختلاف واحترام موقف كل شخص
• واذا كنت في الشارع وتعرضت للتبكيت او عدم الاحترام فالشخص الاخر في الغالب لايعرفك ولا تعرفه قابل ذلك بالابتسام فالشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب كما جاء في الحديث الشريف وليس الذي يفرض رأيه لعضلاته وصوته القوي
• واذا نالك تجريح او غيبة من شخص اخر فتغافل فهذه صفحة من اغتابك كماقال الامام الشافعي فليملأها بما يشاء
• كان المصطفى( ص )يقول لاصحابه “لا يبلغني احد من اصحابي عن احد شيئا فإني احب ان اخرج اليكم وانا سليم الصدر ” ذلك هو الرسول سيد البشر يعرف ان هنالك من يغتابه ولا يريد ان يسمع تلك الغيبة فمالك انت وغيرك من البشر !!!؟. دع مايقال ان يصير زكاة لجسدك واصطبر مبتسما ستنتصر على الشيطان الذي يحوم حول الحمى وعلى من اغتابك لان سعيه ان يؤذيك ذهب سدىً
▪️جرب من الان الى العيد الكبير-فقط من باب تحديد الزمن والمهمة – ان تحاصر العادات الضارة على الاقل الغضب والاحباط والحزن العميق والحسد جرب ان تكون ملائكيا لتمتلئ حياتك بالتفاؤل والنجاح عندما تدخل في هذه الهالة من المشاعر والتفكير الايجابي ،،.
وكل سنة والجميع بخير
١-شوال- ١٤٤٣
الموافق ٢-مايو -٢٠٢٢