تفاجأ الناس صباح أمس السبت بزيادات جديدة في أسعار المواد البترولية تصل نسبتها إلى 15% ،دون أي تفسير منطقي سوى ما جاء في تبرير فطير من وزارة النفط بأن الأمر جراء المراجعة التي تجريها الوزارة مع شركات الاستيراد الحر والحر والخاص في ظل التغيرات التي تطرأ في السوق العالمي للمحروقات .
الزيادات الجديدة وحدت التسعيرة لكل القطاعات،خدمي وحر وصناعي .حيث بلغ سعر لتر البنزين 760 جنيهًا بدلًا عن 670 ،والجازولين 748 جنيهًا بدلًا عن 640 جنيهًا.
وزارة الطاقة ليست من مهامها وضع الأسعار التي هي من اختصاص وزارة المالية .لو كانت البلاد تعمل بنظم مؤسسية ووفق لوائح وقوانين واختصاصات .
عدم وجود حكومة وسلطة تنفيذية ،وعدم وجود سلطة رقابية لغياب المجلس التشريعي يجعل من الطبيعي جدًا وجود مثل هذه الفوضى واختلاط الحابل بالنابل .
أول كذبة ارتكبتها وزارة الطاقة في التوضيح الفطير هو ربط الزيادات مع متغيرات السوق العالمي.
سوق النفط العالمي ومنذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية يشهد انخفاضًا ملحوظًا في الأسعار إلى ما دون 100 دولار للبرميل .وصل هذا الأسبوع إلى 95 دولارًا للمرة الأولى منذ الغزو الروسي لأوكرانيا .
فايننشال تايمز عزت ذلك إلى المخاوف من حدوث ركود عالمي وشيك على أسعار السلع وضعف الطلب وقالت في تقرير لها إن النفط من السلع التي فقدت قوتها الأسابيع الأخيرة .فانخفضت الأسعار بنسبة 5% مع زيادة أسعار الفائدة،واستمرار حالة عدم اليقين.
رويترز ذكرت أن التخوفات من زيادة نطاق الحرب في أوكرانيا يدفع بالاقتصاد العالمي نحو الركود،الأمر الذي يقود إلى انخفاض حاد في أسعار النفط،حتى وإن استمرت القيود على المعروض منه،مما يؤثر على النمو الإقليمي والتوازنات العالمية.
إذا افترضنا أن المراجعات التي تجريها وزارة النفط لأسعار المحروقات كل ثلاثة أشهر وقررت بموجبها زيادة الأسعار الآن كانت بسبب سعر الصرف .في هذه الحالة نستطيع القول أن سعر الصرف شهد استقرارًا لأكثر من هذه الفترة عند حدود 570 جنيهًاللدولار بل ظل يتراجع قليلًا ثم يعود لنفس السعر دونما أي تجاوز لهذا السقف.
مع قرار الحكومة إلغاء الدعم على المحروقات واتباع الأسعار العالمية كان المتوقع أن يعلن عن انخفاض في السعر المحلي خصوصًا مع الاستقرار النسبي لسعر الصرف .لكن الواضح أن من يقوم بتحديد الأسعار هم التجار والسماسرة وليست أجهزة الدولة بناءً على المعلومات الحقيقية لتكلفة الاستيراد.
من القرارات غير المدروسة التي اتخذتها وزارة الطاقة (رغم أنه ليس في دائرة اختصاصها) هي توحيد السعر لكافة القطاعات .لكم أن تتصوروا أن يكون سعر لتر البنزين والجازولين للصناعة هو نفسه للمواطن العادي؟
قطاعات الإنتاج التي تشتكي من ارتفاع تكلفة الإنتاج وتقوم بتوظيف آلاف الشباب، وعليها توفير السلع الأساسية للمواطن بأسعار معقولة تتساوى في شراء المحروقات مع أصحاب العربات الخاصة وسماسرة العملة وتجار السلع والمضاربين .
للأسف هذا القرار غير الحكيم وغير المدروس يأتي في ظروف اقتصادية سيئة جدًا بالغة التعقيد . وهو الارتفاع للمرة الرابعة خلال الثلاثة أشهر
متوقع أن يكون لهذه الزيادات تأثير سالب جدًا على ارتفاع تكلفة النقل والترحيل والانعكاس السلبي على كل أسعار السلع والخدمات ،والمزيد من معاناة المواطنين .وبرغم ذلك لا تستغربوا ولا تعقدوا حاجب الدهشة وأنتم تطلعون على بيان الجهاز القومي للإحصاء بنزول معدلات التضخم طالما أن كل جهة شغالة على كيفها بدون مرجعيات.
//