عادل الباز
1
لا أحد سوى عطالة المنافي الذين لم يتوقفوا يوما عن إصدار بيانات وتغريدات تحتشد بالهراء، بذات الكلمات وذات الصيغ حتى أنك لتتساءل ألا يمل هؤلاء من ترديد هذا السخف الذي يدعون الناس ليمهروه في كل حين.؟.
2
هذه المرة دعا أربعتهم، السفير نورالدين ساتي، والدكتور سليمان بلدو، الدكتور الباقر العفيف، الدكتور بكري الجاك قبل أيام لجبهة عمل مشترك تحت مسمى (فاعلون مدنيون سودانيون يتحدثون بصوت واحد) دعا هؤلاء الفاعلون للتوقيع على وثيقة نشروها للتوافق بين القوى المدنية من أجل العمل الوطني المشترك، تحت شعار “تمكين القيادة المدنية في السودان” .!!.
لتفعل ماذا.؟ .
(لتتوصل مع الجهات الدولية والإقليمية بشأن السودان من أجل انهاء الحرب.!! ولتمثل السودان في أي مفاوضات مستقبلية من أجل التحول الديمقراطي في المستقبل) بحسب البيان..
أرأيتم كيف يمكن حشد الهراء في بيان؟.
لماذا تقع هذه الدعوة في دائرة الهراء؟
لأن الداعين والذين سيتبعونهم ليس لهم أي صفة تمثيلية حتى يتواصلوا مع الجهات الاقليمية والدولية ولم يفوضهم أحد لتمثيل السودان في أي مفاوضات بخصوص أي شيء فكيف منحوا أنفسهم هذه الصفة التمثيلية؟ من انتم؟.
3
البيان يكاد يكون ذات بيان الجبهة المدنية لاستعادة الديمقراطية وذات هراء قحت، لا شيء جديد سوى ما ظهر في البند الرابع الذي ينص على (في غياب حكومة شرعية في البلاد، تم اقتراح تشكيل حكومة منفى أو حكومة ظل.).
هنا بيت القصيد والمخطط الذي تهرول إليه دوائر كثيرة لفرضه على السودان (حكومة طوارئ أو منفى أو ظل) وكنت قد كشفت في مقال لي الأسبوع الماضى بعنوان (فرض حكومة طوارئ على السودان) هذا المخطط وقلت (إن الهدف النهائي من تحركات الإيغاد هو تشكيل (حكومة طوارئ) سودانية أو (حكومة منفى) تشكلها الأحزاب المشاركة فى اجتماعات لقوى سياسية شخصيات مستقلة ستعقد نيروبي.
حكومة المنفى التي يعد لها السيد وليام روتو رئيس كينيا، قد تلقى قبولاً إقليمياً وربما دولياً ولكن لا يزال هناك انقسام حولها في دوائر القرار الأمريكي وتزعم ألمانيا الآن دعم تلك الحكومة.
السؤال، إذا كانت الحكومة القائمة في السودان حالياً والتي يعترف ويتعامل معها العالم ليست شرعية فمن أين ستستمد حكومة المنفى شرعيتها.؟
4
يجري التنظير لهذه الحكومة الآن وتعقد لها الورش وتتصاعد الكتابات والبيانات حولها (قبل أيام كتب سفير يدعى نصر الدين والي مقالاً حشد فيه كل أسباب ودواعي قيام حكومة طوارئ أو المنفى وهو مقال بلا قيمة فعلية لأنه بلا حجج وأتى بنماذج لا تشبه واقع السودان المعقد).
تواجه (حكومة المنفى) أربع تحديات،
الأول: ليس لها حيثيات موضوعية ولا ساقين تنهض عليهما، فهناك حكومة موجودة (على الرغم من ضعفها وسجمها ورمادها) يعترف بها العالم ويتعامل معها ويدعوها للتفاوض فما حاجة العالم ليخلق حكومة منفى لا تملك من أمرها شيئا ولا تستطيع أن تنفذ أي شيء على أرض الواقع.
