مدونتي / حسن فضل المولي

حسن فضل المولى يكتب : محمد حاتم سُليمان .. عندما ينام ملأ جُفُونه …

حسن فضل المولي

تلقيت رسالة ً من أخي ( حامد عثمان ) ،
يتمنى أن لو كتَبْتُ عن أخينا الأستاذ ( محمد حاتم سليمان ) ..
و ( حامد ) من تلاميذ ( محمد ) ، و هم كُثر ، أو من مُحِبيهِ و هم أكثر .

و صدقْتُه القولَ ، بأني شرعت في الكتابة عنه قبل أربعة أشهر ، و لكني عجزت عن إكمال المقال ، و قد أرسلت له في لحظتها جانباً مما كتبت ..
أقول ..
ونحن نتهيأ لمغادرة الجامعة الإسلامية كان ( محمد حاتم ) يتأهب لدخولها ..
ولما كنا ننشط كإتحاد في تبني وبسط أوجه الفعاليات الثقافية والاجتماعية
كوسيلة للإستقطاب والتبشير والبناء
فقد غدت الجامعة ، يومها، قبلة لناشئة الشباب الذين أخذوا يتلمسون طريقهم
نحو منصات الانطلاق منتمين إلى هذا القبيل أو ذاك ..
وكان يومها للإتجاه الإسلامي القدح المُعَلَّى في الظفر بالمُقْبِلين ، لطرحه المُقنع و لامتشاقه سيف المعارضة لنظام مايو ..
ودائماً ما تجد أن المعارضة تستهوِي ، كما أن الحُكم يهْوِي و يَغْوِي ..
وهو ما رأيناه أمس
ونراه اليوم
ولا شك غداً ..

في هذه الأجواء المُفعمة باقبال الشباب على العمل العام و الاستجابة لدعوات البناء والاصلاح تعرفت على ( محمد حاتم سليمان ) ..
أول ما رأيته ..
رأيت شاباً أنيقاً بوجهٍ طليق ، وكان يتدفق حيوية ، وتراه ضاحكاً مستبشراً ، و مؤملاً في غدٍ تكون فيه ( الحاكمية لله ) ، إعتقاداً و عبادةً و معاملاتٍ وسُلوك ..
وهو الشعار الذي عمل على إرسائه أئمة
البعث الحضاري الإسلامي ، خلال الثمانين عاماً المنصرمة ، والذي تولى كبره ( تنظيم الأخوان المسلمين ) ، وعدد من المفكرين ، الذين شكلوا تربة صالحة أدت لتعاظم هذا التيار واندياحه ..
و خلال تتبعي لمسيرته أستطيع أن أجزم بأن سعيه في الحياة كان مُكَرَّساً لبلوغ هذه الغاية ، بصدق وإخلاص
و نكران ذات ..
و إن كان الذي يميز ( محمد حاتم ) ،
و يضفي عليه من الصفات الآسرة ، تأثره إلى حد بعيد بمنهج المتصوفة ، والذي هو حالة من السمو و الصفاء الذهني و الروحي ، و هذا يعود إلى نشأته في ( كركوج ) ، حيث إحدى منارات التصوف السامقة ..

و بما أنني لم أكن لصيقاً به ..
فقد كنت أتَسَقَّطُ أخباره ، و التي كانت مَشْهُودة و مشهورة ، و هو يتصدى للعمل العام في أكثر من جبهة ، و كان كل ما يأتيني من حُسْنِ صَنِيعِه يَسُر وتَغْتَبِطُ له النفس ، إلى أن صار معتمداً ( لمحلية جبل أولياء ) ، و هو التكليف الذي كنت أراه غير مناسب لطبيعته ، ولِما جُبِل عليه من صفات و قُدُرات كان يمكن توظيفها في ( مُهمات ) أخرى ، هو بها أجدر و هي إليه أقرب و أنسب ..

