الرأي

لله والوطن : من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر

السماني الوسيلة السماني

✍️ السماني الوسيلة السماني •

تأتي هذه الايام.. توأما لتلك الأيام التي شهدت مخاضاً عسيراً توج بإعلان توافق سياسي عريضً ..جامعاً سودانياً كامل الدسم , مما قاد لإعلان استقلال البلاد كما وصفه الأزهري الزعيم رحمه الله ورضى عنه .. أبيضاً كصحن الصيني لا شق فيه ولا طق .
وعندما انفرط عقد ذلك التوافق والتراضي بعد ستة أشهر فقط , دخلت البلاد من حينها في دوامة الخلاف والاختلاف، مما اقعد البلاد وشتت جهود بنيها.. ولم تر الديموقراطية الوليدة والحرية التي انتزعها الشعب بعد نضال شرس ضد دولتي الحكم الثنائي , الطريق معبداً لتسود قيمها الخالدة في العدالة والحكم الراشد واحترام الرأي، حتى يتمكن أبناء وبنات الوطن من المضي قدماً في تحقيق التنمية والعدالة الاجتماعية التي تزيد الديموقراطية رسوخاً واستدامة..
بل أصبح كل ذلك حلما بعيد المنال.. ودائرة الصراع والنزاع والخلاف تتسع كلما استدار الزمان دورته ..وتتضاعف الآلام ويزداد المخاض عسرا … وتلوح في الأفق مخاطر الانقسام والتشظي وضياع الوطن …نتيجة لانعدام وغياب قيم الحوار.. الذي يجب.. أن لا يفسد اختلاف الرأي فيه للود قضيه.. وساد الساحه روح غريب وعجيب.. يسعي كل ممارس .. فردا او جماعة أو حزبا ..الا أن يكون فرعونا في زماننا هذا: ما اريكم الا ما اري وما اهديكم الا سبيل الرشاد… في نظرة ضيقه..
وتتشتت الجهود.. ويختل الأداء وتتعدم أبسط مقومات الحياة وحقوق الإنسان.. من صحة وتعليم وماء وكهرباء وامن وحياة حرة كريمه..ناهيك عن العمل..
وانعدام الثقه بين الناس . وسادت الاشاعه .. والكلمه الشينه .. والتي يقول المثل الشعبي فيها( لا بتكتل عدو ولا بتفرح صديق) وأصبح التسرع في إطلاق التهم يتباري الناس فيه واشتغلت حرب الميديا وازدهرت..وتباعدت المواقف.. وبرز وطغي صوت القبليه البغيض .. واستخدمت لتحقيق الأهداف الشخصيه من من لا تساوي مقدراتهم مع طموحاتهم..
بدلا من أن تكون القبيله، هي الخليه الأولي لمجتمع متعدد ومتنوع ان احسنا إدارته اصبح مصدر قوة وأمنا واستقرارا..
فعلينا الان.. الان ..أن نعمل جميعنا.. العمل للخروج من هذه الدائرة البغيضة المصطنعه، قبل أن يصبح كل ذلك سلوكا وسببا لضياع الوطن العزيز.. فالكل مسؤول ..
ولن يكتب للديموقراطية وقيمها ان تسود وتنتشر وترسخ دون ان يدرك كل منا ان حريته تبدأ باحترام حرية الاخر.
ووطننا ذلك الشامخ الذى ميزه الله بخيرات عدة..وإنسانه، ذلك الذي ساهم في نهضة دول كثيرة في أفريقيا والعالم العربي وعلي المستوى الدولي وفي كل المهن والحرف والخبرات.

والطريق الوحيد للاستفادة من كل هذا الكم الهائل من النعم هو الاستقرار ولا شيء غيره ..والذي يقود للاستفادة القصوى منه، بمشاركة دول عديدة راغبة تملك المال والتكنولوجيا، ولكن لا يقف حائلاً بيننا وبينها، الا عدم الاستقرار الامني.. والسياسي والاقتصادي، القائم على الدراية والعزم والعزيمة، وذلك لا يتحقق الا بوحدة وطنية حقيقية تقوم علي رضى تام.. وتراضى جامع.. حتي يجد الكل نفسه ويشعر بالاطمئنان وينطلق للعمل.