ثانياً: ستجد كثيراً من دول الإقليمين الأفريقي والعربي حتى المتآمرة نفسها في وضع حرج مهما تكالبت عليها الضغوط ودفعت لها الرشاوى، إذ أن رد فعل السودان سيكون عنيفاً – أو هكذا ينبغى أن يكون – على الأقل سيقوم بطرد سفير أي دولة تعترف بحكومة منفى أو أي حكومة أخرى لا يعترف بها الجيش وبإمكانه الانسحاب من الاتحاد الأفريقي والإيغاد ووضع كل الدول التي لنا معها مصالح تحت الضغط. مثلاً كينيا لنا معها مصالح إذ نحن ثاني مستورد للشاي الكيني وكذلك نحن ثانى مستورد للبن اليوغيدى، حكومة الجنوب يمر بترولها للتصدير عبرنا وقد جربوا نتائج التلاعب معنا من قبل، أيضاً يمكننا التحكم في اتجاه صادرات الذهب. أدعوكم للاطلاع على مقال الكاتب الكبير محمد عثمان ابراهيم (السودان وكينيا: إن لله جنوداً من شاي).
ثالثاً : المجتمع الدولي له تجارب قاسية مع حكومات المنفى التي لم تفعل شيئاً، وأصبحت هى نفسها بؤر فساد ومشاكل وصراعات واهدرت الدول الداعمة لها مليارات الدولارات في الصرف على نخب فاسدة وعاطلة عن العمل ولم يستفاد منها (انظر تجربة حكومات المنفى في سوريا.)
الموقف الأمريكي يبدو حاسماً، ولكن لم تتضح معالمه حتى الآن مما يسمى بـ(حكومة المنفى) التي تجرى هندستها حالياً وواضح أن هناك صراعاً داخل الإدارة الأمريكية، ببن الخارجية والكونغرس يعتقد أن خطط وسياسات جنجويد الخارجية (مولي في، وفكتوريا والسفير جون غودفري) قد فشلت في خلق حالة الاستقرار أو الوصول إلى حكومة طالما بشروا بقربها، واقترح السيناتور مينديز علنا أن يعين الرئيس بايدن مبعوثاً خاصاً للسودان يرسل تقريره إلى الرئيس الأمريكي مباشرة.
أمس الأول في تقرير حديث لها، حذرت (مجموعة الأزمات الدولية) من إغراء تشكيل (حكومة منفى) والتي قالت إن من شأنها أن تؤدي لمزيد من الانقسامات في السودان، معلوم أن مجموعة الأزمات هي إحدى مراكز التفكير التي ظلت تؤثر في القرار الأمريكي وهي تنتمي للحزب الديمقراطي الحاكم. وغالباً ما يستشار خبرائها في شأن السودان، وقد أصدرت كثيراً من التقارير أثرت في صناعة القرار الأمريكي.
رابعاً: ستبقى (حكومة المنفى) معلقة في سماء المنافي ليس أكثر من مأدبة المآكل والسفريات والنثريات ولن يكون لها أدنى تأثير على مجريات الأحداث في أرض الواقع.
قال لى صديق: الجماعة ديل حين سطوا على الحكم في أعقاب الثورة وكان أغلب الشعب مغشوش فيهم وبيدهم كل الدولة عجزوا أن يحكموا وهم في الخرطوم، بل سقطت حكوماتهم الواحدة تلو الأخرى، فما ظنك بحكومة يشكلها هؤلاء وهم في المنافي لا تملك أي شيء من أدوات السلطة ولا تستطيع إنقاذ أي قرار؟.
قلت: ظني أنهم قادرون على خداع أو التآمر مع المجتمع الدولي ليوفر لهم مراتع النهب السهل تحت مسمى (حكومة المنفى) ليعتاشوا من أموال المنظمات ( العفيف خبير يعرف من أين وكيف تنهب الأموال الحرام من خزائن المنظمات.) حيناً من الدهر ولكنهم لن يلبثوا إلا قليلاً حتى يعودوا ليتسكعوا في مقاهي البلدان التي تموت من بردها الحيتان والآن تموت فيها كل قيم الإنسانية والعدالة.