الرأي على شط النيل / مكي المغربي

رأي حول تعديل “الأحوال الشخصية”


✍مكي المغربي

من بين موضوعات “الفيميزم” أو التحرر النسوي أعتقد أن موضوع حق المرأة في اختيار الزوج قضية مشتركة مع غيرهم، لا يجوز رفضها بسبب أنها وضعت في اجندتهم وهي ليست قضيتهم الجوهرية اصلا .. لأن داعيات الفيمينست اصلا مختلفات حول الزواج نفسه .. وهنالك تيار رافض للرجل وللأسرة الطبيعية من الأساس.
المهم .. موضوع حق المرأة في اختيار الزوج، (غير صحيح أنه موضوع علماني أوتحرري) ولا يجب التشويش بقصة الشابة التي هربت مع زوج إلى جوبا، هنالك فتيات متدينات ومنقبات هربن من أسرهن وتزوجن شبابا من داعش، هنالك نوع منتشر ومسكوت عنه .. عندما تهمس الأم للأب .. “الموضوع دا أخير نلموا قبل ما الناس يتكلموا”
ببساطة .. الفتاة غير مقتنعة بالاستسلام لعنوسة محتملة .. خمس سنوات جامعة .. وربما خمس إضافية.. وتسلط اسري ومجتمعي على الخيارات، في بعض الحالات ترفض الخطاب حسب رغبة اهلها وتصل إلى الثلاثين، ومن هربت وتزوجت، فعلت ذلك لانها مستقيمة وغير راغبة في اي علاقة غير زوجية البتة، ولو أرادت لفعلت، فالأسرة السودانية نفسها مع ظروف المعيشة باتت توافق حتى على عمل الطالبات، وعندها ستخرج وتفعل في نفسها ما تريد مع من تريد، ولكنها راغبة في الزواج .. هل تلام على هذا؟!
القضية أول من تحدث عنها في السودان فرح ود تكتوك البطحاني.
البت تقول:
أمي في بال، وأبوي في بال، وأنا في بال.
أمي بتدور البجيب المال.
وأبوي بدور البستر الحال.
وأنا بدور الصبي القدال “أي المعتد بنفسه الذي يفور شبابا وثقة”
الأم أميل للفخر وترغب في راحة بنتها، الأب واقعي لا يركز على المال لكن السترة التي يريدها تشمل انتماءً للقبيلة والعائلة وتصنيفات عرقية.
الخلاصة .. اختلاف أولويات المرأة وأسرتها في الزواج يحتاج إلى توفيق ولا بد من الانحياز الى رغبتها.
لا زلت أذكر شابة لجأت لي للحديث مع والدها الذي رفض شابا لأنه يسكر .. قالت لي “ابوي زاتو لمن عرس كان بسكر، وامي قالت كان بسكر لغاية ولادتي، موضوع أنصار سنة دا دخل فيه قريب”
ذهبت له وبعد مداخل نجحت في إقناعه .. ورددت على احتجاجه بحديث “اذا أتاكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه” .. لأن الحديث ينص على القبول في حالة .. ولا ينص على الرفض في حالة انعدامها “إلا إذا كان الاستدلال بمفهوم المخالفة”
والاستدلال بمفهوم المخالفة لا ينهض ضد عموم النصوص الأخرى وصريحها في تحريم “العضل”.
والحمد لله تزوجت البنت وأنجبت.. وترك الشاب السكر تماما.
لذلك أطلب والتمس من التيار الإسلامي الوطني العريض بكل حركاته وجماعاته وشيوخه.. ان يخرج هذه القضية من رفضه للقوانين الجديدة.. بل يجب التأكيد على أنه خيار شرعي مذهبي لبعض الأئمة ومطلب بعض الإسلاميين وليس كلهم، ولكنه مزج مع موضوعات مستنسخة من مناهج غربية منحرفة ومغرضة ضد الدين .. بل ضد تكوين الأسرة.
الأمر معقد .. لكن الإصرار على الرفض المطلق يوصل رسالة سيئة لعدد محدود من الجيل الجديد الذي انبهر بنموذج الحرية الغربية، وهم على قلتهم وما تم لهم من استدراج إلا أنه فيهم من انتمى للفيمينزم بسبب هذه النقطة ولا يوافق على تدمير مفهوم الزواج والأسرة، ولا يرتضي إباحة الشذوذ ومظاهره في الفيمينزم، ويمتعض منه، ولكنه ينتمي لهم بسبب تعصب وفشل أهل التدين في القول بالفتيا المناسبة للزمان والمكان.
هذا الموضوع تغيير اجتماعي حتمي .. لن يستأذن أحدا .. وسيحدث رغم أنف الجميع .. الفرق أن هنالك من يرجح الفقه والعقل ويتفق مع التغيير حتى يوجد له الإطار الشرعي، وهنالك من يرجح الأعراف والتقاليد على الدين والعقل.
وهنالك من يستثمر في الموضوع لهدم الدين والأعراف والتقاليد .. وهدم العقل بل والفطرة عندما يدمج حرية الزواج مع حرية الشذوذ الجنسي.
الرفض الشرعي المجمل .. مساعدة غبية لهذا الصنف الرديء.

اترك رد

error: Content is protected !!