كلام صريح / سمية سيد

وزير التربية وبدع الخدمة المدنية

سمية سيد



الشهر الماضي كنا مجموعة من الصحفيين في زيارة لمستشفى أحمد قاسم للأطفال.. كان هدف الزيارة تسليم تبرع لشراء بعض الاحتياجات للمستشفى ..المبلغ تم جمعه من مجموعة على الواتساب باسم حلقة نقاش لتكريم الصحفي عادل سنادة آدمن القروب.. بعد اكتمال المبلغ فاجأ عادل المجموعة بالتبرع لمستشفى أحمد قاسم للأطفال، وزاد عليه مبالغ إضافية من اخرين من ضمنهم الفريق مفضل بجهاز الأمن والمخابرات.
حكاوى لحن المأساة استمعنا لها من مديرة المستشفى دكتورة فاطمة، لم يكن بحيلتنا غير الدعاء بالشفاء للأطفال، ولدكتورة فاطمة وفريق العمل المساعد، وهم يمنحون الأطفال المرضى فرصة جديدة لهم للحياة بعد الله .
كل شيء داخل المستشفى يحتاج إلى تغيير كامل من المطبخ إلى الأسرَّة والأجهزة وحتى الأرض.. وهذه فرصة لرجال المال والأعمال وفاعلي الخير لدعم المستشفى، كل بحسب ما يستطيع.
تذكرت هذه الواقعة وأنا أطَّلع عبر الصحف والمواقع الإلكترونية على خبر تكريم وزير التربية والتعليم من قبل معلمي الكنترول لتصحيح الشهادة السودانية بجمع مبلغ (6) مليون جنيه لشراء عربة للوزير .
خمسة آلاف جنيه تم استقطاعها من (1200) معلم اشتركوا في أعمال الكنترول.. مبلغ كان الأولى أن يذهب لإعادة تاهيل بعض المدارس التي انهارات بسبب السيول والأمطار .
المنافقون الذين يقومون بمثل هذه الأفعال تقرباً للوزير أو المسؤول هم فئة ضالة تعمل في كل الحقب والأزمنة أدخلوا على قاموس الخدمة العامة أشكالاً وألواناً من طرق التدليس التي أدت إلى انهيار المؤسسات والأخلاق ..
وزير التربية والتعليم يرفع تقريره بضرورة تأجيل العام الدراسي بمبررات وجيهة، تتمثل في عدم وجود الكتاب المدرسي، ونقص المعلمين، زد على ذلك ما خلفته السيول والأمطار والفيضانات من تدمير آلاف المدارس في معظم ولايات السودان.. لكن ذات الوزير لا يشعر بالحرج وهو يمتطي عربة مخصوم سعرها من عرق وشقاء معلمين تركوا الاستمتاع بالإجازة السنوية مقابل (قريشات) تساعدهم على مصاعب الحياة ،اختاروا السكن في مواقع غير مؤهلة خصصت لهم خلال فترة أعمال الكنترول.
مؤكد أن السيد الوزير يعلم معاناة المعلمين الذين يعملون في تصحيح شهادتي الأساس والثانوي، مما يتطلب تحسين البيئة التي يعملون فيها، وتحسين أجورهم قبل أن يلوحوا بالامتناع عن التصحيح .
وقفت على سكن مجموعة من المعلمات جئن لتصحيح شهادة الأساس من أماكن طرفية في ولاية الخرطوم اضطررن للإقامة في أحد فصول مدرسة، وتبرعت لهن إحدى المدرسات بمراتب من منزلها.. نفس الحاجة اضطرت معلمي الثانوي لترك منازلهم .
قد يرى البعض أن مبلغ خمسة آلاف بسيط ولا يحتاج لمثل هذه الاحتجاجات، لكن نقول لهم المشكلة ليست في حجم المبلغ، بل في عدم قانونية هذا الاتجاه، والأسوأ من ذلك هو عملية الابتزاز التي تعرض لها المعلم من المسؤل الأول عن حقوقهم .
اطلعت على استنكار لجنة المعلمين ، وأعتقد أنه استنكار في محله، بل يجب أن يكون من كل المعلمين، يرفضون عمليات الابتزاز والنفاق باسمهم .
لجنة المعلمين في بيانها وصفت المجموعة التي فكرت ونفذت بأنهم شرذمة بائعي الضمير؛ لأنهم أبرزوا عملية التبرع لتبدو وكأنها طوعية، لكنها تمت في منتهى القسر والإرغام .
بصراحة شراء عربة للوزير من كد وتعب الموظفين تعد بدعة جديدة في الخدمة العامة، نتمنى أن يوضع لها حد نهائي عبر لوائح الخدمة العامة بحظر مثل هذه التشوهات التي يقوم بها دوماً رجال حول المسؤول.

اترك رد

error: Content is protected !!