محتجون بالولاية الشمالية أغلقوا طريق شريان الشمال عند كبري الحامداب في وجه شاحنات الاستيراد والتصدير السودانية المصرية.
عدد من المطالب رفعها أبناء الولاية الشمالية إلى سلطة القرار المركزية .. شملت تحديد نصيب الولاية من عائدات التعدين بالمنطقة، و5% من كهرباء سد مروي وإنشاء بورصة للتمور ومناهضة تعرفة الكهرباء.
مطالب عادلة وغير مستعصية التنفيذ لمنطقة تعاني من ضعف الخدمات رغم مواردها الضخمة.
ثم إن المطالب الخاصة بتقنين دخول الشاحنات المصرية، والتعامل بالمثل في عملية دخول السائقين لكلا البلدين، وإنشاء موازين على طريق شريان الشمال والتحكم في الصادرات السودانية خاصة الماشية والحبوب الزيتية.
بالنظر لعدالة هذه المطالب يتضح أن القضية موجهة إلى السلطات السودانية وليست لها أي توجه سياسي ضد الدولة المصرية، ولا الإضرار بدخول السلع السودانية إليها.. فمن المعلوم بالضرورة أن مصر تعد ثاني أكبر سوق للصادرات ولا يمكن للمنتجين التفريط في أقرب وأسهل معبر لمنتجاتهم.
كل المطلوب هو عملية تقنين وتقويم للعلاقات التجارية وفق القوانين والنظم المعمول بها في كل دول العالم.
مبدأ المعاملة بالمثل فيما يختص بسائقي الشاحنات مهم جداً ومطلب عادل.. سائقو الشاحنات السودانية حدودهم معبر أرقين ليأتي سائق مصري للعبور إلى داخل مصر، فيما يصل سائق الشاحنة المصرية إلى داخل كل ولايات السودان.
من ضمن المطالب المرفوعة أيضاً معاملة الصادرات السودانية بالمثل فيما يتعلق بالعملة، فليس من العدالة أن يدخل المستورد المصري إلى مواقع الإنتاج في السودان ويشتري الماشية والسمسم والفول السوداني وكل السلع بالجنيه السوداني. فيما يمنع المستورد السوداني أن يشتري أي سلعة مصرية بدون الجنيه المصري.
كذلك تضمنت المطالب قضية مهمة وهي وقف عمليات التهريب للحبوب الزيتية والذهب الذي أصبح يهرب بكميات ضخمة تحت غطاء صادر السمسم واللحوم كذلك.
هذه مطالب محلية وليست لها أي علاقة بمسار العلاقات السودانية المصرية، ولا يمكن النظر لها أبعد من هذه الزاوية.. اللهم إلا إذا هنالك جهات تبحث عن أي أسباب لتشويه هذه العلاقات.
كما أن الحكومة المصرية ليست لها علاقة بهذه الفوضى، فكل الظواهر السالبة تلك والتي بسببها أغلق محتجو الولاية الشمالية الطرق والتي بسببها يعاني الاقتصاد السوداني هي مسؤولية حكومتنا نحن لأنها فشلت في اتخاذ الإجراءات التي تضمن وصول الصادرات السودانية إلى دولة مصر بطريقة مقننة ومحترمة. بدلاً عن أن يستفيد منها تجار المضاربات في الدولتين.
مواطنو الولاية الشمالية تحديداً هم أكثر حرصاً وارتباطاً بمصر وأكثرهم وعياً بضرورة وجود علاقات مبنية على تبادل المنافع المشتركة، ولا أعتقد أن إغلاقهم للطريق له أي أهداف سياسية ضد مصر.
نحن من نقلل من قيمة صادراتنا بفشلنا في عملية التصنيع، ولجوئنا لتصدير الإنتاج كمواد خام، وحتى كمواد خام فشلنا في تصديرها بالطرق المشروعة واتجهنا للتهريب.. فلماذا نحمل المصريين نتائج فشلنا وخيباتنا ونرمي عليهم باللائمة.
الذي لا يعلمه البعض أنه توجد اتفاقات تحكم العلاقات التجارية بين مصر والسودان، لكن ولأن حكومتنا تعيش في غيبوبة تامة قد لا تعرف بوجودها، أو أنها تعرف وتتفرج على فوضى تصدير المنتجات السودانية وتهريبها، أو قد يكون هنالك نافذون لهم مصلحة في استمرار الوضع على ما هو عليه.
على الحكومة القيام بواجبها في ضبط مسألة خروج السلع إلى مصر حتى لا تصبح المسألة قضية رأي عام ضد أهم دولة جارة تربطنا بها مصالح اقتصادية وسياسية وحسن الجوار.
somiasayed @gmail.com