و عندما غادر الأستاذ ( الطيب مصطفى ) ، عليه رحمة الله و رضوانه ، ( التلفزيون ) ، أذكر أن الدكتور ( غازي صلاح الدين ) ، و الذي كان يومها وزيراً للإعلام قد أرسل في طلبي ، ليبلغني بأن الاختيار قد وقع على الأخ ( محمد حاتم ) لإدارة التلفزيون ، و كنت وقتها نائباً للمدير و مديراً للبرامج ، و قد اجتهد في تطييب خاطري ، بأنني في كل الترشيحات كنت واحداً من ثلاثة .. كنت مهيأً ، بل وراضياً ، بكل قناعاتي ، لتقبل مثل هذا الاختيار ، لأسباب أذكر منها ..

  • طيلة فترة عملي مع الرجل الصالح و المصادم و القوي و الصادق في ما يفعل ويقول ، ( الطيب مصطفى ) كنت أرى أن الرجل قد أتعب من سيأتي بعده ، لذا فقد كنت آمل صادقاً أن أغادر قَبْلَه أو أن يُجَنِبني الله أن أكون خلفاً له إذا تَرَجَّل وأنا لا أزال في موقعي ..
  • كان الخط البرامجي الذي انتهجته مثار تحفظ و استنكار الكثيرين ، ممن يَرَون أن في ذلك هزيمة ( للمشروع ) ، الذي يُراد له أن يتنزل في نفوس مجاميع الأمة السودانية . .

لذلك عندما أنبأني دكتور ( غازي ) بخبر تكليف ( محمد حاتم ) أحسست براحة تسري في أوصالي ، لما سبق من أسباب ، و للصورة الزاهية التي كانت ترتسم في خيالي له ، فَوَقَرَ في خَلَدِي أنه اختيار موفق ، قد صادف أهله ، و لو عُرِض الأمر عليَّ ، أي قَدَّمُوا لي قائمة لاختيار أحد المرشحين ، و وقع نظري على اسمه ، لاخترته دون تردد ..
و باشر عمله على حين رغبة مني لانجاح مهمته بأقصى ما وسعني من بذل ..
و مع إشراقة شمس كل يوم جديد ، بدا يتضح لي ، أن عزمي يتقاصر دون سقف طموحه ، و أن طريقة غَزْلِي
و تناولي للأمور ، لا تلتقي و نسجه
و نهجه ، لذا فقد أخذ ينمو لدي شعورُ أنك إذا وجدت نفسك في مَحَكٍ مع من لاتستطيع أن تُضاهيه و تُجاريه ، فعليك أن تفسح له الطريق و تبتعد ..
و لقد عزَّز ، و عجَّل لدي بهذا الخيار ، تلك الحلقة التي كان من ضيوفها ( مُمثلة ) شهيرة عادت إلى السودان بعد غيبة ، و قد جاءت إلى الأستديو كاشفةً عن ساقيها من غير لُجَّةٍ تحسبها ، الأمر الذي وجَدَت فيه ( الكاميرات ) مرتعاً خصبًا ، فسرحت ومرحت ، وكانت الحلقة ( مُبَاشِرة )الأمر الذي أغضب ( محمد حاتم ) ، و تلاومنا ، في اليوم التالي بعنف أمام الرجل المُبَجَّل عندي الدكتور ( أمين حسن عمر ) ، و الذي كان يومها المدير العام ( للهيئة ) .
و كان ( جينا للحق ) ، فقد كان محقاً ، وهو يستشيط غضباً ، إذ لا يعقل
و هو قادم بكل تلك الآمال المعقودة عليه ، و هو من هو ، أن يستهل عهده بهذا الانفلات المخل ، و الذي لن يعدم من يروج له ، بأنه فعل مقصود ، مع سبق الاصرار و الترصد ، و أن هذا من كيد ( الأيدي العميقه ) ..
نعم ..
لم تكن طريقته تَرُوق لي ، في بعض التعاطي مع الأمور ، ولكني كنت في كل مرة أتَهِم نفسي ، و أُنحي عليها باللائمة ، لإيماني بصدقه وإخلاصه وحسن نواياه و سلامة سريرته
و نُبل مقصده ..