ذلك هو دور القيادة الواعية والمدركة والحاسمة والعادلة.. والتي تسعى وتعمل علي توحيد كلمة أبناء الوطن نحو قيم ومبادئ تكون ثوابتاً لا يعبث بها أي شخص او تنظيم او جماعة .. وتصبح فيصلاً في كل خلاف واختلاف.
ونحن لسنا بدعاً من الشعوب والدول والتجارب.. فمن حولنا في العالم دولاً كثيرة عانت أكثر مما عانينا .. وقاست افظع مما جابهنا .. ولكنها صمدت وخرجت من دائرة تجاربها المريرة مستفيدة منها، ميممة نحو أفق جديد..
وقاد الالم الذي عانته والعذاب الذي عاشته الي فرح كبير، تمثل في وحدتها وقدرتها علي التماسك وفق رؤى واضحة، مما قادها الي ان تسعى لتحجز لها مكاناً ومقعداً بين الشعوب الراقية.
كل ذلك كان عبر النقد الذاتي والمصارحة والحقيقة والامثلة امامنا:
شيلي , الارجنتين , بولندا , اسبانيا , جنوب افريقيا , غانا و رواندا.
فلقد سُأل الزعيم مانديلا كيف استطعت ان تتخطى حاجز الغبن وتتناسى المرارات التي عاشها شعبك، وذقت طعمها شخصياً؟ فكان رده: علي القائد ان يتخذ القرار الذي يزيد هاطمئنان الجميع وليس لفئة معينة، بالسعي لإيجاد توازن بين مسألة العدالة وبين الانتقال السلمي لبلادنا لتجنب أي صراع مستقبلي محتمل، فبرغم صعوبة القرار.. لكنه كان واجباً علي اتخاذه كقائد من اجل الوطن كله.
فالقائد هو من يصنع الحلول ولا يضع العقبات..
اما الزعيم الاسباني فيليب غونزاليس قال مجيباً: انه بالرغم من سرعة وصول التغيير في مجال الفاعلين والتقنيات وامكانية استمرارها.. الا ان متطلبات ومستلزمات التعبير والعمل السياسي هو الاكثر ديمومة واستمراراً، مما يتطلب القيام بالحشد والتعبئة من اجل الحرية السياسية وبناء مساحات وفضاءات لإجراء الحوار.. وبناء التقارب والتوافق بدلاً من تعزيز الانقسام.. بل العمل علي صياغة التوافقات واجراءات قواعد الارتباط، والعمل علي الحفاظ علي الاولويات الحيوية ليسهل انشاء التعامل مع العدالة ..وضمان السيطرة المدنية علي الجيش والاجهزة الامنية الاخرى.. وفق اتفاق قومي وبرضى تام.. ذلك حماية للنظام المدني وحقوق الانسان الفردية.. كأهداف تظل في مقدمة اولويات هذه التحديات.
ولقد اكد جميع هؤلاء الزعماء.. رغم تباعدهم الجغرافي.. والذين قادوا التغيير في بلادهم، بان الحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني المعززة بشبكات الاتصال والمعلومات الالكترونية، قادرة علي تكريس الضغط علي الحكومات والمؤسسات الاخرى , ورغم اهميتها، لكنها لا يمكن ان تصبح بديلا للأحزاب السياسية والقادة السياسيين في تولي القيام بالمهمة الصعبة، لبناء الائتلاف ووضع الضوابط الانتخابية.. ونيل التأييد الشعبي.. واعداد السياسات العامة والهام الجماهير بالاعتقاد بان الديموقراطية ممكنة وقادرة علي العمل بفعلية.
وهنا نود ان نشير الي معلومة مهمة للغاية كون ان قواتنا المسلحة والاجهزة الامنية الاخرى، ظلت تعاني وتقاوم طوال فترات الحكم العسكري في السودان.. وما قوائم الشهداء والفصل المتكرر.. الا خير دليل علي ذلك، خاصة في عهود حكم اليسار في 69 واليمين في 89.
كما ان القوات المسلحة لم تقم بانقلاب كمؤسسة.. وانما استخدمت قوى دعاة التحرر والتخلف بعض كوادرهم في القوات المسلحة كما حدث ف 58/69/89.
اضافة الي ان هذه الاجهزة تستطيع ان تدعى شرف الانحياز لجماهير الشعب السوداني في ثوراته الثلاث 1964/1985/2018

