اسامة عبدالماجد
¤ في تاريخ السودان ثلاثة انقلابات ناجحة (عبود ، نميري والبشير).. تمت بقليل جهد من خلال انتماؤهم الحقيقي للمؤسسة العسكرية بالسيطرة على اربعة مقار مهمة واستراتيجية (القيادة العامة، المطار، القصر والاذاعة والتلفزيون).. الى جانب بعض الوحدات النوعية مثل المدرعات وسلاح الجو.. ماذا جنى قائد المليشيا حميدتي من تمرده منتصف ابريل الماضي ومحاولته الاستيلاء على السلطة ؟.. دخلت مليشياته الاربعة مقار ، – والصحيح كانت متواجدة فيها – وفشلت حتى في تشغيل التلفزيون.
¤ هذا يعني الخسران المبين للمليشيا وقائدها واعوانه بالخارج.. جميعهم لم يقراوا التاريخ السوداني ولا يفهموا دروسه – وفي مقدمتهم حميدتي – لم يسبق لقوة مسلحة اجنبية او سودانية اسقاط الخرطوم عدا قوات المهدي.. التي زحفت من الولايات ودانت لها العاصمة في 1885.
¤ اما بقية التجارب، فالغزو الانجليزي انجز مهمته في معركة كرري ثم جاء للخرطوم.. بينما الجيش التركي سيطر على سنار بعد استسلام سلطنة الفونج.. وحتى مليشيا حميدتي لم تصل الخرطوم غازيه..بل كانت شريكة – باكثر مما تستحق – في الحكم.. وغدرت بالقوات المسلحة.. بالتالي ظلت الخرطوم عصية رغم محاولتين للحركة الوطنية في يوليو 1976 المدعومة من ليبيا التي اطاحت نميري لثلاثة ايام.. ومغامرة قوات العدل والمساواة في مايو 2008.
¤ اذن التاريخ حتى الان يقول ان المليشيا وقائدها الهالك لا تزال خاسرة للمعركة.. ولم تحقق هدفها الرئيس من تمردها.. والاتيان برأس البرهان (مستف في مخلايه).. كما يباهي الحبيب/ عبد الرحمن الصادق المهدي، بما فعله جده مع المستعمر وهو يردد في جل المحافل :
ياتو غيرنا خل فرس اليهود قلايا
وياتو غيرنا خلي الدنيا رافعة الراية
غيرنا منو الطرد مستعمرينو حفايا
جاب غردون مستف وراسو في مخلايا
¤ كان حميدتي يتوقع سهولة الخطوة.. واصبح راسه هو الأخر قريبا من (المخلايا) إن لم يكن بداخلها.. ولا يعلم ان سر الانقلابات لدى ابناء الكلية الحربية دون سواهم.. في 1989 كان رئيس الحكومة الراحل الصادق المهدي ووزير داخليته ابن عمه مبارك الفاضل وكبار المسؤولين في مناسبة زواج تخص آل الكوباني بالعمارات.. في تلك السويعات انجز العميد عمر البشير المهمة بكل هدوء.
¤ حسنا .. ما الذي سيحدث الان ؟.. طالت فترة الحرب أو قصرت ذاك امر لدى العسكريين فقط.. اما المدنيين تسيطر عليهم حالة قلق لتأخر الحسم ومع ذلك يقيني انهم لم ولن يتخلوا عن دعم الجيش.. دافعهم لذلك حبهم للوطن وجيشه.. ورفضهم للمجازر والافعال الاجرامية التي ارتكبتها مليشيا حميدتي.. وبالمفهوم والحسابات العسكرية انتهت، المليشيا وانكسر عظمها.
¤ لن يكون هناك اي تفاوض، معها استنادا لقول الجيش (ان الحوار معها عبر لغة الذخيرة).. بينما تسعى قيادة المليشيا جاهدة للتفاوض.. وتعمل على شراء ذمم افريقية لتحقيق ذلك.. ترمي من وراء الخطوة تحقيق هدفين بعد فشل الاستيلاء على السلطة والإتيان براس القائد العام للجيش، حفظ ماء وجهها امام قواتها واعوانها في الخارج و عدم المساس بامبراطورية المال والاعمال خاصتهم التي تضخمت خلال الاربعة سنوات المنصرمة.
¤ لكن تأخر الجيش في حسم المعركة يفتح الباب امام ثلاثة سيناريوهات.. الاول التدخل الدولي ويبدو صعبا للغاية في ظل الازمة المكتومة بين واشنطن وبكين من جهة .. وبين الغرب وموسكو من جانب اخر وبين الاخيرة وواشنطن.. بمعنى ان قرار التدخل لن يمر داخل مجلس الامن.. علاوة على توظيف العالم لكل الاموال والسلاح لاوكرانيا.
¤ السيناريو الثاني ان اي تفاوض لن يجعل المليشيا طرفا اصيلا.. وعناصرها لا تصلح ان تكون ضمن حراس (المال والدم) ،وسيسعى الغرب لاعادة قحت تحت مظلة الاتفاق الاطاري.. والسيناريو الاخير تنامي المقاومة الشعبية التي بدأت بالفعل بانخراط الشباب في اسناد الجيش.
¤ ومهما يكن من امر فالانظار تتجه نحو البرهان.