د. إدريس ليمان
أعذرينا يا زهرة المدائن .. وتَقبَّلى إنكسارنا وإنطواءنا يا غزة .. فقد أتانا ما شغلنا عنكم وإبتلانا بغزاة قدموا من جنوب الصحراء طمعوا فى غفلتنا وتغلغلوا فى مفاصل دولتنا ، وأشاعوا في أهلها الخوف ، وأجاعوهم من بعد شبع وروَّعوهم من بعد أمن ، ولكننا موقنون من نصر الله فإن الله لايُصلح عمل المُفسدين .. ونعلمُ يا غزَّة أنَّكِ لا تصرخين ..!! ونعلم يا أقصى أنَّكَ لا تُنادى .. !! فلكم صَرَختُم ولكم ناديتُم ولم يرتَّدُ إليكم إلاَّ الصدى إذ لا يستجيب المَوتَى ولا يَسمَعُ الصُمُّ الدُعاء .. ( فمُفَرِّقتنا العربية ) لم تَكنْ جامِعةً لنا طوال تأريخها الملئ بالمخازى فصبراً وعذراً .. ولكأننا ياقُدسُ نرى من حُجُب الغيب الفاروق عمر رضى الله عنه يدخل إليك من أبوابك السبعة فاتحاً منتصراً يفيض إيماناً ونصراً وفى يده مفتاح الأقصى وعهدته الخالدة .. ولكأننا ياغزة هاشم نرى كرائم بنى هاشم تُجبى إليك محبةً وإكراماً ، فأبناؤكِ لايرضون الدنيَّة فى دينهم ولا فى أرضهم ودمائهم وأعراضهم ، ولن يضرهم من خذلهم من الأعراب الأشد نفاقاً ، فهم أنبل ظاهرة كفاح .. أمَّا يهود فتعرف أنها أجبن من القتال صفاً كالبنيان المرصوص فلم يُعرف عنهم إلاَّ القتال فى القرى المحصَّنة ومن وراء الجُدُر والمُسيَّرات والمُقاتِلات .. و يَهود أصغر وأضعف من أن ينالوا من عيون أطفالكِ يا غزَّة أو يروا فيها الهزيمة .. فأنتِ يا قُدسُ قوية برجالك فقد شَمَختِ وحدك يازهرة المدائن حينما إنبطحت المدائن بأهلها .. وأنتِ يا غزَّة عزيزة بأبطالكِ و متألقة بشبابكِ .. فأمضى فى طريقك ولاتبتغى من حكامنا النُصرة ورفع اللواء فقد ماتت فيهم قبل الحياة الشهامة والمروءة .. أمَّا الرجولة فلم يبقى من رسمها إلاَّ خيالات مآتة يظنها الطير ( رجالاً ) فإن إقترب منها حَطَّ عليها وأكل منها وشبع ..!!
أعذرينا يا قُدسُ وأُعذرينا يا غزَّة فإن خذَلتنا عنكِ بُعد الشُقَّة وقلة حيلتنا وهواننا ، فلن تخذلك دعواتنا الصادقة وحروفنا العاجزة .. والغضب الساطع آتٍ لا محالة فلمن ستَغضب الأمة إن لم يكن إلاََكِما .. اللهم نصرك الذى وعدت اللهم نصرك الذى وعدت .