قضايا الانتقال الديمقراطي : التحديات الماثلة ( “20” قبل الأخيرة )
لن يفيد في مخاطبة المشهد الوطني، ومن ثم العالم:استمساكا بواقع دولي تاريخي اضحي متجاوزا، بوتيرة تشهد انحسارا يوميا لمفهوم السيادة الوطنية، بمدلولات عهد (ويستفاليا) الكلاسيكي، فقضايا الانسانيات العالمية اصبحت اليوم هي موضوعات السياسة الدولية المعاصرة، وهي حساسيات لا تفرضها كما يشاع الاجندات السياسية،بالضرورة و النوايا (التامرية) لحكومات الدول الغربية، بل هي بالغالب الاعم صدي صادقا، لشعوبها و مجتمعاتها وقواها المدنية الحية،التي قد تلتقي مصالح حكوماتها معها او قد لاتلتقي لتعبر عنها في النهاية سياسيا:بامانة اخلاقية او بذرائعية مصلحية، لاضير عندها بذلك، ولو وجدت طريقا للتنصل من هذة الاستحقاقات لماترددت، وهي في كلا الحالتين تساق رغم انوف القوي المتنفذة بالغرب او حتي ببلداننا نحو مستقبل انساني موحد للقيم والمعايير، قد تؤخر او تسارع توازنات القوي والمصالح الدولية من تشكله، ولكن الذي لاشك اطلاقا فيه هو ان النضال المشترك لقوي الانسانية الخيرة سيبلغ بها كمال دورتها التاريخية، والحصانة الامنية الراشدة والحصافة السياسية المتدبرة، تقتضي منا التعامل الايجابي مع المقولات التي ستنتجها هذة الحركية و القيم،لتصبح لغة ومفردات اصيلة في ادبنا وسلوكنا الديلوماسي، ليس من خلال:الممالاة (الايدلوجية) الزائفة او التدابير السلطوية (الاجرائية) او مراسم الاحتفاء (البروتوكولية) ولكن من خلال:تبني تثاقفي معرفي لهذة القضايا والموضوعات،التي لو كنا نعلم من منطلق الرمزية النظرية:هي جوهر لو شئنا الرسالة الاسلامية العالمية، وتصالح واتساق مع مرجعيتها الفكرية ببعدها الانساني التقدمي ومن بعد،جملة مصالح استراتيجية ثقافية و اقتصادية وسياسية،بفعلهما راجحة تتعامل البشرية وفقها علي سوية وقسط…ثم لن يفيد المشهد الوطني من وجه اخر متصل ببعده الخارجي مخاطبة قضاياهما من خلال استحضار مكرور وسقيم:لنظريات المؤامرة والعالم العدو، والاستهداف الكوني،وهي اشكالية نمطية مفتعلة تقتضي مراجعة تعيد تاسيس المقولة (الاسلاموية) التقليدية بوحي من اسئلة التحديات الخارجية البراغماتية المتجددة، وبصورة تبدل ماطبعت به زمانا (انقاذيا) متطاولا عناصر سلوكها ورؤيتها الدبلوماسية للغرب كيانا،بنسخة بشرية و ثقافية جينية وفكروية واحدة، تستعصي علي امكانات الفهم ومحاولات التاثير، لانها تتعامل مع ناتج مؤسساته السياسية والاعلامية المتنفذ، ولاتلقي بالا (لديناميات) فاعلية اخري تصنعها الشعوب وقواها الحية التي تعتمل بمقومات التغيير، فهنالك بون شاسع بين ارادة التسلط (الامبريالي) التي تحكم الشروط الخاصة بعمل هذة المؤسسات التي قد تصل بها المضاربة المصلحية لحدود الانسلاخ عن تمثيل التطلعات المشروعة لقواعدها الحزبية الانتخابية والروح التاريخية لراسخ افكارها التقليدية التي تعبر عنها احيانا هذة الشعوب ومنظماتها المدنية ليوصلها المضي قدما بهذا التراكم التحرري لحدود تعديل او تصحيح هذة السطوة علي احتمالات نضالية اكثر انفتاحا علي المستقبل الانساني الديمقراطي من الخطأ الجسيم، الاستمرارية دون تقييم في ايقاع الخطاب الخارجي في نفس المقابلة السابقة البائدة، التي تصل لحد المطابقة الحرفية بين المؤسسة الغربية الرسمية المتنقذة والشعبية الضاغطة بحيث لايصدر تجاههما: الا لغة وفعل واحد، يكون مدخلهما التعانف