بعدها تقدمت باستقالتي ، و غادرت ( التلفزيون ) ، و أنا مقتنعٌ تماماً أن ( محمد حاتم ) ، أُوْتِيَّ من الكفاية والأهلية و علو الهمة و وضوح الرؤية ، ما يعلوني كثيراً ..
و كان ماكان .
سافرت إلى القاهرة .
وبعدها ارتحل هو إلى ( سونا ) ، و تقلب من بعد ذلك في وظائف قيادية مرموقة ..
ولما التحقت بقناة النيل الأزرق و عاد ( محمد حاتم ) مرة أخرى إلى ( التلفزيون ) ، الذي هو شريك في ( القناة ) . و بصفته رئيساً لللجنة التنفيذية ( للقناة ) ، و يضمنا ( حوش ) واحد ، تيسر لي أكثر من ذي قبل ، أن اسْتَجْلي بعضاً من أوجه سياساته وكسبه و نهجه في العمل وعلاقته بالآخرين ، و ما يقوله و يُقال عنه ..

لقد كان خَيالُه يسْبِقُ الواقع بكثير ، إذ لم يكن في حياته شيئ يمكن أن يحِدّ من طموحه وسعيه نحو الإنجاز ، لدرجة أنك تراه مسرعاً ، يريد أن يُكْمل ما بدأه ( اليوم ) و ليس ( غداً ) ، و كأن ( اليوم ) هذا ، هو الأخير في حياته ..
و هو في ذلك ، تجده شعلة من النشاط المتدفق ، و الحيوية النابضة ، والتصميم الذي لا يُقهر ..
يستعين على قضاء ماعزم عليه ، بكل ما أوتي من جلد ، و قدرة على تذليل المُعوِّقات و تأمين الأسباب ، وان اقتضى الأمر اكتساب العداوات ..
يغتبط بالتضحية ..
و خُلُقُه التجرد ..
فبما أنه يكثر من الحديث ، مستعرضاً أهدافه و خططه و برامجه ، و مُبدِياً رأيه في كثيرٍ من القضايا ، إلا أني ما رأيته مرة يتحدث عن نفسه بزَهْوٍ قط ، بل لعله لا يذكر نفسه قط ..

و إنك ما إن تراه يهم بابتدار مشروع ، حتى يعكف على استقاء المعلومات المتعلقة به ، من و إلى ،حتى تظُنَنَّ أن هذا موضوع دراسته و درايته و مبلغ علمه .
و يستعين بمن يرى أنهم الأقدر على تنفيذه ، و إن كان في نظري ، كثيراً ما يخطئ الاختيار ، ويحشد من يرى أنهم ثقاة وماهم بثقاة ، فيناله منهم الخذلان العظيم ، والله أعلم .
و يسْتَفْرِغ وسعه في جلب التمويل بِطَرْقِ أبواب أُولِي الدرجات العُلى ، فتواتيه من الاستجابة ما يتعذر لغيره .
و يُقبل على على تنفيذ ما انعقد عليه عزمُه بهمة عالية .
و الهمة من شيم الرجال و هي الباعث على الفعل، و كما قال أحد الصالحين : ( همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت همته وصدق فيها، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال ، والهمــة محلها القلـب فهي عمل قلبي محض، والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه، وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطير المرء بهمته، فتحلق به إلى أعلى الآفاق، طليقةً من القيود التي تكبل الأجساد ) ..
و هِمَة ( محمد حاتم ) ، تجعل ما يصبو إليه أشبه في نظر البعض بالأحلام ، وهي أحلام في المتناول ، إذا ماصدقت النوايا و صحت العزائم ، ذلك أن كل الإنجازات العظيمة في حياة الأمم ، بدأت أحلاماً ، ثم استحالت واقعاً يُبْهِج
و يَسُر ..
أذكر أنه قد جمعنا يومًا في ( القيروان ) ،
حيث و جدنا المكان مُعَداً بشاشة عرض ضخمة ، و هناك من يُمَثِّل بيت خبرة مرموق في مصر ، استعان بهم صديقنا الباشمهندس الألمعي ( عبدالله النِيل ) ،
و وجدنا لفيفاً من ذوي الاهتمام ، و كان الموضوع تقديم عرض مُبهر ، لمقترح مدينة إعلامية ، ذات أبعاد سياحية ، تحتل الأرض التي تقوم عليها ( الإذاعة
و التلفزيون ) و ( المسرح القومي ) و( الفنون الشعبية ) ، و تمتد حتى نهاية هذا الملثلث المُحَازي ( للريفيرا ) .
و عرض ( الفيلم ) المُنْتج بإتقان ، تجسيداً لهذه المدينة ، التي تضم ( محطات تلفزيونية) و ( إذاعات ) ( ومسرح حديث ) و ( صالات للفنون و الألعاب ) و ( سينماء ) و ( أستديوهات ) تقتطع جزءاً من النيل عبر ممرٍ يسمح بحركة المرور ، و ( مطاعم و مقاهي )،
و ( حدائق ) ذات بهجةٍ و اخضرار ..
سرحت يومها طويلاً ، و أنا أغمض عينيَّ ، و قد تراءت لي ( مدينة الإنتاج الإعلامي ) في مصر ، و التي كنت مفتوناً بها ، مع أنها لا تحظى بمثل هذا الموقع الخلاَّب ، فقلت : ياله من مشروع رائع ، وليتني أشهد يوماً أرى فيه ( أم درمان ) تَتَزيُّن بهذا الصرح و تَزِينَه ..
و لكن ….
و لكن ….
و لكن …
و لكن هذه ، و في هذا المقام ، ذكرتني بطرفة ..
قالوا واحد كان بحب ( الفَتَّة ) جداً ، ويوم و هو جالس على شط النيل ضربتو ( جوعة ) شديدة ، فقال : ياربي هَسه البحر ده قول اتقلب ( سَلِيقة ) ، أها لكين يلقوا ليهو ( رغيف ) وييين !!

ولكن ما يمكن أن يُقال هنا إن ( محمد حاتم ) ظل ناصباً عاملاً ، لا يكُف عن الحُلم و العمل ، وهو في سبيل ذلك لا يدخر وسعاً ، و لا يستكثر مالاً ، ويطوي المراحل طياً ، دون إلتفات إلى تخذيل أو معاذير ، أو قيود ( الخدمة المدنية ) ،
و هو ماكان يَجُر عليه عدم رضى رؤسائه و تبرمهم ..
و من أراد أن يقف على جوانب مضيئة ، في مُجاهداته و مسيرته العملية ، وما أنْجَز وحَاز ، فإني أحيله إلى ما أورده عنه صديقه دكتور ( إبراهيم الصديق ) في مقالٍ له بعنوان : ( حاتم الذي اعرف ) . .
و أنا هنا لا أُنَزهه عن الخطأ ، ذلك أن العاملين وحدهم هم الخطَّاؤون ..
و لو جلس المرء في بيته ، و انطوى على نفسه لما وجد من يذكره بخير أوشر ..
وحدهم الذين لا يعملون هم من يكونون بمفازةٍ عن ثناء الكرام و سهام اللئام ..
فالذين يعملون هم من يصيبون
و يخطئون ..
و الذين يعملون هم من ينقسم الناس إزاءهم مابين محبٍ و كاره ..
و هذا طبع البشر ، إذ لايجتمعون على محبة أحد ، فحتى الحسناء لا تعدم ذامَّاً و عائباً ..
و العمل جهد بشري خالص ، يلازمه الخطأ والصواب ، فأما من ثقلت موازين صوابه و كسبه فهو المُحتفى به المحمودة سيرته ، و أما من خفت موازينه فهو المُزْدَرى المُلام ..
و ( محمد حاتم ) كان يعمل و يجتهد في العمل ، و يخلص فيه ..
وإن كانت أخطاؤه مما تُعُد و تُحصى ، إلا أن ظاهر جلائل أعماله التي أصاب فيها ، لا أكاد أُحْصِيها عَدَّا ..
( من ذا الذي تُرْضِي سجاياه كلُّها
كفى بالمرء نُبلاً أن تُعد معايِبُه ) ..

ثُمَّ ..
هو جِماعٌ من الفضائل الطيبة ،
و السجايا النبيلة ..
فرغم الصورة المرسومة عنه في الأذهان ، من أنه مقاتل شرس و مصادم لاتلين له قناة ، وهو كذلك ، إلا أنك عندما تقترب منه ، تجد إنساناً هيِّنا ولطيفاً وأنيساً ، تستهويه المواقف الطريفة فيرويها و يحتفي بها ، ويُمازِح جلساءه ، و المِزاح جيِّده مستحب ورديئه ممقوت ، ولعل من أعلق أشكاله في ذهني ، لمَّا مازح ( خالد بن صفوان ) الفرزدق قائلاً : ( ما أنت يا أبا فراس بالذي لما رأينه أكْبَرْنَه وقطَّعن أيديهن ، فقال له ( الفرزدق ) : ولا أنت يا أبا صفوان بالذي قالت فيه الفتاة لأبيها :
( يا أبَتِ استَأجِرْهُ إن خير من استأجَرْت القوي الأمين ) ..
و هو نظيفٌ وعلى قدر من الأناقة ، في غير سَرَف أو مَخيِلة ، حتى تحسب أنه يعيش في دَعَة ٍ لا يحتمل معها الشوكة يُشَاكُها ..
رأيته أكثر من مرة و هو يشيح بوجهه أو يسارع إلى مسبحته ، التي لا تفارقه ، عندما ينحرف الحديث إلى ما يُشبه الغيبة و النميمة و الخوض فيما لافائدة منه أو نفع فيه ..
يعرف عنه القريبون حرصه على مجاورة المساجد و ارتيادها ، و إذا رأيتم الرجل يرتاد المساجد ، فاشهدوا له بالإيمان ، دون شك أو تردد أو تقليل أو تأويل ..
يعتاده الطرب ، والحنين ، و التعَلُق بكل
ما هو طيب جميل ..
وااااضح و صريح وحاسمٌ لا يأخذ بأنصاف الحلول و ملتبساتها ، فإما أسود أو أبيض ..
يبادلك المودة والوفاء ، وهو ليس من أولئك الذين تُخْلِص و تُحْسِن إليهم لتجدهم مثل حُمَّى أبو الطيب المتنبى ، التي تبذل لها المطارف والحشايا ، فتعافها وتبيت تفتك بعظامك و تقتات من لحمك ودمك و توسعك بأنواع السِقام ..
يعيش حياة كريمة بالموجود ، و لا تمتد يده إلى ماحرم الله من مالٍ وزينةٍ
و رِياشٍ و لِباس و مباهج ، إذ أنه في مسلكه يتحاشى المعاصي و يفر منها كما يفر الصحيح من المجزوم أو المصاب بمرض ( الكورونا ) ..
و رجلٌ هذه مناقبه ، فلن يهنأ من يتربصه بمَعَرَّةٍ تُلصق به ، أو مَظَنةَ خطيئةٍ يتعمدها وقلبه بها مطمئن ..

و أنا إذ أتطلع إلى يومٍ أراه فيه طليقاً ، بعد هذا ( الحبس )، الذى طال ، فإني أخاله ، كالعهد به ، يتخذ من ( محبسه ) خلوة للعبادة والاستزادة من العِلم واليقين ..
( ينام ملأ جفونه عن شواردها
و يسهر الخلق جرَّاها و يختصموا ) ..
يرى مالا نراه .
و يدرك ببصيرته المُلهِمة ماتحجبه عنا غواشي الملذات و الاخلاد إلى الأرض . و كل جوانحه نداء و رجاء ..
( تاني ماتقول انتهينا
تنهي جيل ينظر إلينا
باني آماله و طموحه
و معتمد أبداً علينا
نحن قلب الدنيا ديَّه
و نحن عز الدنيا بينا
تاني ما تقول انتهينا
نحن يادوب إبتدينا ) ..
و لو بعد حين ..
فما من عملٍ صالحٍ إلا وهو كشجرة طيبة أصلها ثابت و فرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ..

و السلام ..
أم درمان ٢٣ مارس ٢٠٢٢ ..

اترك رد

error: Content is protected !!