ليمانيات / د. إدريس ليمان

زيف المعتقد المليشى البائس لايحتاج لبرهان ..!!

بِضعٌ وثمانون ألف أسرة وصلت إلى مدينة الفاشر خلال الأيام الماضية ، ومثل هذا العدد هائمٌ على وجهه ما بين طويلة ومعسكر أبو شوك وريفى زمزم والأحياء الشمالية الغربية بالفاشر وقد تقطعت بهم السبل هرباً من الجحيم ومن غدر المليشيا ، ونزح الآلاف إلى طويلة وغيرها من مناطق سيطرة المليشيا كالمستجير من الرمضاء بالنار .. هكذا تُحدثنا الأخبار .. !! ولكن من يُخبر رواتها أن ما أوردوه فى منابرهم الإعلامية ليست أرقاماً أو مجرد إحصاءات ..!!؟ من يخبرهم أنها ليالٍ من السَمَر البَرئ للأطفال تحت ضوء القمر قد فُقِدت ، وضحكاتٍ ولثغاتٍ بريئة بين الأقران قد وئِدتْ ، وأحلامٍ قد تلاشت وأمنياتٍ قد قُبِرتْ ، وأسماءٍ وتواريخ ميلادٍ قد ضاعت ..!!؟ منْ يُخبِرهم ذلك مَنْ !!؟ فما يحدث الآن فى الفاشر ليس مجرد عناوينَ للأخبار بل إختبارٌ للأخلاقِ ولكُلُّ من يَدَّعى الدفاع عن حقوق الإنسان ..!!
إنَّ هذا الحصار الظالم الذى فرضه العدو الظالم على أهل الفاشر وهذا التجويع هو إمتدادٌ لأساليب الأشقياء من أتباعِ إبليس على مرَّ التأريخ فى محاربة أهل الحقِّ والإستقامة ، يلجأون إليه عندما لايتمكنون من مقابلة البأس بالبأس والرجولة بالرجولة والمواجهة بالمواجهة ..!! وهو ذات مالاقاه المسلمون الأوائل من حصارٍ إجتماعى وإقتصادى ونفسى وغِلٍّ وكراهية ومكائد ، وهو ذاته ما يعانى منه الأبرياء المعتدى عليهم فى كل زمان ..!! لكن سنة الله فى إهلاك الظالمين المجرمين ستمضى مهما كانت التحديَّات والصعاب ، ومهما كانت قدرات المليشيا وهمجيتها .. ومهما ظنّ أهلنا فى زمزم وغيرها أن الأرض قد ضاقت عليهم بما رَحُبَتْ ..!! فيقيننا أنهم سيخرجون من تحت الركام وسينفضون عنهم غبار الحرب فوعد الله آتٍ ونصره قريب .. فأهل الفاشر لايستعجلون الزمن ولايستبطأون النصر .. فهم من سبجعلون من هذا الثبات والصمود الأسطورى سلاحاً أقوى من آلة الحرب الظالمة .. فهذه المدينة المنكوبة ليست رقعة جغرافية محاصرة فى أقاصى البلاد بل هى رمزاً للكرامة والصمود .!! نعم إنها تُقصف الآن لكنها لم ولن تُهزم .. نعم إنها تُحاصر الآن لكنها لم ولن تستسلم .. نعم إنها تجوع الآن لكنها تُصِرّّ على الحياة رغم إنعدام أسباب الحياة وغلاء الأسعار .. !! وإنها تعيش فى زمنٍ تخلّى فيه العالم عن إنسانيته فمن نجا من أهلها من الموت قصفاً مات جوعاً وقهراً .. ومات عجزاً عن الإستشفاء ..!! وواهمٌ جداً من يعتقد أنه بالقتل والتجويع والتهجير يُحرز لنفسه أمناً أوسلاماً مستديماً أوحُكماً على حساب الآخرين ، وواهمٌ من يَظُنّ أنَّ الزيف المليشى يحتاج لدليلٍ أو برهان .
نعم أنَّ أمر الحرب شأنٌ عظيمٌ لاشك فى ذلك ، وربما كانت ستبدو منطقية لوكانت بين القوات المسلحة وبين المليشيا الغادرة بغض النظر عن شرعيتها أو ظُلمها ولكنْ أن يتفنن المجرمون فى إيذاء هذا الإنسان السودانى المسالم وإيلامه وجعله يقاسى ويلاتهم وغدراتهم وفجراتهم وهو الأعزل إلاّ من إيمانه بربه وأخلاقه الكريمة وسودانيته والإستهانة بكرامته هو العارُ بعينه من أهل الخزى والعار ..!! فعهدنا بهم كُلّما إشتد أنين النساء والأطفال كلما إزدادوا تعنتَّاً وصَلَفَاً وفجوراً وإجراماً .. !! وكلما كَبُرت المأساة شعروا بالزهو والنشوة والنصر على أولئك النسوة والعجزة من كبار السن الذين يزداد تَمَسُكّهم بوطنٍ جريح تطحنه وتطحنهم رحى الحرب ، فكان شرف الموت فى ساحات والوغى خياراً للشهيدة هنادى وصويحباتها من أن يعُشنَ حياةًٍ ذليلة كُلُّ شئٌ فيها قابلٌ للبيع حتى الضمير الإنسانى ..!!
إنّ هذا العدو الذى غَدَر بِنا جبانٌ جبان ، وكلما رأى صمود هذا الإنسان السودانى الكريم كلما أوقن من هزيمته وفشله وإزداد فى تعنته وإصراره فى صنع إنتصار خائب لم يستطع أن يبلغه بقوته وخيله ورجله عندما كان يقيم حفلات الجُبن والخزى فى بيوت المواطنين ويغنى لكروزراته محبوبة الدّعامة فنراه يلجأُ الآن إلى المسيّرات التى يدمر بها البنية التحتية للدولة السودانية ، وإلى الحصار وإغلاق منافذ الحياة على أهل الفاشر ظَنَّاً منه أن الحصار والتجويع سيجعل من أهلها يطأطؤون رؤوسهم ، ولكن الفاشر بثباتِ أهلها خَذلَتْ هذا الظَنَّ وكتبت بدماء هنادى وإخوتها سطراً جديداً فى سِفر الصمود الإنسانى والكرامة الوطنية .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
الأربعاء ١٦ أبريل ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!