
ملتقى رجال الاعمال السودانيين والمصريين أحد المبادرات المهمة لإعادة اعمار السودان.
توجد ضرورة للتحول من الأفكار النظرية لتطبيقات عملية.
لا بد من اعلام متخصص للتبشير بالتكامل ومشروعات إعادة الاعمار.
سفير السودان بالقاهرة ومندوبه لدى الجامعة العربية الفريق أول ركن مهندس عماد الدين عدوي، والسيد/ نصر الدين حسن العضو المنتدب والمدير التنفيذي للشركة المصرية السودانية وجها الدعوة للورش التحضيرية لملتقى رجال الأعمال السودانيين والمصريين، وكان أخراها الورشة التي انعقدت يوم أمس الأحد 27 أكتوبر 2025 بمركز المنارة للمؤتمرات الفخيم، وسط حضور كبير ومقدر من رجال الاعمال السودانيين والمصريين، ومشاركة مقدرة من السيد والي الولاية الشمالية الفريق ركن عبد الرحمن عبد الحميد وأعضاء حكومته.
جلسنا وتفاكرنا ونقنقنا كما قال المرحوم عمر الحاج موسى، وخرجنا بخلاصات مهمة ومفيدة. الموضوع الأول الذي دار حوله النقاش كان متعلقاً بآليات تنفيذ إعادة الاعمار، وفيه تم الاتفاق على ضرورة قيام صندوق للإعمار بقانون. لقد سلمت سكرتارية الورشة التحضيرية مذكرة مكتوبة في هذا الشأن لم تتح لي الفرصة لعرضها ومناقشتها، ويبدو لي أن من المفيد تلخيصها هنا.
لا يكفي في تقديري قيام الصندوق فحسب إنما هناك حاجة لآليات أخرى يوضحها مقترحي التفصيلي كالاتي: –
اصدار امر دستوري بشأن اللجنة الموحدة للإعمار ونطاق اعمالها وبيان تقاطعاتها مع أجهزة الدولة المختلفة.
اصدار قانون اعادة الاعمار.
انشاء صندوق اعادة الاعمار بقانون.
اصدار دليل خسائر الحرب (الافراد/القطاع الخاص/القطاع الاهلي/منشئات اجنبية / منشئات الدولة). باستخدام أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي وصور الأقمار الاصطناعية.
انشاء بنك الاعمار القومي وانشاء المحافظ التمويلية المصرفية لإعادة الاعمار.
انشاء صناديق الاستثمار الموجهة للإعمار.
صياغة خطة عمل واضحة لتعزيز دور الدبلوماسية الشعبية في الاعمار.
تكوين لجنة مختصة لتحديد مشروعات التكامل الاقتصادي والامني والاجتماعي والثقافي وفق اسس حديثة مع دول الاقليم تراعي المصلحة العليا للوطن.
تكوين المجلس الاستشاري للعلاقات الخارجية.
إنشاء مجموعة عمل لمتابعة الية الحصول على تعويضات مناسبة من الدول والمجموعات المتسببة في الحرب على السودان.
إنشاء آلية إعلامية خاصة لتقوية دور الاعلام المساند لإعادة الاعمار من خلال وسائل الاعلام الحديثة.
تكوين المجلس الأعلى للبيئة لتطوير استراتيجية مراعية للبيئة والتغيرات المناخية وداعمة للطاقات المتجددة.
الموضوع الثاني الذي دار حوله النقاش هو الربط اللوجستي بين مصر والسودان، الحاضر والمستقبل، وتطرق فيه الحديث للطرق والمعابر والموانئ البحرية والنهرية، تم تناول الوضع الراهن حيث اتضح أن المعابر والطرق من الجانب المصري ممتازة ومن الجانب السوداني تفتقر للخدمات الأساسية، وللقوة البشرية التي يمكن أن تكافئ القوة الموجودة في الجانب المصري لهذا تتكدس الشاحنات في المعابر السودانية بعد خروجها من المعابر المصرية.
الجانب المهم والذي لم يتم نقاشه هو اننا إذا كنا نتحدث عن خسائر أحدثتها المليشيا المتمردة بقيمة تقدر ما بين 500 مليار دولار الى 700 مليار دولار فإن عمليات إعادة الاعمار تتطلب توسيع القدرة الاستيعابية للاقتصاد السوداني بداية بقطاع البنية التحتية في النقل، والطرق، والجسور والموانئ. إن الموانئ والطرق السودانية والسكة حديد السودانية في وضعها الحالي ليس بإمكانها استيعاب حركة ملايين الاطنان من الأسمنت والحديد ومواد البناء الأخرى المطلوب توريدها من الخارج لعمليات إعادة الاعمار، ناهيك عن الاحتياجات المتزايدة في مجال المواد البترولية والاسمدة والمواد الغذائية. لهذا فإن الدعوة المناسبة هي لاستثمارات كبرى وشراكات استراتيجية في مجال البنيات التحتية للنقل تستصحب رؤية افريقيا 2063 في المجال، واستراتيجية الحزام والطريق الصينية.
في الورشة التحضيرية التي انعقدت أمس شارك عدد من الإعلاميين البارزين، تحدث المهندس عثمان ميرغني مكرراً رؤيته التي عبر عنها مراراً وهي انه يجب أن نتحدث عن الاعمار من أول وجديد وليس عن إعادة الاعمار، لأنه لم يكن هناك شيء قبل الحرب حسب رؤيته. وهذه في الحقيقة مغالطة للواقع، لأن بالسودان بنيات ومنشئات عظيمة منذ الحكومة الوطنية الأولى 1954 أبرزها السدود المائية العظيمة في سنار والروصيرص ومروي وأعالي نهر عطبرة وستيت، وصوامع الغلال الشامخة في القضارف وبورتسودان، وعشرات الجسور على الأنهر الرئيسية وآلاف الكيلومترات من الطرق، وآلاف الكيلومترات من شبكات الكهرباء وعشرات المطارات وغيرها.
ان البنية التحتية في جمهورية مصر شيء يفخر به، ولكن لا يمكن أن نضع صفر كبير مقابلها كتقييم للبنية التحتية في السودان، يبدو أن للغبن السياسي أثراً في نظرة المهندس عثمان ميرغني هذه.
البروفيسور عبد اللطيف البوني طالب بأن تسلم المؤسسات المصرية ليس مرحلة التنفيذ فحسب وإنما مرحلة تصميم المشروعات أيضاً، بالطبع هذا وارد في بعض المشروعات ذات المعايير الدولية كالطرق والموانئ وشبكات الصرف الصحي وغيرها، ولكن فيما يتعلق بمساكن المواطنين مثلاً، ومرافق الخدمات كالتعليم والصحة الى آخره لا بد من استصحاب البيئة المحلية وهذه يقدرها المهندسون السودانيون بصورة أفضل.
الأستاذ عاصم البلال أشار لأهمية وجود اعلاميين متخصصين في الشأن الاقتصادي للتبشير بالتكامل وبعمليات إعادة الاعمار. نؤيده في هذه الرؤية ونطلب من السفارة والشركة المصرية السودانية رعاية تدريب اعلاميين اقتصاديين متخصصين.
السيد السفير عماد عدوي قال في مداخلته ان مهمة السفارة ذات شقين الأول هو التواصل مع المؤسسات المصرية الراغبة الدخول في عمليات أعاد الاعمار، والثاني نقل الأفكار والمشروعات للمؤسسات السودانية. هذه في الحقيقة مهمة كبيرة جداً وعظيمة، ونحن على يقين أن طاقم السفارة وحدها، مع كثير الاحترام، لا يستطيع القيام بها ولا بد من الاستعانة بمراكز البحوث والدراسات السودانية والعلماء السودانيين الموجودين بالقاهرة لإنجاز هذه المهمة وذلك على نحو مؤسسي وليس بأسلوب اللقاءات العابرة، وأؤيد في هذا الصدد ما عبر عنه وزير المالية بالولاية الشمالية والذي قال: (إذا لم تكن هناك متابعة جادة فإننا سنعود العام القادم لنناقش نفس الموضوعات).
طلبات القطاع الخاص الجديرة بالنظر من قبل الحكومة المصرية والسفارة تتمثل في اعتماد القائمة البيضاء لرجال الاعمال السودانيين بحيث يتم تسهيل حصولهم على تأشيرة الدخول لمصر، واعتماد التحويلات البنكية بالدولار الحسابي بين مصر والسودان.
نشكر للشركة المصرية السودانية ومديرها الهمام نصر الدين حسن وطاقمها المتميز الاستضافة المتميزة والفخمة، ولا يغيب عن بالهم بالطبع (المحتوى)، لا بد أن ترعى الشركة وحدة علمية متخصصة في مجال دراسات ومشروعات التكامل، تعمل على نحو وثيق مع السفارة بالقاهرة، والوزارات الحكومية بالسودان، والوزارات ذات الصلة بالولاية الشمالية. والله الموفق.





