لم تعد العاصمة السودانية الخرطوم بذات الهدؤ بالرغم من التردى المريع فى شتى مناحى الحياة وانهيار البنى التحتية وطفح مجارى الصرف الصحى وسط السوق العربى وتردى الطرق فقد كانت معاناة ما قبل الحرب مجرد رفاهية والآن فقدت الخرطوم نعمة الأمن والأمان وتحول وسط العاصمة الى ميدان وساحة معركة حرب وتناثرت الجثث فى طرقات السوق العربى وانتشرت رائحة الموت فى كل مكان وأصبح كل مواطن بالخرطوم يتوقع الموت تحت أى لحظة بغض النظر عن شكل النهاية هل هى بشظية دانة أو طلقة مباشرة ومن خرج من بيته يكون فى عداد المفقودين حتى يعود وأصبحت المشاوير تحسب بحسابات الموت والحياة وتكون النجاة آخر الخيارات ولم يتبق من الخرطوم إلا موقعها وإسمها فقط.
ومن خلال تجوالى فى محليات ولاية الخرطوم بعد مرور شهر على بداية الحرب ما زالت عمليات النهب والسلب للمحلات التجارية والبيوت مستمرة وفى وضح النهار يمارس هؤلاء الناس النهب بصورة لم ولن يصدقها العقل أو يتوقعها أكثر الناس تشاؤوما فالخرطوم اليوم مستباحة فى كل مكان ومن كل مكان سرقات ونهب ممتلكات وتدمير مصانع ومؤسسات وقد تم حرق وسلب ونهب كل الأسواق الكبيرة والرئيسية بالخرطوم ويلاحظ الإنسان مشاركة الأطفال والنساء والشباب فى هذه السرقات المباشرة .
وهم من ظن أن الخرطوم ستعود الى أمنها وأمانها مع معاناة المواطن فى الوقت القريب فهو يعيش فى خيال لا يمت للواقع بصلة ومن رأى ليس كمن سمع فالعاصمة الخرطوم تحولت إلى مدينة أشباح ومدينة للموت المجانى والتوقيف من دون سبب والمسألة وإنتهاك خصوصية حياة المواطن وستستمر هذه الحرب وعلى الذين خرجوا من منازلهم وبيوتهم الى أسرهم الكبيرة الممتدة بالولايات عليهم أن يعملوا على توفيق أوضاعهم والتأقلم على الوضع المعيشى الجديد ولا سيما أن موسم الخريف على الأبواب وهذا الموسم يحتاج الى تدابير خاصة وعلى أولياء الأمور ولا سيما الموظفين منهم والعاملين بالبحث عن مصادر دخل أخرى غير الرواتب فالأمر فوق التصور وفوق الإحتمال.
خرجت من الخرطوم يوم أمس وتركتها باكية حزينة ولم يتبق فى جسدها شبر إلا وفيه أثر قزف طائرة حربية أو أثر دانة وأصبح الخراب هو السمة العامة للمدينة وتتصاعد ألسنة دخان الخراب طوال ساعات اليوم فى كل الاتجاهات وأصبحت أصوات الرصاص وقعقعة المدافع وأزيز الطائرات الحربية وتحركات القوات النظامية هى الصورة الأبرز للمشهد بالخرطوم مع إنعدام شبه كامل لمستلزمات الحياة اليومية وأصبحت الخرطوم تحاكى مدن العصر الحجرى التى يعيش مواطنيها فى الألفية الثالثة ومختصر القول أن مدينة الخرطوم بوضعها الحالى والراهن لا تسمح أن تكون عاصمة للسودان.
نـــــــــــــص شـــــــوكــة
كان المواطن السودانى عندما يبحث عن الأمان يتجه صوب الخرطوم ولا سيما من مناطق الصراعات واليوم أصبح الهروب من الخرطوم هو مصدر من مصادر البحث عن نعمة الأمن والأمان والبقاء بالخرطوم يعنى التهلكة فى أبهى معانيها .
ربــــــــــع شـــــــوكـة
الخرطوم تدفع ثمن الحرب وثمن صراعات الشعب السودانى وتدفع الفاتورة المزدوجة.
.