العدواني…ومن الحكمة المستحية في هذا الخطاب المامول و المشمول بالمواجعة بطور سني الانتقال القادمات الجديد، ان يقيم التمييز الايحابي بينهما كمجالين مستقليين، حتي يحسن التعامل معهما بصورة تعزز خطابه تجاههما بلغة وفعل متعدد يكون مدخلهما التسالم التدافعي، حتي يعبرا كل واحد منهما او كليهما عن مصالح المرتجي في محاصرة ظاهرات الهيمنة من طرف، والعنف والتطرف من كلا الطرفين، وذلك من اجل اصحاح جديد لمعادلة العلاقات الدولية، تقوم علي الحوار الحضاري بديلا عن الصراع الحضاري واعادة الاعتبار للافكار الاصلاحية داخل مؤسسات السياسة الخارجية والمنظمات الاممية بعد نظريات (فوكومايا) الراديكالية المعممة بنهاية التاريخ، ومختتمه وقفا غير جدليا ولاعلميا بالمخالفة لمنطقه:لنظام عالمي احادي ومقولات تروج لاستعاضة نظريات (الايدلوجيات) الكبري بتطبيقات (المصالح) العظمي، والتي تتعرض اليوم لامتحان عسير بتداعيات الازمات الكارثية: المالية والانسانية والصحية، علي المستويين الوطني والدولي والتي تضع عشرات الاسئلة امام لاعلان النهائي لانتصار نظرية السوق الحر، والتي تضطر يوميا للتراجع عن نسختها الليبرالية المشددة عبر التدخلات الحمائية السياسية والاجتماعية لمعالجة الاختلالات الهيكلية و البنيوية بالاقتصاديات الوطنية والعالمية عبر اجهزة ومؤسسات الدول والامم المتحدة و منظماتها، وذلك لمجابهة اثار الازمات والنكبات (المعولمة) المتعاظم، وهذا مما يقدح بلا ادني شك في الصوابية المطلقة لوسائل ومناهج الليبرالية (الحرفية) ببعدها الصوري وروحها الا اجتماعي.
التي ترفض وتتشكك بصدقية اي امتداد لها متدخل بالتخطيط الموجه او الممركز لحرية اقتصاد الاسواق الوطنية والعابرة ، وتبادلات تجارتها الداخلية والدولية، وهو ما نشهد بالحال الراهن، تراجعا اوتعديلا لانماط عملها حتي تواكب التطورات الاجتماعية و الاقتصادية وتحاصرها بالحلول الاسعافية والعاجلة، والتي ليست من صميم دورها، وتتم بالمخالفة لدورها النصي كما جاءت بمبادئ: (دعه يعمل، دعه يمر، كما جسدتها:حرية العرض والطلب) وكما اكدت بمستوي اخر الانهيارات المتتالية لاسواق المال والاسهم، ضعفاً في بناءاتها النظرية، وقصوراً في تعويلها علي مفهوم احادي ومتجاوز، بفعل التسارع التقني لدلالات رأس المال وعلاقته بتحولات حركية الانتاج وفائض القيمة، فرأس المال لم يعد يتحدد فقط يبقيمته الحقيقية المادية، ودوره كمستودع لها، والية تبادلية بالاسواق التقليدية هنالك راس مال اخر قد يكون رمزيا:باسهم بورصة اوسندات ورقية، ليس لها بالضرورة: (مقابل عيني اواصول نقدية) وهي بالاساس (تتحرك بالتدوال المضارب) ممايودي لتفرد في اداتها وقيمتها وطبيعتها الانتاجية التي تتحرك كلها في مجالات افتراضية قد لا يكون لها وجود بارض الواقع، بل التطور المتلاحق يتجه بها نحو التجارة والعملات الرقمية، مما سيحدث ثورة في تعريف عوامل النظرية الاقتصادية نحو توصيف مغاير:للنقد قيمتة وفائضه، للسوق والمنتج وطبيعتهما التبادلية التسلعية، ولعلاقات العمل ودرجة اعتماديتها البشرية او التقنية، ومن ثم لمديات صلة كل ذلك بالاقتصاد الافتراضي، بعوالمه الاثيرية، واثرهما لما ينبغي ان يراعي حسابه بالسياسات الخارجية للانتقال، والتي يجب ان ترفد بجناح اخر مكمل لها، مما اهمل بالعهد السابق، الا وهي دبلوماسية التنمية، لجهل و تراخي ومحدودية فكروية بمحاور نفوذ سياسية وتكبيل