ليمانيات / د. إدريس ليمان

لزوم ما يَلزَمْ .. !!

عندما يممت قيادة الدولة فى سنوات التيه وجهها شطر الكيان الصهيونى فى خطيئة سياسية إرتكبتها وتراجعت عنها لاحقاً وهى تطلب الود والتطبيع توهماً منها بإنَّ خروج بلادنا من مشكلاتها السياسية والإقتصادية والوصول للرفاهية والإستقرار لن يأتى إلاَّ عبر تلك البوابة كان المشهد العام حينها ملئٌ بِزَبَدِ الصَخَب واللغَط والمُخاشنات اللفظية بين الفُرقاء والرفاق ، فمنهم من كان يبحث خلف جدار الثورة عن رَنَّة العُود ومنهم من يبحث تحت ظلالها عن عن رَبَّة العُود ، ومنهم من يُحَدِّق بالفَرَس ومنهم من يغبِط الفارِس ومنهم من فقد تأثيره على المشهد فآثر الصمتَ والإعتزال وإكتفى بالتأمل فى روعة المشهد المُختَّل الذى أفضى إلى ما نحن عليه الآن ومن ثمّ أوصلنا إلى قاعة جوموكينياتا التى إجتمع فيها أُناسٌ بلغت بهم الوضاعة للدرجة التى لايرون فى إنتهاك سيادة السودان وإمتهان كرامته وإذلال أهله أى جُرمٍ أو خطيئة .. فكل إدعاءاتهم وتبريراتهم التى يَسوقونَها لتشكيل هذه الحكومة الضِرار والمتمثلة فى توفير الخدمات الأساسية وتسهيل المساعدات الإنسانية إنَّما هى محض ضلالات يُسَوِّقونَها وهم يستبطنون النيَّة فى الإنفصال ..!! فلم يُعرف عن قادة التمرد أى إلمام بإدارة الشأن العام وإدارة الدولة وبالنظم والإجراءات والقوانين الوطنية والدولية والعلاقات الأفقية مع المجتمع الدولى سوى شراء الذمم ، ولم يُعهد من مستشارى الهالك إلاَّ الكذب والتخبُّط وعبادة الوثن المليشى .. !! فلا الأمير دليل ولا المستشار مؤتمن .. !! فهل يُدرك أولئك البؤساء أنَّ تلك الأهداف المُدَّعاة هى حقوقاً حصرية للدولة السودانية ولحكومتها القائمة أيَّاً كانت بوصفها الكيان القانونى المعترف به لدى الأمم المتحدة والإتحاد الأفريقى والجامعة العربية وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية ..!!؟ ، وأمر هذه الحكومة الضِرار يتطلب موقفاً وطنياً جماعياً رافضاً لها .. فَأصابع الكيان الصهيونى الخبيث ظاهر فى هذه الطبخة الرديئة التى تُعد فى الموقد الكينى بأموال الدويلة .. وواهمٌ من يظن أن ذلك الكيان سوف يتركنا وشأننا ، فمخطط فصل إقليم دارفور ومن بعده شرق السودان وبقية الأقاليم قيد الإعداد بمحفلهم الحافل بكل المخازى للتنفيذ لاحقاً .. كما أنَّ الأمر يتطلب أيضاً حِراكَاً سياسياً ودبلوماسياً وإعلامياً لمحاصرتها وفضح دوافع ونيَّات وأهداف أطرافها المحليين ورُعاتها الإقليميين والدوليين .. ولن تُغامر أية دولة تحترم نفسها أو منظمة دولية تؤمن بمبادئها للإعتراف بهذه الحكومة الضِرار التى لم تجد حتى الإجماع حولها من القوى السياسية والمدنية التى إنبثقت منها .. والحمدلله لقد إرتفع مستوى الوعى الشعبى بهذا الخطر المُحدِق وإستشعار آثاره الكارثية الراجحة والتى يظنَّها البعض أمراً هيِّناً ( ولزوم ما لا يلزم ) قبل أن توغِل اليد الخارجية المتمثلة فى دولة الكيان تَحَكُّمها وسيطرتها على مقدرات بلادنا من وراء حجاب .. !!
وليعلم من ولاَّهم الله أمرنا ونحن نلتزم لهم بالسمع والطاعة ديانةً وعبادة أنّ أعظم أمر تفتخر به أى دولة هو قدرتها على التمتع بسيادة مطلقة على كامل أراضها وسمائها ، وأن التفريط فى ذلك عجزاً أو تماهياً يُعد خيانةً لأمانة الحُكم وسياسة الناس .. ونأمل منهم وهم من يملك القدرة والقوة والإلتفاف الشعبى ( المشروط ) العمل على مواجهة التحديَّات وقهر الصعاب وغلق الباب الذى فتحته المليشيا ومن معها على مصراعيه بمشاريعهم الخبيثة ومصالحهم الدنيئة ليكون حاضر السودان ومستقبله أكثر إستقراراً .
ومن عجائب الصراع السياسى فى دولة (٥٦) المفترى عليها والتى يرمونها بكل نقيصة ويهتفون بسقوطها أنه لايلتقط أنفاسه ولا يدع البسطاء من أهلها يلتقطون أنفاسهم أيضاً ، وهو كثير الفيضان ودائم الجريان كالنيل تماماً ولايعبأ بإستقامة الطريق أو تَعرُّجَاتها ومنحنياتها الحادة ويتنقل من من حالٍ إلى حال الأمر الذى أفقدنا الأمان والإستقرار ..!! وفى ظل هذا الوضع الشائه والشائك لن تعود لحياتنا السياسية والأمنية والإقتصادية عافيتها إلاَّ بإستفاقة نخبَويَّة حقيقية وقوية لِتُقَدَّر حجم ومفصلية الوضع الراهن لصيانة المجتمع السودانى من خطر الإنقسام المجتمعى ولحماية الدولة من خطر الإنقسام الجغرافى مهما كلَّف هذا الأمر من ثمن ومن تضحيات .. فالنخب الوطنية الحَقَّة لا تتوارى خلف مبادئها ولا تتسول بها .
وحفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الأربعاء ١٩ فبراير ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!