الرواية الأولى / مجدي عبدالعزيز

هيئة العمليات ( الدعم الوفى )

مجدي عبدالعزيز

▪️كثير من العقد ادرك ( الغائب دون عودة ) حميدتي أنها تكبله وتعيق طريق تحقيق طموحاته وتنفيذ رغبات رعاته الخارجيين في السيطرة على القرار السياسي والإقتصادي للبلاد ، بل كان يري في هذه العقد تحديات حقيقية لابد ان يعمل علي إزالتها .

▪️جاء هذا الإدراك مبكراً لحميدتي ، فالوسيلة الأساسية التي يمتلكها ويعمل علي تطويرها للوصول الي مبتغياته هي القوة العسكرية ، وكما هو معلوم عسكرياً فإن معايرات الإنخفاض والتكافؤ والتفوق تبقي عملية مستمرة تُبني علي نتائجها : الإستراتيجية والتكتيك وساعة الصفر .

▪️عقدتان مؤرقتان كانتا علي رأس قائمة العقد العسكرية والنفسية للمندحر حميتي – هما عقدة قوة الدروع وعقدة هيئة العمليات التابعة للمخابرات .. فسلاح المدرعات ظل يعتبره دقلو هو اليد الباطشة (المتفوقة ) بمعايير عديدة علي مكوناته القتالية المؤسسة بالدرجة الأولى علي عربات الدفع الرباعي من طراز ( لاندكروزر – بيك اب ) او ما اشتهرت محلياً بالتاتشر ،، والإشارة للتاتشر لان حميدتي كان دائم المراجعة والنظر لتجربتين عسكريتين واجهت فيهما التاتشر الدبابة وكان مصير التاتشر التلاشي بلا هوادة – التجربة الاولى هي محاولة عبور تاتشرات حركة العدل والمساواة لكبري الفتيحاب في 2008م من جهة امدرمان الي الخرطوم – المشهد : تقوم إحدي الدبابات التي وصلت الي وسط الجسر من الجهة المقابلة بإطلاق دانة واحدة -فقط لا غير – علي رتل مصطف مكون من سبعة الي عشرة تاتشرات ، لتصور إحدي الكاميرات ركام هذا الرتل من السيارات محلقاً في الهواء دفعة واحدة قبل ان يرتطم الي الأرض ويستقر بها ( اسكراب) والي الأبد ،، وتُمنع عملية العبور بدانة دبابات واحدة ، قبل بداية الاشتباكات.. التجربة الثانية هي المشاركة الفاعلة للمدرعات في معركة ابوكرشولا 2013 الذي واجهت فيه تاتشرات ( الجبهة الثورية ) حينها – وكانت غلبة الدروع مذهلة و بلا منازع في اطار تكتيك احترافي سنأتي علي ذكره لاحقاً .

‏▪️لذلك عمل حميدتي على استهداف وتقييد سلاح المدرعات منذ الأيام الأولى للتغيير في 2019 وتابع الرأي العام حينها الاحداث التي وقعت في محيط المدرعات بعد ان نشر حميدتي تاتشراته محاصراً بها قيادة السلاح تحت دعاوي التأمين ، ورد الفعل العنيف الذي صدر من قادة المدرعات الذي انذر بصدام أعنف حينها ان لم تُسحب هذه التاتشرات من محيط المدرعات ، وما كان لها الا أن تنسحب راغمة لكنها زارعة لحقد الجمل .