بتحالفات منفعة طفيلية منتهبة وافساد ممنهج ولكن ايضا بحصار وخيارات اقتصادية وتقنية خانقة ومتخلفة هذة الدبلوماسية بالانتقال تمتلك رصيد اخلاقيات الثورة وما انجزت (شكلا واجراءا) ومايطمح في استكماله (وعيا وموضوعا) من ليبراليات سياسية واقتصادية، ومما يامل المضي به سياسات خارجية متوازنة مستقلة تستعمل اللغة التصاعدية لاجندة الحرية مترافقة مع الحديث للعالم عن تعزيز الافاق الاقتصادية للناس والمجتمع الاهلي، فالكلمة الاساس، هي الكرامة الانسانية لا الهوس فقط بالديمقراطية (الصورية) المتحالفة مع بعض الانظمة الغربية، فالافضل من ذلك وعوضا عنه بناء ديمقراطية اكثر اجتماعية لاتقف هذة النظم ضدها، تلبي حاجات الناس الاقتصادية وعندما تتحق تطلعات الافراد الثقافية حولها يمكن ان يمهد ذلك الطريق، بالعمل الدؤوب مع المجتمع الدولي لنشوء صميم للانظمة الديمقراطية… انها نظرة عضوية متدرجة الي التنمية الديمقراطية تجعلها تمثل: وسطا اكثر يسارية، وليبرالية اكثر تقدمية، وتمثل بذلك مدرسة يحتاجها الجهد الخارجي للانتقال يستصحب بقوة مفهومي:الواقعية الاصلاحية و(البراغماتية) العقلانية بروحيهما المتفائلة في التعامل مع مجتمعاتها والعالم باعتباره موضوعا تاريخيا قابل للتحليل والتاثير عليه كونه يتشكل من مجموعة من الافكار و المصالح والامزجة السياسية التي يمكن التفاعل معها، وذلك في وجه (الرومانسية) الثورية التعميمية بحدياتها (الايدلوجية) التي تتعامل مع المجتمع والعالم ككتلة لا تاريخية ليس لها من حظوظ امكانات التغيير بدفع قواها الثقافية الذاتية الحية وبتدافعها التثاقفي، بسياسة وعلاقة دولية لانتقال حكيمة وراشدة، مع قوي محيطها الخارحي الحي، وان لايسوقه تدبيره السئ وخياره المفكرن، ان يقع بين نصيبي الشر المطلق او الخير المطلق، علي ما في تلك النظرة من استعلاء ينتظر قدر الهيمنة الكونية الاعمي الذي يصادر حقه في الحرية، وتملئ عليه اختياراتها فقط بوطء القوة العسكرية الغاشمة عوضاعن مستنير عواملها المختلفة لانموذجها المعرفي:الثقافي الاجتماعي الاقتصادي التي يمكن وانطلاقا من تبصر ثوري لعناصر انتقالها ان يصار بها بعوامل قوة استدامة ديمقراطية لبناء مستقبل موحد بالسياسة الخارحية للقيم والمعايير الكونية العادلة، وهي ستكون دعوة مرتجاة ومامولة، ياسس لها من ضمن مهام وتحديات التحول علي صعده الدوليه، لاحرار واخيار العالم ومستنيري الانسانية لتحالف الشمول التوحيدي والتكامل الوظيفي و التعدد المعرفي في النظر لقضايا الانسان و العالم، وربما ماهو دونه او اعلي منه من ما يحتاج الي بحث واغناء حواري ثم تطوير في المناهج والسياسات، التي لا تقسم العالم الي محاور ال مع والضد المطلق بل تجاذبات الممكن النسبي، فمفاهيم: كالعنف والتطرف و الارهاب بل وحتي احلاف الاقليم والعالم متحولة متغيرة، وينبغي ان يكون مصدر تعريفها والموقف منها مبعثها الداخل المنيع بتماسك وحدته ونظره الاستراتيجي الثاقب ومصالحه العليا الاكيد، المحصنة له من اي اختراق…فهي بالنهاية مفاهيم واحلاف: لكيانات ومجموعات تحركها السلطة والجشع بقدر ماتحركه (الايدلوجيا) الصرفة، الامر الذي لايمكن خلخلته الا بالسياسة والحراك السلمي (الدبلوماسي)…>>>يتبع.
( انتهي في السادس من أبريل 2021. )
• كاتب صحفي وباحث في مجال دراسات السلام والتنمية.
• عضو مؤسس لحركة تضامن من اجل الديمقراطية والعدالة الإجتماعية..