ليمانيات / د. إدريس ليمان

ما أوسع الوطن حين يُبنى على وجدانٍ مُشترك ..!!

تتعافى بلادنا هذه الأيام من آثار ومضاعفات الوباء القاتل القادم من عمق الصحراء الأفريقية بعد أنْ ظلَّت لعامين كاملين تحت رحمته عالقة فى عنق الزجاجة وكاد أن يعصف بكينونتها ويُودِى بها فى مَهَبِّ النسيان وتحويلها من دولة ذات سيادة إلى حظيرة لخنازير آل دقلو كما أراد أن يفعل الفونسو بآخر خلفاء الدولة الأموية بالأندلس ..!! وتزامن هذا التعافى مع الهزائم المتتالية للمليشيا فى عمقها ومنبتها ومضاربها ، وإقتراب تطهير كامل تراب أرض المحمل من دنس التتار الأفريقى بإذن الله تعالى على يد أبطال متحرك الصيَّاد الذى يجوب هذه الأيام السودان فى مغربه ..!! وعلى الرغم من كل تلك العافية التى بدأت تَدُّب فى جسد الدولة لايزال هنالك من يَغُطّون فى ضلالهم وكلبهم باسطٌ ذراعيه بالوصيد سالكين دروب الوهم والتنكُّر لهذا الوطن بإثارة الفتنة وتحريك المشاعر والتغرير بالبسطاء وإشعارهم بالغبن والتهميش وتوهمها ، ونراهم قد ألقوا حِبالهم وعِصيِّهم وأمطروا هذا التعافى بوابلٍ من الجحود والتشويه وقطعاً ليس بينهم رجلٌ رشيد رغم إدعائهم النُخبويَّة والإستنارة أمثال الوليد مادبو ومن هو على شاكلته الذين لايشبهون هذا الشعب الكريم لا فى أخلاقه ولا فى وفائه ووطنيته ومواقفه وجهاده وإستشهاده .. فما يقولون به ويدَّعونه من ضلالات لايعدوا عن كونه خدمة للأجندات الخارجية ومجرد مراهقة سياسية وفكرية ومواقف مبنيَّة على المصالح الشخصيَّة الآنية التى يُقدِّمونها على كرامة وطن بأكمله و تتغذى من ضجيج المنصَّات الإعلامية .. !! فما نراه منهم ليس إلاَّ مثلثٌ متساوى الأضلاع من الخيانة ( خيانة العِلم الذى يحملونه وخيانة المسئولية المفترضة فيهم وخيانة الشهداء الذين ضحوا بأنفسهم من أجل الوطن ) ..!! ، ولأنهم يحملون كروموسومات الخيانة فى دمائهم رفضوا الدعوة الصادقة للركوب فى سفينة الوطن التى تجرى بسم الله مجراها ومرساها وقد أعمى الله بصيرتهم من الرؤية الثاقبة لمآلات المستقبل ، وظنوا أنَّ جبل آل دقلو سيعصمهم من هذا الطوفان الشعبى الذى لاعاصم من أمره إلاَّ الله ..!!
إنّ التحدِّى الحقيقى لسودان ما بعد الحرب هو كيفية التعامل مع تلك النخب البائسة التى لم يكفِها نكأ جِراحات الماضى المصنوعة فى مختبرات العمالة لتُثخن البلد من جديد بعد هذا التعافى بمشاكل وهمية ، وإفتعال صراع جهوى ومناطقى ( الكنابى مثالاً لذلك ) لتُدارى إفلاسها الفكرى بعد أن باعت نفسها لهواها والشيطان ، وإستمرأت المال الحرام والقول الحرام والمواقف الإماء لتحقيق طموحاتها السياسية ، ورضيت أن تكون دُمىً فى أيدى هالك ثانى الهالك ( وسيد الطاحونة ) متجاهلة أنها تنفخ فى ( قربة مقدودة ) ..!! فحقائق التأريخ تُخبرنا دوماً أنّ القبلية والجهوية فَرَسَا رهانٌ خاسر لمنعدمى الكفاءة وضيِّقى الإفق ..!! ولكن أن يتصدَّر المشهد المختبل المُختَّل من ينتسب للنُخب المستنيرة التى تستدعى الدمار والخراب لهذا الوطن الغالى بمنتهى الخيبة فالأمر يستوجب إطلاق صافرة إنذار لخرق الصمت ورفض بث فوبيا المتاجرة بالقبلية وهذا الإبتزاز الرخيص ..!! فمن قطرات هذا الخطاب التحريضى الذى لا يمكن لأحد أن يكون بمأمن من عواقبه إن لم يكن اليوم فغدٍ ومن قطرات هذا الخزى والعار ستسيل أودية الدماء من جديد إن لم يتم الوقوف بحزم أمام تلك الإدعاءات فيكفى بلادنا ما سالت فيها من دماء ..!!
وما هذه الأسطر التى ترسم صورة ( لا مُغالاةَ فيها ) لهاجس اللا أمن الحاضر فى ذهن كل مواطن حادب على أمن الوطن وإستقراره ليست إلاَّ إبراءً للذِمَّة ومعذرةً إلى الله .. فأعظم مطلب أهل السودان بعد هذا الإنتصار العظيم فى المعركة الوجودية وبعد التحرير التام من هذا العدوان والتعافى من آثاره هو لجم وحش الفوضى الأمنية الجامحة التى أراها تُطِلُّ برأسها والضرب بالقانون على أيدى المجرمين من دُعاة الفتنة مهما كلف الأمر ..!! أمَّا أشقاؤنا ممن كُنَّا نَظُنهم سيقفون إلى جانبنا ولم يفعلوا فنقول لهم ما قالته العَازَّة بلسان الخذلان : ( إذا لم تَكُنْ لى والزمانُ شُرُمْ بُرُم فلا أحتاجكم والزمانُ تَرَلَّلِى ..!!)
وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الثلاثاء ٢٢ أبريل ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!