مكي المغربي
الحديث عن أن الاشكالية في الاداء العسكري للدولة غير سليم لانه ببساطة يفضي الى السؤال وما هو اكثر من ذلك يمكن أن يفعله الجيش (عسكريا) أكرر عسكريا وليس سياسيا أو قانونيا مع خصم لم يعد يشكل مجرد مليشيا داخلية انما أيادي خارجية وأذرع استخبارية من خمس دول على الأقل كلها تصارع الدولة لاسقاطها وصرعها على الأرض .. خصم لديه دعم تكنولوجي ومالي وتسليح مستمر. لماذا مستمر؟ هذا ما سأجيب عليه في هذا التشخيص الموجز.
في تقييمي أن أداء الجيش كمؤسسة قتالية وفرسان هو أكثر مما يمكن تقديمه، إذ لم يكن ذات الخصم يتوقع استبسال 35 ضابطا والموت حول القائد العام، ومواصلة التضحية بذات النهج على مدى نصف عام، ليستشهد لواءات وعمداء .. ويختطفوا.
ولذلك أنا هنا لا اتحدث عن الجيش ولا عن البرهان بوصفه القائد العام، بل بوصفه صانع القرار التنفيذي والسياسي الأول، في هذا الجانب هو السبب الأول وهو العلة الأكبر.
من يظن أن الاداء السياسي المرتعد المهزوز للدولة، لا يؤثر في موقفها العسكري فهو واهم، ومن يظن أن الاداء التنفيذي المتراجع والخاضع للفيتو الاقصائي أو المساومة مع الخارج حول من يجوز للحكومة أن تستعين به ومن لا يجوز لها … وكأن “حكومة بلد لأربعين مليون مواطن” صارت مكتب اداري “درجة تالتة” في مؤسسات دول أخرى .. من يظن هذا فهو .. سكران وحيران.
باختصار هذا الوهن السياسي والتراجع التنفيذي هو ما يغري داعمي المليشيا بالاستمرار .. (ويكملوا الأبنص للنهاية).. لانه خانة الدولة شاغرة في نظرهم ..نعم صحيح هنالك اشراقات ومجهودات .. عودة السجل المدني مثلا .. ولكنها كلها تؤكد القدرة على التعافي ووجود كوادر تقوم بذلك .. وكلها انجازات ناقصة ومعلولة ومهددة بالتراجع العام .. فالدولة تحظر على نفسها في مجالات عديدة الاستعانة بمن تحتاج إلا بإذن خارجي أو هنالك -وهو الإخطر- من يعتقد أن ترفيع مستوى الاداء سيبطل عليه الانفراد بالسلطة لانه دون المتوسط، ويحتاج للحفاظ على تفوقه فوق تل الخراب، تحت شعار .. أنا أو أنا .. ولا خيار لكم إلا أنا ولو قدتكم للخراب.
من الطرائف في زمن الحزن والنحيب.. أنني اقول لصناع القرار .. لسوء حظكم جئتم بعد الانقاذ وهو عهد لم يترك حيلة ولا “لف ودوران” ممكن أو غير ممكن إلا وفعلها، ولذلك من تعامل مع الانقاذ حكما أو معارضة، أو الاثنين معا، يستحيل خداعه ولو حدث فالسبب أنه الطرف المخدوع يمثل دور الضحيه ويتظاهر به، للبقاء في دائرة الحدث فقط لا غير.
طريقة الحصول على أقصى عمل وإسناد من أي طرف بأقل التزامات أو بالأحرى “زيرو التزامات” .. خدعة مكررة ومحفوظة .. وتفضي للتعامل مع الحكومة بذات الاخلاق حتى لو صدقت للأسف مثلما جاء في قصة “النمر النمر”!
الحكومة .. ترفض تنفيذ قرار محكمة عليا باعادة ضباط شرطة مفصولين بخطاب إتضح انه غير موجود و “ملعوب”.. الحكومة .. تعطل كشف السفراء حتى لا يتم تعيين من اعادهم القضاء العادل وهم كفاءات وطنية لا تقارن بالهردبيس الذي تمرد في المحطات الخارجية وعلم السودان يرفرف في سيارته المرسيدس، وجيبه محشو بالراتب الحكومي على مدى اربعين سنة متواصلة.
الحكومة .. حظرت على نفسها العلاج والدواء تماما .. وفضلت المرض … وما حدث في الشرطة والخارجية يتكرر نسخ لصق في كل المجالات ولا تزال كوادر قحت تعربد في الدولة كما تشاء.
وصانع القرار السياسي والتنفيذي مذعن لجهة لا نعلمها ولاسباب لا نعلمها.