في الفكر والسياسة / عثمان جلال

ما بعد هيئة شورى المؤتمر الشعبي

عثمان جلال

(1)
انعقدت هيئة شورى الحكمة للمؤتمر الشعبي تحت إشراف مسجل الاحزاب السياسية، ورقابة الضمير والوازع الأخلاقي لحزب تشكل قيم الحرية والشورى والمؤسسية هوادي وأصول مرعية منذ صراع الرؤى والتكوين، وانعقاد هيئة الشورى في هذه اللحظة التاريخية الوطنية المفصلية تشكل ومضة إشعاع وإلهام للأحزاب السياسية الوطنية الهاربة من أسئلة التجديد ومطلوبات الحداثة واستحقاقات الثورة والتحول الديمقراطي المستدام، وقد آلت بعض الأحزاب ميراث للأبناء والاحفاد وأبناء الأخ والأخت، وكما مفهوم الحزب عندهم احتكار للطبقة البرجوازية، فإن مفهوم الثورة في مخيلتهم هي تمكين لذاتهم في مؤسسات الحكم والدولة، وهنا تكمن الأزمة البينوية الحدية لاستمرار الثقافة البطركية الاستبدادية في السودان
(2)
وددت لو استجابت الأمانة العامة لحزب المؤتمر الشعبي لإرادة هيئة الشورى ودفعت برؤيتها الفكرية والسياسية حول خطوط الحزب من قضايا البناء الوطني والديمقراطي، والتحالفات الاستراتيجية، ووحدة التيار الإسلامي الوطني من داخل اجتماعات هيئة الشورى للخروج برؤية توافقية لصيانة وحدة وتماسك الحزب، والتناغم بين القيادة والقاعدة حول الغايات الاستراتيجية.
وفي اعتقادي أن الكرة الان في ملعب أمناء الامانات الذين تم اعفاءهم ولرفع الحرج عن الأمين العام الدكتور علي الحاج فك الله اسره عليهم التحلي بالحكمة والعقلانية والاستجابة لقرارات الشورى والترجل عن امانة التكليف، كما ترجل القائد خالد بن الوليد من هرم القيادة الي جندي في الجيش الإسلامي، وكما استجاب النبي (ص) مكرها لشورى المسلمين التي انعقدت على ملاقاة جيش مكة خارج المدينة يوم غزوة أحد، وكما استجاب القائد سعد بن عبادة بتسليم لواء قيادة الخزرج لابنه قيس لأنه تفوه يوم فتح مكة بكلمات من ميراث الجاهلية البائدة، وكما ازعن كبار الصحابة بقيادة أسامة ابن زيد جيش مؤتة، وكما استجاب المهاجرين والأنصار لنتائج شورى سقيفة بني ساعدة التي جاءت بأبي بكر الصديق خليفة للمسلمين تلك الممارسة الشورية التي أنهت احتكار زعامة مكة الموروثة في بني عبد مناف وبني عبد الدار جيلا بعد جيل، حتى اندهش والد أبوبكر الصديق واستدرك سائلا وهل رضي بنو عبد مناف وبنو عبد الدار؟؟ فو الله ما رفع من وضعوه، وما وضع من رفعوه!!
(3)
لكن ما الرأي العقلاني إذا استمرت الحالة الثنائية داخل حزب المؤتمر الشعبي؟؟ أرى ضرورة وقف التراشق الإعلامي والشخصنة، ونظرية المؤامرة، واستمرار إدارة الخلاف بالتدافع الفكري والسياسي داخل المؤسسات التنظيمية، وإدارة الخلاف حول قانونية انعقاد هيئة الشورى القومية عبر مسجل التنظيمات وفي حالة إقرار قانونية انعقاد الشورى تغدو توصياتها ملزمة التنفيذ وكذلك استمرار إدارة التباين الفكري والسياسي حول اولوية وحدة التيار الإسلامي، ومستقبل التحالفات السياسية الاستراتيجية بين القاعدة والقيادة في المؤتمرات المنتظمة حاليا وصولا إلى المؤتمر العام
(4)
يحدونا الرجاء انتهاء حالة الثنائية داخل المؤتمر الشعبي بممارسة شورية وعصف فكري وسياسي تنأى عن عقلية التنازع لأنها عقلية مغانم نهايتها (فتفشلوا وتذهب ريحكم) وتعظم من عقلية الحكمة ونتائجها مثمرة ومنتجة (ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما)

اترك رد

error: Content is protected !!