شهد مركز الشهيدة سلمى لأمراض وجراحة الكلى بالخرطوم يوم أمس صورة من صور الإنسانية الحقة حيث تبرعت الماجدة دعاء إبراهيم كوة بكليتها لشقيقها مصطفى الذى أصيب بالفشل الكلوى والى هذه اللحظة يمكن أن يكون الأمر فى غاية البساطة لكن مصدر الدهشة أن الماجدة دعاء لم تبلغ من العمر تسعة عشر عام أصرت أن تتبرع بإحدى كليتيها بكامل إرادتها بلتقائية وطواعية لأن قلبها لم يحتمل أن تر شقيقها يعانى آلام الفشل الكلوى وقد نالت شرف أن تقاسمه ألم العملية وتهديه كليتها ليكون جزء من جسمها ينبض فى جسد أخيها لتمنحه الصحة والعافية ولو إحتاج أخيها أن تمنحة إحدى عينيها لفعلت من دون تردد لله درك يا دعاء.
والدا المتبرعة والمتبرع له الأستاذ إبراهيم كوة مدير قسم الولايات بشركة قمارى لتوزيع الصحف (سابقا) والأستاذة أم زين المعلمة ومربية الأجيال ضربا أروع الأمثال فى الصبر والثبات وقوة الإيمان وهما يمثلان قمة من قمم الصبر والمصابرة وهم يودعا فلذتى كبديها وهم يدخلان الى غرفة العملية ليمنح كل منها الآخر جزء من جسمه وإن دل هذا إن ما يدل على حسن التربية والإيثار الممزوج بالتضحية وفوق هذا وذاك يعكس روح التكافل الأخوى وبث روح الأخاء وزراعة بذور الأمل بأن الدنيا ما زالت بخيرها وأن هناك إخوة يضربون أروع الأمثال فى التضحية.
بالرغم من إرتفاع درجات الحرارة خارج أسوار مركز دكتورة سلمى فى نهار رمضان فإن هناك أنهار من دفء الأخوة الصادق داخل غرفة العمليات وكم كانت الفرحة جد لكبيرة حينما أعلن الفريق الطبى المعالج عن نجاح عملية نقل كلية دعاء لشقيقها مصطفى فسالت دموع الفرح تسبقها الدعوات بعاجل الشفاء للمتبرعة دعاء وكامل الشفاء للمريض مصطفى وقد تبادل الحضور التهانى بنجاح هذه العملية التى تعد ضرب من ضروب الإنسانية الحقة تحت عنوان (سنشد عضدك بأخيك) ويبقى الأخ هو سيف من العز لمواجهة نوائب الدهر ومهما كانت الظروف يظل الأخ هو ركيزة من ركائز الحياة وتكون المسافة بين الأخ وأخيه همسة مسافة أقل من الصفر فالأخاء ليس مظهر إجتماعى بقدر ما أن الأخاء مواقف وشرف ورجولة ولو مثل (رجولة) دعاء.
عضوا بالنواجز على إخوانكم وتفقدوهم وتفقدوا أحوالهم فالأخ هو جزء من النفس وجزء من كل وكل من جزء أصفحوا عن من أخطأ فى حقكم وتسامحوا وتساموا عن الصغائر فالحياة أقصر من أن نقضيها فى تصفية حسابات شخصية فقد تأتى لحظة تفقد فيها أخيك وتندم على عدم إستقلال لحظات وجوده وحينها لا ينفع الندم ولا تجدى أن تضع قبلة على خدود أخيك وهو جسد مسجى ووقتها لا يستمع الى إعتذارك وكم تتمنى لو عاد الى الحياة للحظة واحدة فقط لكن هيهات فمن الأفضل أن نبدأ رحلة التصالح والمصالحة بين الإخوة والأشقاء و(ضهر أبوك ما بجيب ليك عدو) ولا تجعلوا أخوانكم مثل عربات الإسعاف يتم الإتصال بهم ساعة الحوجة فقط.
نـــــــــــــص شـــــــوكــة
راجعوا حساباتكم فمسرح الحياة لا يقبل الأدوار التجريبة فكل دور فى مسرح الحياة يكون مباشر ولا يقبل الإعادة بأى حال من الأحوال.
ربــــــــــع شـــــــوكـة
الأخوان سلاح وفاقد السلاح مهزوم.