بأىِّ حِبرٍ سيكتـبُ التأريخ تضحيات أبطالنا وقد رسموا أغلى وأجمل لوحات العزة والكرامة فى جدار الوطن ..!! فبلادنا تعيش منذ فجر الخميس لحظاتٍ تأريخية وهبَّة وطنية إستنهضت الوعى الجمعى ، وترنحاً للمليشيا الغادرة بعد أن تلقت ضربةً قاضية وهزيمةً قاسية أنهيا تأريخها القصير المشؤوم الذى كان كله إنتقام من الأبرياء وهمجية وبربرية وإبادة جماعية مع خزلان الأشقاء وصمت الأصدقاء .. فهذه الحرب رغم ما خلّفته من دمارٍ ومآسى إلاّ أنها ضبطت بوصلة أهل السودان تجاه الوطن الذى كادوا أن يتيهوا عنه .. ذلك الوطن الذى من أجله يتوقف كل شئ ولأجله يهون أىّّ شئ ، كما أنها كانت سبباً للتصالح مع المؤسسة العسكرية درع الوطن وسيفه ، والمؤسسة الأمنية عينه الساهرة ويده الأمينة .. وقد أبانت الحرب للمخدوعين من العوام والطامعين من الحكام أنّ الدولة المحترمة لا تحتاج إلى مليشيا لتحميها أو لتبنيها ..!! وتبين للجميع أنّ تدجين القوارض وتربية الحَيَّات مهما نَعُمَ ملمسها أو غطت جسدها بحفنةٍ من تراب الوطن تَقيَّة له خطورته .. فكما أن تربيتها عالية فكلفة القضاء عليها ستظل باهظة ، فها هى التجربة قد أكدت لنا أن المليشيا لم تحمى بلادنا ولا مؤسساتنا بل كانت مصدراً للإرهاب وأداةً للتدمير ، وكان علينا أن نخشى غوائلها فالعرق دساس والهوى غلاّب وذيل المليشيا لن يستقيم ولو عـلّقت عليه التمائم .
كما أن هذه الحرب الكاشفة قد أبانت لنا أن مكانة القوات المسلحة فى وجدان الشعب السودانى لاتزال عالية ومعصومة بحجم تضحياتها ، وأن ما إكتسبته من عِزة ومنعة وإلتفافٍ حولها بحُب كان بقدر ما قدمته من دماء وشهداء وتضحيات عظيمة حمايةً من أجل البلاد .. فهذه النهايات المرتقبة للحرب فرصة تأريخية لقواتنا المسلحة لإستيعاب الدرس القاسى من الإخفاقات والجراحات جيداً .. فهى تعلم أنها قد إرتكبت أخطاءًا تأريخية فى حق الوطن وأهله منذ الإطاحة بالنظام السابق حينما فشلت فى إدارة الفترة الإنتقالية ونقل السلطة بالطرق السلمية إلى حكومة ديموقراطية ترعاها وتصونها حتى تخرج البلاد من كبوتها .. وظلت فى موقفها المتردد إلى أن سجل التأريخ فى صفحاته السوداء أن آل دقلو ومليشيتهم من مرتزقة أفريقيا جنوب الصحراء أشعلوها حرباً مدمرة ووجهوا صفعة غادرة لقادة القوات المسلحة ، وإرتفعت الأصوات المُنكَرة التى دعت للحرب وخططت لها ووضعت دعائمها ونفخت فى لهيبها وأججت أتونها بالإساءة إلى قواتنا المسلحة والتقليل من شأنها بأنها عجزت عن تأمين نفسها ولا أمل فيها ولا رجاء ..
فكل الذى نأمله من قادتنا وحكامنا هو تقوية المؤسستان العسكرية والأمنية فلولاهما بعد توفيق الله وجهد المستنفرين لكنا الآن نُباع رقيقاً فى أسواق الساحل والصحراء ..!! ومن ثمّ التخفيف على المنكوبين بإعفاء كامل من الجمارك للإحتياجات المنزلة من المعدات الكهربائية بضوابط وشروط موضوعية وعادلة حتى يتمكن الناس من إعادة إعمار ما دمرته الحرب .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
إدريس عبدالله ليمان
الإثنين ٣٠ سبتمبر ٢٠٢٤م
.