▪️اما هيئة العمليات التابعة لجهاز المخابرات فإن دقلو (الغائب بلا عودة ) كان يعتبرها القوة المكافئة له علي الأرض وبنفس التوصيف ( mobile force ) – هجومية ، خفيفة الحركة ، مناوِرة وكثيفة النيران ، الا ان الفارق كان بأن قوات هيئة العمليات قبل ان تكون قوات نخبة كانت قوات – ( Intelligence ’um ) مخابرات – فعلي صعيد تكوينها الذاتي فإن افرادها المختارون بمواصفات موضوعة يتمتعون بجانب اكتساب القدرات القتالية بكافة صنوفها بتلقيهم لعلوم ومهارات العمل الأمني والإستخباري ، وعلي صعيد الغطاء والرعاية والقيادة فإن مؤسسة المخابرات بكل قدراتها وصيتها ومقدراتها كانت مصدر الإدامة والمدد ، وامتياز التوظيف الفني والميداني ، لذلك حققت هيئة العمليات النجاحات الباهرة في كل ما كلفت به من مهام او عمليات خاصة .

بلا شك ان هيئة العمليات التابعة للمخابرات كانت أحد عناصر هيبة الدولة وقوتها في تنفيذ القانون وحماية البلاد وبسط الطمأنينة ، وأبلت وأعطت ولم تستبق شيئاً ولم تدخر وسعاً في ميادين مهامها التي منها : عمليات الأمن الداخلي ، ومحاربة الإرهاب ومكافحة التجسس ، ووقف ظاهرة الهجرة غير الشرعية والإتجار بالبشر ، وحماية حقول ومنشآت النفط ، وتحقيق الأمن الإقتصادي ، وتنفيذ كافة المهام التي توكل إليها بكل طبائعها الإستخبارية او القتالية او المختلطة براً او بحراً أو جواً ( صحي والله ) .

ان الذي عصف بذهني واستثار مشاعري وحث يراعي لتسطير هذه الزاوية اليوم هو هذا التدافع الذي رأيناه من عناصر وضباط وافراد هيئة العمليات ( المحلولة ) وهم يستجيبون لنداء الوطن والقائد العام للقوات المسلحة للدفاع عن كيان الأمة في لحظة فارقة من تاريخها لمواجهة هذا الغزو – التتري ( المحاوري) الإرتزاقي الإجتثاثي الغادر الذي نفذته قيادة الدعم السريع الخائنة لعهدها وقانونها ولوطنها – واذا بهم يتناسون كل ما حاق بهم من ضيم ، وتدفعهم عقيدتهم الراسخة بنفوسهم أنهم ليسوا بموظفين وإنما رساليين من أجل الوطن وشعبه وحرماته ،، أيُّ أصالة تلك وأيُّ معادن هذه وأيُّ نوع من البشر هؤلاء ،، وقفوا صفاً واحداً بجانب أشقائهم في القوات المسلحة وتوائمهم أشاوس الإحتياطي المركزي وتقدموا المستنفرين من شباب بلادي الوثاب في خوض معركة الكرامة .

يقال إن أشرس الأسود هو الأسد الجريح ، وأسود هيئة العمليات عانت من جرح الخاطر الذي تسبب فيه حميدتي الرعديد من وجودها بقرار حلها – ويا للعجب حين تراهم يقاتلون الآن كأنما يقولون : جرحنا يندمل وجرح الوطن دونه المهج والأرواح ، ويا لحظك السيئ أيها المندحر ( جيتنا في اللفة ) ما كنت تخشاه اوقعه الله عليك وبأيدينا ( يمهل ولا يهمل ) .. لكن يبقي الأصل في عقيدة ووطنية وعزيمة ووثوب عناصر هيئة العمليات في حال وجودها او غيابها غيلة ..

صاحب السعادة الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان .. سيادتك ( اب بطناً غريقة ) لا أشك لحظة في ثاقب نظرك وصحة قرارك وانت القائد الخبير والضابط المحترف وفي مرحلة ( إعادة ضبط المصنع ) تجاه هيئة العمليات التابعة للمخابرات .. إنها سيادة القائد ( الدعم الوفي ) لوطنها وشعبها وجيشها ، وأنت ترد الوفاء وفاءاً وتسند ظهرك علي الأوفياء ،،، وإلي الملتقي …

اترك رد

error: Content is protected !!