تعيش بلادنا منذ أكثر من عام أياماً عصيبة تَتَوارد فيها مناظر وصور ومشاهدَ مُقرِفَة مِنْ عمليات القَتلِ والفَتك بأهلها الطيِّبين بوحشية وإفتراسية مُرَوِّعة تَشمَئّزُ مِنهَا النَفسَ السَويِّة وتَقِفُ مَذهولة ومُتَحيِّرة أمام المشاهد التِّى يَصنعها بشرٌ محرومون مِنْ بَشَريَّتهم وما يَمِتُّ إليها مِنْ صِلَة يَعيثونَ فَسَاداً فى بِلادنا وما حَمَلَتْ على ظَهرِها مِنْ مخلوقاتٍ وعُمران وشَجَر وبُنيان ..!! وبقدرِ بَحثِنا عن تفسيرٍ لسلوكِ المليشيا القاسى تجاه أهل بلادى البُسطاء الأبرياء لم نَجِد إجابة لذلك سوى أنَّ أولئك القتلة المبرمجون مغسولى الأدمغة ميِّتِى الضمائر قد حُقِنَتْ أورِدَتَهم بالأحقادِ غير المُبرَّرة وتَلَطَّختْ وجُوهَهَم بالقبائح والرزائل والآثام الجائِرة المَقيتة وبهذا السلوك العدائي العدوانى الإنفعالى الذى يُعدُّ عاراً وشناراً فى جبين الإنسانية .
وأنَّ كل ما تعرض له الشعب السودانى من نقصٍ فى الأموال وضياعٍ للأرواح والأعراض بفعل أولئك القوم هو خسارة كبيرة بمعايير الرجل الرجل العادى لكنها زادتهم شرفاً وهيبة وكرامة ، فلئِن خسروا كل ذلك فإنَّ المليشيا قد خسرت إنسانيَّتِها وسيبقى دائماً هو ذلك الشعب الأبِّى المُتماسك والقوى فى وقت الأزمات ، وسيكون بالمرصاد للمليشيا ولكل مَنُ تُسَوِّل له نفسه المساس بأمن الوطن ووحدته .. فهاهى سنوات ما بعد التغيير تَمضى به وهو يُعدد الآمال وينتظر قطف الثمار لما خاله خطواتٍ متئدة للتغيير إلاَّ أن الواقع كان عكس ما كانت تهفو إليه أفئدتهم وآمالهم ..!! وكأنِّى بهم يبحثون عن مُغَنٍّى للوطن بكلماتٍ بعنفوان كلماتِ الشابِّى : ( أيُّها الشعب ليتَنى كُنتُ حَطَّاباً فأهوِى على الجُذوعَ بفأسى ..!! ) ..
وإنَّ المرء ليَعجَبُ مِنْ سُلوكِ المليشيا تجاه الأبرياء .. !! فلَئِنْ كان لديها قضية تُناضِلُ مِنْ أجلها كما تَدَّعى لَقاتَلَتْ القوات المسلحة السودانية بشرفٍ وبأخلاقِ الفُرسان .. فما الذى بينها وبين أهل السودان لتُقدِمَ على أفعالها الوحشية من قتلٍ وتمثيلِ وتنكيل وتَفقِدُ إنسانيتها وتَتَخلى عنها لتَتَحول إلى الحيوانية البهيمية سِوى رغبَتَها المُتَوَحِّشة وتَعَطُّشَها للدماء وشُعورَها المُطلَق بأنَّها فارضةٌ لقانونها التَتَرى ومانِحةً نفسها الحَقَّ فى التَعَرُّض للأبرياء بالقتلِ غِيلةً بأبشَعِ الطُرقِ دون أنْ تَشعُرَ بالنَّدمِ والحُرقة لسفكِ الدِماء ، بلْ يقينى أنَّها تَشعُر بالزهوِ والإنتصار وأنَّ هذا السلوك الوحشى قد يزيد رصيدها لدى ( أم قرون ) ..!! وهى تفتقد لعظمة الضمير الإنسانى القاسم المشترك بين البشر عدا أولئك القوم الذين يُعدُّ موتَ الضمير هو بطل الفيلم لكل أفعالهم الهمجية .. فالضمير الحى تنبع أحكامه من القلب وهو محكمةٌ لاتحتاج لِشهود ولا قُضاة وهم قومٌ لا قلب لهم ولاضمير فضميرهم وإلهَهَم الذى يعبدون هو دجال آل دقلو الهالِك ..!!
والذى زاد من أوجاع أهل بلادى وعَمَّقَ جراحاتهم وزادَ مِنْ مأساتهم أنَّ بعضَ أبناء هذا الوطن غير مُدرِكينَ لِمَا يَحدُثَ ببلادهم ، ويريدون لجيشهم أن تنكسر هيبته وتنقلب إلى خيبة عامة وفوضى عارمة يفقد فيها المواطن الأمل ويتزعزع إيمانه بوطنه وبقواته المسلحة وبشرطته وأجهزته الأمنية ، وغير مدركين لما قد ينتج عنه من إنهيار الدولة ودمار ما تم بناؤه من مؤسسات ومرافق وبنى تحتية على مدى سبعون عاماً منذ الإستقلال .. ( فَمِنْ بينِنَا مَنْ يُسَبِّح بِحمدِ المليشيا ويُقَدِّسُ لَهَا ) ..!!فمثل هذا المآل لا يفرق بين ( فلولى وقحاتى بل سَيَطالُ الجميع دون تمييز ..!! )
فإنَّ إستقرار الوحدة الوطنية وتماسك جبهتها الداخلية لتفادى الخطر القادم من الصحراء أمرٌ فى غاية الأهمية فى هذه المرحلة من الأزمة الوجودية التى تعيشها بلادنا ، فعلينا جميعاً خوض نِضَالٍ جماعى لتقوية لُحمَتنا الوطنية وتأمين بلادنا من خطر تقويض إستقلالنا ووجودنا وتقسيم بلادنا وضياعها مِنْ بين أيدينا .. الا هل بلغت اللَّهم فأشهد ..!!
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .