الرواية الأولى

نروي لتعرف

من زاويةٍ أخري / محمد الحاج

انهيار العدالة الدولية و حقوق الإنسان بيد النظام العالمي الجديد.

محمد الحاج

إن الحقوق الأساسية للإنسان تُعد حقوقًا متكاملة لا تقبل التجزئة أو الانتقاص، فهي عالمية بطبيعتها، وتمنح جميع البشر درجة متساوية من الكرامة، وفقًا للمبادئ والأعراف الدولية. وتنطبق هذه المبادئ كذلك على الأسس التي يقوم عليها القانون الدولي، المنظّم للعلاقات بين وحدات النظام الدولي—سواء كانت تعاونية أم صراعية—والقائم على احترام السيادة، وصون الأمن، وتحقيق التعاون بما يضمن الاستقرار العالمي.
وبناءً عليه، كان من المفترض أن يكون النظام العالمي المعاصر حاملًا لمشروع العدالة والمساواة لكل شعوب الأرض، باختلاف ثقافاتهم وأعراقهم وتقاليدهم. إلا أن هذا النظام، الذي يُعرف بـ”النظام العالمي الجديد” (New International Order) في ظل العولمة (Globalization)، أظهر—من خلال ممارساته تجاه دول وشعوب بعينها—انحرافًا عن تلك المبادئ، وتكريسًا لواقعٍ من الهيمنة وتفوق القوة.

فقد باتت الولايات المتحدة الأمريكية (USA)خصوصاً في عهد الرئيس المنتخب الجديد دونالد ترامب، بصفتها القوة المهيمنة، تتلاعب بمقدرات الدول والشعوب. وقد أصبح التسلط والتجبّر وممارسة القوة، وعدم الالتزام بالعدالة الدولية، ونصرة الظالم على المظلوم، وهدر دماء الشعوب، وانتهاك سيادة الدول من أجل تحقيق مصالح ورفاهية الدولة القائدة للنظام الدولي المعاصر، سماتٍ بارزة لهذا النظام الدولي الراهن.

والمتابع لوقائع الأحداث العالمية الراهنة يرى أن المشهد الدولي يزخر بصورٍ لا حصر لها من انتهاكات حقوق الإنسان و القانون الدولي في العديد من الدول، وبوجه خاص الدول الإسلامية، حيث يُقتل المواطنون العُزّل بحجة “مكافحة الإرهاب والتطرف الإسلامي”، في حين تُبرر الولايات المتحدة الأمريكية، هذه العمليات في حروبها السابقة والحالية بأنها “دفاع عن النفس”. وبالمنطق ذاته، يُبرَّر قتل الجيش الإسرائيلي للفلسطينيين ومنع إيصال المعونات الإنسانية إلى قطاع غزة المحاصر—بما يتنافى مع مبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان—بأنه “حماية لأمن إسرائيل وشعبها، وهذا ما يتم استقلاله حالياً لتبرير شن العدوان الأخير علي إيران في ١٣ يونيو 2025.

إن “الانتهاكات المستمرة” لمبادئ القانون الدولي وحقوق الإنسان العالمية من أبرز “مهددات الأمن والسلم الدوليين”، فقد أسهمت هذه الانتهاكات كذلك في “عدم استقرار العالم”، نتيجة للظواهر السالبة التي تولدت عنها. فـ”سياسات النظام العالمي” أفرزت العديد من “الصراعات الإثنية والقبلية المزمنة” في عدد من الدول، كما دأبت على “التعدي على سيادة الدول” في سبيل فرض النمط “الأيديولوجي الغربي الصهيوامبريالي” على شعوبها،
لذلك إن ما نشهده من تدهور في مستويات العدالة الاجتماعية ورفاهية الإنسان، وتزايد الفقر حتى في دول الشمال المتقدّم، يفضح حقيقة هذا النظام: نظامٌ نفعيّ، مصلحيّ، طفيليّ، يخدم أقلية مسيطرة على الاقتصاد العالمي، بينما تُترك أغلبية شعوب الأرض تكافح للبقاء.

محمد الحاج

اترك رد

error: Content is protected !!