إقتصاد ببساطة / د.عادل عبدالعزيز الفكي

لماذا يتم تصدير المنتجات السودانية خام ؟

د.عادل عبدالعزيز الفكي


من الملاحظات المهمة في الاقتصاد السوداني ان الكثير من منتجاته الزراعية والحيوانية تصدر لخارجه في شكل خامات غير مصنعة، لدرجة أن شركات في بعض الدول المجاورة وغير المجاورة تخصصت في تصنيع هذه المنتجات وتصديرها إلى دول العالم الاخرى تحت ديباجات وماركات خاصة بها وبدولها.
ينطبق هذا الأمر على منتجات مهمة يأتي على رأسها الصمغ العربي والقطن والسمسم والحبوب الزيتية بصفة عامة والثروة الحيوانية من جمال وابقار وخراف وغيرها.
يتسبب هذا بالطبع في فقدان القيمة المضافة التصنيعية لهذه المنتجات.
تعود هذه المعضلة لثلاثة أسباب متداخلة، السبب الأول متعلق بضعف القطاع الصناعي في السودان من حيث التقنية والطاقة المحركة ورأس المال البشري، إذا أخذنا مثال على ذلك منتج السمسم، والفول السوداني، وعباد الشمس نجد أن نسبة كبيرة من هذه المحصولات تصدر خام على الرغم من توفر القطاع الصناعي على طاقة عصر كبيرة وحديثة، ولكن جزء كبير من هذه المعاصر متوقف حاليا بسبب نقص الطاقة الكهربائية، فضلا عن تكلفة الكهرباء المرتفعة مقارنة بجمهورية مصر على سبيل المثال، ويضاف إلى ذلك سؤ وتخلف البنيات التحتية في المناطق الصناعية، والافتقار لمواعين النقل والتخزين المتخصصة. لهذا يتم تصديرها كخامات غير مصنعة.
السبب الثاني متعلق بتخلف التقنيات في قطاع الصناعة السوداني حيث لم تواكب المصانع السودانية التكنلوجيا الحديثة بسبب وقوع السودان تحت طائلة عقوبات دولية امتدت لعقود، والأمثلة لذلك كثيرة أبرزها في صناعة المحالج والغزل والنسيج، وصناعة الحلويات والمربات وتعليب الفاكهة والخضروات.
السبب الثالث متعلق بالمواصفات والجودة التي تفتح الأسواق الخارجية، حيث ان بعض المنتجات تتطلب مستويات عالية جدا من الجودة، ومواصفات محددة بشهادات الأيزو، مثال على ذلك منتج الصمغ العربي حيث تتطلب المرحلة النهائية منه وهي البودرة الرذاذية التي تدخل مباشرة في صناعة الأدوية والمياه الغازية مواصفات وتراخيص لم تتمكن الصناعة السودانية من الحصول عليها بسبب الحصار الاقتصادي وبسبب كارتيل هذه الصناعة البالغ القوة، ومثال ثاني صناعة اللحوم التي تطلب الدول المستوردة لها مواصفات قياسية في المنتج لا تتوفر حاليا في السودان الا في مسلخ الكدرو.
وبناءا على هذه الأسباب الثلاثة المتداخلة نجد أن المنتجين والتجار يضطرون لتصدير المنتجات خام لأنه السبيل الوحيد امامهم للحصول على عائد من منتجاتهم، وغير صحيح في الغالب الحديث عن أن هناك مؤمرات من دول الجوار والدول الاخرى يتم بموجبها تهريب هذه المنتجات خام لتقوم تلك الدول بتصنيعها وإعادة تصديرها.
علينا الإعتراف ان تصدير منتجاتنا خام هو بسبب تقصيرنا نحن كسودانيين، علينا زيادة الطاقة الكهربائية وخفض سعرها للمنتجين، علينا استجلاب التقانات الحديثة والقوى العاملة المدربة من مختلف أنحاء العالم، وعلينا كذلك تحسين بيئة المصانع والمسالخ لاجتياز حواجز الجودة التي تمكنا من فتح الأسواق الخارجية.
الفرصة الآن مواتية للسودان بعد رفع العقوبات وتخفيف الديون، ونأمل في عودة معونات المجتمع الدولي، والشراكات الدولية، والاستثمار الأجنبي المباشر، بعد التوافق السوداني/ السوداني الذي بدأت ملامحه مؤخراً. والله الموفق.


adilalfaki@hotmail.com

اترك رد

error: Content is protected !!