فالحوار الشامل الذي يفضى الي تراضى عام ..دون اهمال مسالة العدالة ..يضع لقواتنا المسلحة واجهزتها الامنية الأخرى مكانها كجزء اصيل من مجتمع حر وديموقراطي.. ينشد العزة والكرامة ويكون دورها حماية مبادئه وقيمه وأرضه وشعبه ودستوره..
فما احوجنا اليوم إلى روح تلك الأيام الخوالد مستلهمين ارواح شهداء الثورة السودانية عبر مسيرتها الكبرى التي توجت بأرواح شهداء ثورة ديسمبر العظيمة.
فتكريم ارواح الشهداء يكون بتحقيق احلامهم وآمالهم التي سالت دمائهم من اجلها..فداءاً لشعب أبي عزيز, ينشد الإستقرار والتنيمة والعدالة والحرية والسلام.
بدلاً من الصراع الذي سيقود حتماً إلى الإستمرار في دوامة الفشل ويشجع الطامعين والمغامرين داخلياً وخارجياً.. كما نشاهد اليوم من تدخلات سافره وازدواج في المعايير.. حيث أصبحت بلادنا مرتعا خصبا لكل طامع للطير من كل جنس..
واصبحنا نتسابق ونتباهي جماعاتا وافردا واحزابا.. بالقرب والتقرب اليهم ،، وكاننا فقدنا الرشد الذي يقودنا الي جمع الصف الوطني اولا.. ويكون الخارج عنصرا مساعدا بدلا من الحل..
ومن هنا نناشد الجميع ..دون إغقال تحقيق مبدأ العدالة..العمل على وحدة الصف، و إدارة الحوار المفضي إلى قواسم مشتركة ..تكون الهادي والحادي والمرشد، والحكم والفصل، دون أي محاولة من جهه او جماعة او مجموعة ان تفرض وصاية او رأي او توجيه .
حتى يصبح ابناء السودان جميعهم بتنوعهم وتعدد ثقافاتهم ومعتقداتهم وأفكارهم..مواطنون لا يفرق بينهم دين ولا لون ولا ثقافة ..للمجتهد فيهم التشجيع والتقدم.. وللمخطئ فيهم التوجيه والمحاسبة، لنصنع الثروة التي نتقاتل دونها الآن وهي لا تكفي, وذلك بالعمل على تحويل مواردنا الطبيعية إلى ثروة حقيقية تمكن القائمين على الأمر على معالجة كل نقص ، وتحقق الأمن والأمان.. من الجوع والخوف والمرض والجهل والعوز التي تمثل قمة حقوق الإنسان…
فالزهرة الواحده لا تصنع حديقه كما يقولون..
ولنعلي شعار اداء الواجب أولا كل في موقعه..قبل المطالبة بالحقوق.
لأنه لا يستوي ان يكون هناك حق لمن لا يؤدي واجبه.. في موقعه بعد ان توفر له الدولة مستلزمات عمله.. ويقوم بأداء عمله في مسؤولية وأمانه وتجرد.. كشعوب الأرض الأخرى الذين يترقون في مدارج التقدم كل يوم.
اللهم إلا في حالات يكون على الدوله فيها تقديم الإعانة للبعض .. ولأسباب طبيعية ومعروفة .
وبدون ذلك.. ستصبح بلادنا ساحة لكل طامع وجائر ومغامر، مسنود بأحكام العالم الجديد والغريب في كل شيء.. والذي لا تحركه إلا مصالح رعاته وصانعيه.. الذين لا يرعون إلاً ولا ذمه للآخرين بل خدمه لمصالحهم فقط…
ومن هنا والفترة الانتقالية كمثيلاتها في أي مكان وعبر التاريخ..مثقلة بقضايا وتعقيدات.. والتي تشابه في حاله السودان خيوط حرير متعددة الالوان تشابكت.. وتحتاج إلى معرفه ودراية وصبر حتى إعادتها كامله وفرز خيوطها سالمه.. دون اتلافها بالتسرع وعدم الدرايه والمعرفه..
فإن من الأهمية بمكان،

