فيما أرى / عادل الباز

السودان بانتظار الدور السعودي


عادل الباز

1
ما كان لأي مبادرة لحل الأزمة السودانية أن تتأسس إلا بوجود المملكة العربية السعودية طرفاً ولاعباً أساسياً فيها، ويعود ذلك لأسباب كثيرة، تتعلق بالقبول الذي تحظى به المملكة من جميع الفرقاء السياسيين، بالإضافة إلى أن السعودية تعتبر أمن السودان من صميم أمنها القومى.. بينما يعتبر الآخرون السودان ملفاً للمصالح ونهب الثروات فقط.
2
بإعلان وزير الخارجية السعودي اليوم فى جلسة وزراء الخارجية بدعوة الدول الأجنبية عدم التدخل في الشئون العربية تكون المملكة قد وضعت أساساً جيداً يمكن عبره مناقشة القضية السودانية التي تتصدر أجندة اجتماعات الرؤساء العرب يوم الجمعة بجدة.
يتطلع السودانيون جميعاً لدور فاعل للمملكة العربية السعودية فى تشكيل نظام حماية من التدخلات الأجنبية فى الشأن الداخلي السوداني، بغرض فرض أجندة غربية معلومة على السودان.. سيما وأنه يواجه تمرداً خطيراً يهدد الدولة نفسها، في وقت رفضت فيه كل دول العالم إدانة التمرد على المؤسسة الشرعية الوحيدة فى السودان، وهى القوات المسلحة السودانية، وهو تمرد للأسف مدعوم من أشقاء عرب، ومؤيد من قِبل قوى غربية تتزعم العداء للسودان في كل المحافل الدولية بغية محاصرته وفرض إرادتها وأجندتها عليه.. أنظر للدور الخبيث الذي تنهض به بريطانيا حاملة القلم في مجلس الأمن، وذلك بدفعها للمجلس لاتخاذ قرارات ضد الحكومة السودانية، إضافةً لهرولتها بداية هذا الأسبوع لمجلس حقوق الإنسان بجنيف لاستصدار قرار بتعيين مبعوث خاص لحقوق الإنسان، وقد فعلت في وقت امتنعت دول عربية شقيقة من الوقوف بجانب السودان.
3
السعودية مدعوة لقيادة العرب لتأسيس شبكة حماية للسودان من التدخلات الخارجية، وبما أن السعودية تتولى حالياً زمام مبادرة للتوسط بين الفرقاء السودانيين مع الأمريكان؛ تتعاظم مسئوليتها فى كف أذى الولايات المتحدة وعقوباتها وتهديداتها المستمرة للسودان، ودعوة الدول العربية لموقف موحد مما يحدث في السودان، وأن تسعى للتنسيق مع الدول الأفريقية عبر الاتحاد الإفريقي لتأسيس شبكة الحماية تلك، حتى لا يحس الأفارقة أنه قد تم إقصاؤهم عن الملف السوداني، رغم أن ذلك الاتحاد الإفريقي يقف الآن موقفاً غريباً من السودان، بتعليق عضويته بدعوى أن هناك انقلاباً حدث في 25 أكتوبر 2021، والناظر لإفريقيا يمتع ناظريه بالرؤساء المنتخبين ديمقراطياً!!
4
المطلوب من المملكة العربية السعودية أن تتولى ملف إعمار السودان، ليس بتبرعات المحسنين، ولا بإحسانها هي فقط كتر.. خيرهم وخيرها، ولكن ما يطلبه السودان أبعد وأعمق من ذلك، يطلب السودان مشروع (مارشال عربي) يعالج الأزمة الراهنة، ويمتد ببصره إلى المستقبل ليؤسس لسودان لا يحتاج أن يمد يده لدولة أخرى، نحتاج أن تقود السعودية ذلك المشروع باتجاه تنمية شاملة، تستفيد من إمكانات السودان المهولة في كل المناحي، خيرات الأرض هنا عظيمة.. ومع ذلك لا يزال الجميع ينظر السودان كأمة من الفقراء.. ما نحتاجه من إخواننا العرب رساميل.. لا نطلبها هبة ولا رز مجاني، إنما استثمار في مشاريع تنموية تعود علينا وعليهم بالخير.. ياحبذا لو تبنت المملكة قراراتٍ قديمةً للجامعة العربية ومطالبة الدول العربية فقط بتفعيل استراتيجية التنمية الزراعية العربية المستدامة 2030-2020، التي حددت الفرص والتحديات والإمكانات التي يتمتع بها السودان في تحقيق الأمن الغذائي العربي، وحددت مشاريع الأمن الغذائي العربي، بمعنى أننا لا نحتاج لدراسات ولا استراتيجيات جديدة، فقط نحتاج تفعيل ماهو موجود قبل سنوات.
5
الدور السياسي والتنموي الذي يتطلع إليه السودانيون من أشقائهم السعوديين لا يقل أهمية عن الدور الأمني المطلوب، والذي يجب أن تضطلع به السعودية لتأمين شواطئ البحر الأحمر، التي تشهد محاولات متواصلة للسيطرة عليها، سواء من الكيان الصهيونى مباشرة، أو عبر عملائه بالمنطقة، بالإضافة للسعي لإنشاء موانئ جديدة تسيطر على حركة التجارة العالمية (13% من حركة التجارة العالمية تمر عبر البحر الأحمر)، مستغلة الظروف الصعبة التي تمر بها دول شاطئ البحر الاحمر، كما أنه لا يزال مسلسل محاولات إقامة قواعد عسكرية تشعل الصراع على شواطئ البحر الأحمر، مما يشكل خطراً على كل الدول المشاطئة.. تكاد المملكة العربية السعودية تطوى ملفات كثيرة في جوارها (اليمن/ إيران) وغيرها حالياً، وهي تسعى بذلك لتكريس سيادتها وصيانة قرارها الوطني وتنميتها، بإمكانها الآن أن تتفرغ لتلعب دوراً فاعلاً في استقرار وتنمية السودان، لأن ذلك يدعم أمنها القومي، ويدفع باتجاه تحقيق أحلامها في بناء مملكة جديدة ناهضة ومستقرة ومزدهرة.

تعليق واحد

  1. المطلوب الان وقف اطلاق نار و إنهاء الحرب. إطالة امد القتال تعني اتساع دائرة الحرب و إقحام عوامل جديدة قد تؤدي الى تحول الحرب إلى قبلية لا قدر الله. و حينها لا يبقى لك سودان تكتب عنه.
    راس المال جبان. لا يوجد رجل أعمال غبي يستثمر في دولة كلها حروبات تسندها الايدولوجيا و التطرف و القبلية و المناطقية.

اترك رد

error: Content is protected !!