الرأي

حسن فضل المولى يكتب : أبو عركي … عندما يغني …


نحن الذين نشأنا في بيئةٍ ، حداؤها الغناء على إيقاع الدلوكة والطنبور والمديح بالطار ، كان من العسير علينا أن تهضم ذائقتنا الغناء الحديث بكل أشكاله و ألوانه و طبقاته .. 

و إنني في صغري كنت لا أراه غناءً ذلك الذي لا يخرج من أفواه ( سيد الجعلي ) و ( بابكر ودالسافل ) و ( النعام آدم ) ..

و لا أرى تعبيراً عن الفراق أبلغ من ..

( يا النقلوك من جنبنا 

يا السادة أوحشتنا ) .. 

و لا وصفاً لحسناءٍ كاعِب يجاري .. 

( نِهَيدَه بُرتُكان يافا ) .. 

و إن كنا لانعرف يومها أين ( يافا ) و لم نتذوق طعم بُرتكانها .. 

ولا حنيناً أشد عصفاً بالفؤاد من ..

( لا شوفة تبل الشوق و لا رداً يطمن 

أريتك تبقى طيب والبي كلو هين ) .. 

غناء مفرداته مباشرة ، و سهلة ،

و معبرة عن أشواقنا و اهتماماتنا الصغيرة ..

إن من تستهويه هذه اللونية من الغناء ، حَرِيٌّ به أن يرى ( أبوعركي البخيت ) .. ما بِعَرِف يَغَنِي ، أو كما كان يَعِنُ لي في صِباي “ده ما غُنى ولا حاجة ” .. 

وهو حال كثير من الناس .. 

فكثير منهم يترفعون عن الذي لا تتسع له مداركهم ، ويديرون ظهورهم بغرور وامتعاض ، لِما لا يُعجبهم و لا يستمزجونه ..

وعليه ، فقد كنت محتاجاً لوقت طويل ، و سعي حثيث ، قبل أن أجدني أسيراً لحالة من الشجن المُبرِح و أنا سابح مع ( بخاف ) .. 

( بخاف أسأل عليك الناس 

وسر الريدة بينا يذيع 

بخاف أكتر كمان ياغالي 

من إيدي إنت تضيع

واعيش بعدك حياتي جفاف

بخاف يا إنت لو جيتك 

ألملم في خطاوي الشوق و ازور بيتك 

بيقولوا حبيتك 

أخاف لو برضي غبت عليك 

تقول ناسيك و جافيتك 

بهم لو صدفة لاقيتك 

درب حلتنا جابك يوم 

تشيل ياروحي ترمي اللوم علي 

و تزيد همومي هموم 

تقول جافيك وأنا نسيتك 

ياريت إنت تعرف حنيني إليك 

كمان تعرف لحدت وين بعزك 

و في أعماقي حسيتك 

بس خايف إذا جيتك 

حكاية الريدة تمشي تذيع 

ومن إيدي إنت تضيع 

وأعيش بعدك حياتي جفاف 

مواسم بينا مافي ربيع ) .. 

إنها الأغنية التي فازت ، في أضخم مهرجان عربي ، آنذاك ، في العام ١٩٧٦ ..

و هي ليست أغنية ، بقدر ماهي ملحمة عاطفية جياشة ، تستحيل في وهجها 

ذوباً من خوفٍ والتياعٍ وإشفاقٍ ومكابدة ، إذ ليس هناك أقسى من أن يكون البعد والحذر و حتى مجرد السؤال ، ذريعة للإبقاء على حب من تحب ..

وهو ما أبدع في تصويره الشاعر الرقيق ( حسن السر ) ، لتكون ( بخاف ) وسيلتي إلى ( أبوعركي ) ، ومدخلي إلى استيعاب غنائه المُتْرَع بالأحاسيس المشبوبة ، ذلك الغناء الذي ينفذ من المسام ، ليلامس العصب ، ويغمر الوجدان ، ويزلزل القَلُب ..

( ياقَلُب أنا كنت قايلك تُبْتَ من تعب السفر 

ومن مخاواة القماري ومن شراب 

موية المطر 

تاريك كامِن ليا بي شيِتاً كُتُر 

تاريك لابِِد ليا بي شيتاً كُتُر 

ما زمان أنا وانت لفينا المواني 

بالقطارات والمطارات والسفن 

ودقينا أجراس الجديد 

واعدنا ترتيب المعاني 

الليلة راجع لي تبقبق 

بتنتل الآهة وترقرق 

زي تقول ياداب عرفت الاندهاش ) .. 

والاندهاش ما يقوله شاعرنا ( محمود محمد مدني ) ..