  • اولاً، ضرورة عمل الجميع على انجاح الفترة الانتقالية مهما عظمت الخلافات في الرأي.. حتى لا يتحول الاختلاف إلى خلاف بين..
  • ثانيا ،العمل على تركيز الجهد في كيفية التوصل إلى رؤية وبصبر وانفتاح.. على تحقيق التراضي والإجماع الوطني .
  • ثالثا، يأتي دور القيادات العسكرية والمدنية والسياسية، والتي تضطلع بأعباء تنوء من حملها راسيات الجبال، ولكنه القدر وموعده الذي ضرب لهم، ووضعهم امام هذا التحدي، بعد فتره ثلاثين عاما بكل ما عليها من تعقيدات.. وما اكثرها.. لكنها بالتراضي والتوافق والعمل الجماعي ستجد حتما الطريق الى الحلول .
  • رابعا، فليكن تاريخ هذه الأيام المشبعه بعبق التاريخ البعيد الذي يمثله الاستقلال ..والقريب الذي تعطره دماء الشهداء .. والذي يفرض علينا المحافظه علي الإيجابيات التي تحققت في هذه الفتره الماضيه.. وأخذ العبره من السلبيات …
    ليكون كل ذلك حافزا ودافعا لمزيد من العمل الطويل والشاق، الذي قطعا تكون بداياته ونهاياته من الداخل، استعدادا وتهيئة لبلادنا لهذه المرحلة الدقيقة والحرجة، والتي تستوجب حشد الطاقات وحصرها وتأهيلها، مسنودة بعقد اجتماعي متراض عليه ، ويوضح جليا انه لا مجال للاختلاف في من يحكم.. بل كيف نحكم ؟ وذلك بتعزيز السبيل الى الحكم عبر صناديق اقتراع حره نزيه ومشهوده .
    فلتنطلق القيادة.. مجتمعه عسكرية , مدنية , سياسية وتتخذ من وصية احد الحكماء لأبنائه وهو على فراش الموت قائلا : اريد ان اوصيكم بوصيه ان عملتهم بها نجوتم ..(كونوا كالنجوم يهتدى بكم ..ولا تتوانوا في انفسكم.. فمن توانى في نفسه ضاع ..واقدمو على الامور، فأن في الاقدام على الامور اجتلابا للحظ.. والجسارة قرين الظفر)..
    ونزيد.. توشحوا بثوب السودان العريض، ولا تتوانى في تنظيمات ضيقة وافكار باليه وتجارب مضت.. فالمستقبل امام أبناء هذا الشعب الابي مشرقا.. وتاريخ الشعوب لا يقاس بالأيام والشهور والسنين..وانما بالعمل الصادق..فالأنفس والأرواح ذاهبه، ولكن تبقي الشعوب وتبقي الأرض..
    فانتم مسؤولون عن كل فرد مخطئ ام مصيب , معكم او ضدكم .
    اعملوا جاهدين حتى ترفعوا السودان وتحيلوه من حفر النيران الى اعالي الجنان.
    واكتبوا اسمائكم مع الخالدين من ابنائه البررة..الذين قادوه للوحدة والحرية والعدالة والسلام ..فالقوه تكمن في القدرة على المضي قدما بروح متسامحة وعادلة وحاسمة ..بدلا من روح منتقمة .
    واعلوا شعار سيدنا المسيح عليه السلام ” من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر “. وفقكــــــــــــم الله وسدد خطــــــاكم... عـــــاش الســـودان حـــراً ابيـــاً كريمــاً وعزيـــزاً....
  • الحــــــــــــزب الاتحـــــــــادي الديمقـــــــــراطي

اترك رد

error: Content is protected !!