المتتبع لسيرة رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم يجد أن أحداثاً عظيمة قد مرَّت عليه إلاّ أنَّ غزوة الخندق كان فيها خطبٌ عظيم وخطرٌ كبير ، وكانت أياماً عصيبة ظنّ فيها الظانّون من المنافقين وضعاف الإيمان أنّ جموع الأحزاب ومن حالفهم من اليهود سيستأصلون شأفة الإسلام والمسلمين ..!! وما أشبه الليلة بالبارحة فها هى الأمم قد تداعت على بلادنا تريد تفتيتها وتقسيمها وتوزيعها كغنائم باردة وإسترقاق أهلها بعد القضاء على وحدتها وإنهاء قوتها المتمثلة فى قواتها المسلحة وأجهزتها الأمنية والعدلية .. !! فمن يُخبر دُعاة الفتنة وأدِّلاء قوافل الفوضى والخيانة أنّ الحتمية التأريخية تقتضى أن تكون قواتنا المسلحة على ما هى فيه من الدفاع عن بلادنا والوقوف فى وجه الأعداء من أى جهةٍ قدموا مهما طال أمد حسم الحرب ومهما تقلبت الظروف السياسية والدولية .. فهل يُدرك أولئك البائسون من بعض أهل السودان هذه الحتمية أم يُعاندون مّصرين على تدمير آخر ما تبقى من ضمانة إستقرار البلاد ووحدتها ..!!؟
فهذا التدخل الدولى الذى دعت إليه لجنة تقصى الحقائق الدولية الخاصة بالسودان والتى شكلها مجلس حقوق الإنسان لدواعٍ إنسانية كما تدَّعى له إنعكاسات على السيادة الوطنية أهمها مبدأ عدم التدخل فى الشئون الداخلية لبلادنا .. نعم إننا جيَّداً أن حقوق الإنسان ضمن الإلتزامات الدولية ولا تُعتبر من صميم السلطان الداخلى الذى يمنع الدول. المنظمات من أعمال الرقابة فتعاملت بلادنا بمنتهى المسئولية القانونية والأخلاقية مع تلك اللجنة المعنية بالتحقيق عن الإنتهاكات فقدمت لها من الأدلة الموثقة عن الجرائم التى إرتكبتها المليشيا المجرمة منذ بداية الحرب والتى لا تحتاج لدليلٍ أصلاً ، ورغم كل ذلك هنالك إتجاه إلى نشر قوة مستقلة ومحايدة كما يدّعى المجتمع الدولى لحماية المدنيين من إنتهاكات المليشيا وقواتنا المسلحة ( خابوا وخسروا ) والتوصية إلى مجلس الأمن بتعميم نطاق المحكمة الجنائية على بلادنا بتوسيع نطاق حظر السلاح حتى على الجيش الذى يدافع عن الدولة السودانية .. فهذا التقرير الذى قدّمته لجنة حقوق الإنسان شرٌ محض ويفتح المجال واسعاً أمام سيناريوهات فى منتهى الخطورة على بلادنا وأمنها وسلامتها الأمر الذى يتطلب هبّة جماهيرية واسعة وحراكاً قانونياً ودبلوماسياً إستثنائياً ، فمجلس حقوق الإنسان بتوصيته تلك يؤكد إزدواجية المعايير التى يتعامل بها ويستهدف بلادنا وقواتنا المسلحة ويجعلها مع المليشيا المجرمة كحدٍ سواء ، ويغض الطرف عن إنتهاكات دولاً أخرى ، ومايحدث فى غزة ليس عنّا ببعيد .
وإزاء كل تلك التطورات الخطيرة التى تتهدد بلادنا سيادتنا الوطنية التى ستكون عرضة للتآكل بفعل التدخل الجائر المتوقع يجب علينا التأسى بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى تعامل مع أزمة الأحزاب بواقعية تامة ليس فيها إستهانة أو إستخفاف فحشد الصحابة وإستشارهم لمعرفة آرائهم وأفكارهم فى مواجهة الأحزاب وخطرهم ، وعمل على بث الأمل فى نفوسهم وعلى محاربة اليأس والتحكم فى نشر الأخبار والتخذيل بين الأعداء ، وعلى رفع معنويات أصحابه وإثارة الحماسة فيهم وأنّ النصر مع الصبر وأنّ الغُمًَة إلى زوال .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
السبت ٧ سبتمبر ٢٠٢٤م