الرأي

معركة الأمة ..

سناء حمد

ان ما تمر به بلادنا اليوم ، هو أصعب اختبارٍ يمرُ بها في تاريخها الحديث ، هذه المعركة المؤلمة التي تدور الان هي معركة اهل هذه الارض ، معركة وجود ، وحقٍ في الحياة والكرامة ، البعض تقدّم فيها مبكراً بعد أن دخل عليه الهمجيون في بيته ، وبعد أن دمرّوا كل مظهر للحياة الكريمة التي عهدها الناس ..والبعض اخذ وقتاً لتقديرات مفهومة ، ولكنه اتخذ الموقف الصحيح في الوقت الصحيح ، إلى ابناء هذا البلد الفريد ..الفريد في تنوعّه وفي تشابهه..تختلف فيه الأعراق ..الالسن ..الطعام..الغناء والرقص ..ولكن الناس فيها متشابهون ، و فأنت تعرف السوداني من بين الآلاف، تجده اخوك في الغربة ..
إن هذا الشعب ينحدرُ من حضارةٍ هي بين الأقدم في العالم ..معالمها حفظتها القبور والآثار وطبوغرافيا الارض ..عبر عشرات الآف السنين ..من ضفاف النيل والشرق حتى نهايات وادي هَوَر ، إلى جبل مرة ، وفي فازوغلي …والسهول الوسطى ، يفتخر الكثيرون حول العالم عندنا يفحصون DNA خاصتهم ويكتشفون انهم ينتمون إلى احد السلالات الاهم في العالم ..الكوشايت.. و انهم في جيناتهم ينتمون إلى كوش العظيمة..إلى ارض هذا الوادي الخصيب الذي تمثل بلادنا 68% من هذا الحوض الغني .. وهي المساحة الأعرض فيه حيث يمتد من أقصى الشرق إلى جبل مرة، بين هذه المساحة اكتشفنا ان ثقافتنا واحدة في الزواج وبداية الحياة وفي الموت ، تظهر في الجلباب والعمامة البيضاء..في الثوب في الاخلاق ..في غيرها من ملامح الثقافة والحضارة .. هذه المحنة من أهم ما فيها من منحٍ انها اثبتت أننا امةٌ واحدة.. برغم ما اراد الغرب وازياله الكسالى اقناعنا به ، نحن نملك خصّائص الامة .. بلا شك ، وما لدينا أفضل واقوى مما لدى الكثيرين من حولنا وفي العالم .. نحن نحتاج فقط لقيادة ملهمة وصاحبة رؤية ، قيادة قضيتها الاولى هذا الشعب العريق والفخور والقوي، نحتاج لمؤسسات قوية ، ونساء ورجال صادقين ومخلصين وأكفاء لهذا الوطن .
نحن امة .. نتداعى لبعضنا ..نسند بعضنا ..نتألم لمصاب بعضنا، نطرب لذات الأغاني ، ونفخر بالفرسان والأبطال ، نغني للعفيفات القويّات، تخفق قلوبنا مع وقع الطبول وأصوات الزغاريد ، وفي مؤاخاة الجار وإكرام النساء ، نحن متشابهون في صخبنا والفوضى الخاصة بنا ، في أصواتنا العالية ، حتى في حلقات حفظ القران ، فلا نحفظه إلا وسط أزيز القرّاء .. ان الازمات المفصلية تجمع اصحاب الارض ..اهل الحق..
ففي ساعة الخطر يصحو البشر وتصفو العقول وتظهر معادن الناس ، في ساعة الخطر خاصة الوجوديّ يتجاوزون الاختلافات الصغيرة وحظوظ النفس ويركزون على معركة البقاء ..معركة الحياة ،. اليوم وابناء السودان و حراس حدوده الغربية يقفون بقوة يعلنون مساندتهم للدولة ..وخروجهم للدفاع عن وجودهم وحق بلادهم واهلهم في الحياة بكرامة وامان .. في كل هذه الارض المباركة ، تأكدت ان هذه الارض تماسكت و( اتلايقت) ، وستلفظ الغرباء ..وترميهم بسهم واحد ..لن يتخلف عن هذه الملحمة الوطنية إلا الدخلاء ..
لن يقف متفرجاً على هذه المأساة إلا المغيبون والخائنون لهذه الارض واهلها .. حفظ الله ابناء هذه البلد حيث كانوا ، رجالا ونساء ، شيباً وشباب ، الذين يحسون بوجعها ..ويؤلمهم حالها ، لقد تعلّم الجميع ، تعلمت انت .. معنى ان يكون لك وطن ، ان يكون لك جذور ، ان يكون لك تاريخ وذكريات ممتدة عبر الاجيال . ايها السودانيون ، يا ابناء هذه الامة النبيلة ، دعوا الماضي ..خذوا منه العظة ..تعلموا منه ولا تغرقوا فيه ..صوِّبوا النظر نحو الغد ..
يداً بيد ..سننجح جميعاً في معركة الكرامة ..
يداً بيد ..سنداوي جراحنا …
يداً بيد ..بعون الله ، سنعيد عِمران بلادنا بأفضل مما كانت عليه قبل أن يغير عليها الهمج ..

اترك رد

error: Content is protected !!