أسوأ ما أنتجته هذه الحرب اللعينة التى كادت أن تُكمل العام ، وأسوأ ما خَلَّفته أنها جَعَلَتْ بلادنا وديارنا ونفوسنا مراتِعَ للخيبة والإنكسار بعد أن إستَغَلَّ أشباه الرجال عُشَّاق الخُصَلْ غفلَتَنا وغفلة حُكامنا فآذونا وأذَّلونا ولم يستبقوا لنا غيرَ مرارة الإحساس بِذُّلَ الإكراه على إبتلاع مرارةِ الفجيعة والموت فى المهاجر والملاجئ والمنافي حسرةً وقهراً على ما صارت إليه بلادنا وأحوالنا ، وخشيةً مما يُخبِئه لنا القدر فى متاهات الحياة ومركِبات المُهَرِّبين وإذلال المفوضية السامية لشئون اللاجئين ..!! فلا ندرى كيف نحزن عليك يا وطنى ..!! ؟ وبأية لغة ..!!؟ حيث لم يَعُدْ للكلمات ما نَجْبُر به *أنَّةَ المجروح* و *نُطَيِّب به خاطرك الغالى*..!! وكيف نتأسَّى على ما آلتْ إليه الأوضاع المُثقَلة بجراح الخَيبَة وتَوارِى الأمل ..!!؟ حيث لم يّعُد للموت ما كان له من المهابة والجلال أو هكذا يتَبَدَّى لنا ..!! ونحن نتعَرَّى ونتَمَرَّغ فى أوحَالْ الدقلوقراطيين الذين أغلقوا أمامنا كُلّ فضاءات المستقبل قهراً وقسراً فى تحَدٍّ سافرٍ لحقائق التأريخ والجغرافيا السياسة ، وإستهتار موغل فى الإستفراز بدولتنا التى أضحت وكأنها لابصيرةَ لها ولا بُرهان ..!! ورغم كُلّ ذلك كُنتُ أتوهم أنَّ للأحزانِ حدوداً ، وللدموع فواصلاً ، وللمآسى منازلاً حتى رأيتُ كريمات الرجل الغريب عن أهل الحىِّ رَحِمَاً ونسبَاً ، القريبُ منهم خُلُقاً وسمتاً ، والذى شيعته قلوب أهل الحى قبل تُشيعه أقدامهم حيثُ إنتقل إلى الرفيق الأعلى فى هجرته الثانية بعد أن لحق به الغُزاة فى مهجره الأول بوسط الجزيرة .. رأيتُهنَّ وقد توقفن عن النواح يُحدِقنَ فى المجهول وقد أثقل غياب الراعى أيامهنََ وجعلهنَّ يَعِشن وحشة الفقد والبقاء بدون رفقته المأمونة ..!! لقد أحزن رحيلك أيُّها الصِدِّيق كل من عرفك وإلتقاك رغم قصر إقامتك بينهم وكأنك يا سيِّدى تَقَصَّدت الرحيل والغياب فى زمن الهوان والتتار الذين شَقَّوا للدماء جداول ومسارب لتسيل فى كل إتجاه وهم يحصدون أرواحاً غالية تتَشَوَّف لحياةٍ إنسانية جديرة بالإنسانية . رحم الله شُهدائنا وحفظ بلادنا وأهلها وسلمهم من شرور الباغى الشقى الذى أناخ عليها بكلكله ولم يترك لها حولاً ولا طولاً .
الخميس ١١ يناير ٢٠٢٤م