والاندهاش يظل يحاصرك ، وأنت تستمع إلى عركي وهو يُلوِن الكلمات ، وينفث في أوصالها شيئاً أشبه بالسحر ، يجعلك تتلوى و تصرخ و تركض كالدرويش في حلقة الذكر .. 

و لا أظن أن أحداً ينجو من هذه الحالة بين يدي ( من معزتك انتي لي ) ، وهي الأغنية التي يتراءى لك فيها (أبو عركي) 

وهو يفرغ كل مخزونه الأدائي والوجداني والروحي والعِرفاني ..

( بحبك حب 

ما حباه جن لي جن 

و لا حباه زول لي بشر

و لا الجايين من الأرحام 

من بعدك ومن بعدي 

حيعرفوا كيف ده كان بحصل 

من معزتك انتي لي 

ختيتي قلبك فوق ايدي 

وقلتي ليهو عزيز علي 

عليك الله أحرسو لي 

في صباحو وفي عشية 

وقلتي لي مع السلامة ) .. 

وتهيم لما تسمع ( أضحكي ) .. 

وياسلااام من ( أضحكي ) .. 

إذ أنها تحتشد بالصور والظلال والإيحاءات والمشاعر الغِزار .. 

( أضحكي 

تضحك الدنيا وتفيض 

تصحا الكهارب في الشوارع 

وينكسر سور الموانع 

وتبدا أعياد المزارع والمصانع 

وتوصل الناس الروائع 

أضحكي ) .. 

هذه الأغنية أشبه بملتقى النيلين ، إذ اجتمعت عندها عبقرية ( عركي ) اللحنية والأدائية ، و علو كعب ( هاشم صديق ) ، الذي لا ينظم كلاماً ، بقدر ما يصوغ مشاعر ، تكاد تراها وتسمعها وتتذوقها و تتنفسها .. 

وستجد ذلك في كل أشعاره ، وفيما تغنى أبو عركي ..

( كل البنات أمونة ) .. 

و ( أذن الأذان ) .. 

و ( الوجع الخرافي ) .. 

و ( معاك يبقى الزمن حاضر ) ..

و ( قطر الهم ) .. 

( قطر ماش 

وعم الزين وكيل صنطور 

وزي ما الدنيا سكة طويلة 

مرة تعدي مرة تهدي مرة تدور 

عم الزين محكر في قطار الهم 

يغرب يوم يشرق يوم 

شهور و دهور ) .. 

ومن حسن حظي ، أن العلمين السامقين ، تربطني بهما صلة حميمة ، وأجد منهما محبة تسعدني و تثلج صدري ..

و أذكر أنه عندما وقعت بينهما تلك الجفوة ، التي تداعت لها نفوسنا بالحزن والأسى ، بحسبانها طعنة في خاصرة العطاء الإنساني المتفرد ، أفضى إليَّ أخي ( صلاح أحمد إدريس ) ، يومها ، برغبته في أن يسعى لعودة الصفاء بينهما ، فكان لي شرف اصطحاب الأستاذ ( هاشم ) من منزله ( ببانت شرق ) ، وجاء ( عركي ) .. 

وأغرق ( صلاح ) المكان بمشاعر دافئة أزالت القطيعة وأسكتت غضب النفوس ..

و منذ ذلك التاريخ البعيد ، و حتى اليوم ، فإني ، و غيري ، على أحر من الجمر ، في انتظار عملٍ ، من كلمات ( هاشم صديق ) ، وألحان و غناء ( أبوعركي البخيت ) ، يعيد إلى الساحة الفنية ألقها وبهاءها ..

و ياليت ذلك يحدث .. 

و هو حقنا عليهما 

وحق الراجِين 

و حق الجايِيِن .. 

إن أبوعركي وهو يغني للوطن ، و للحبيبة 

و للمعاني النبيلة ، تجد روحاً آسرة ، تنتظم كل أغنياته ..

الصدق ..

إنه الصدق ، الذي تتولد عنه حالة مقيمة ، من التعلق والاستغراق والانبهار والانجذاب ، و أحياناً التلاشي .. 

تجد ذلك في ..

( معاك يبقى الزمن حاضر 

بجي العالم قريب مني ويكون أجمل 

بعيد منك بموت صوتي 

ويغيب فرح الزمن يكمل ) ..

وتجده في .. 

( نحن القدرنا على التعب 

حرقتنا ألسنة اللهب 

ولسه ماسكين الدرب 

يا صاحبة في الزمن الصعب ) ..

وتجده في ..

( بستنشقك 

و اكتم هواك جواي على مر الزمن 

و تعيشي فيني على الدوام 

و أبداً أبداً ما اتنفسك ) .

وتجده في .. 

( لو كنت ناكر للهوى زيك 

كنت غفرت ليك 

كل العذاب العشتو في حبك 

وكل حقي عليك 

لكني عايش للهوى 

وكل يوم اترجّا فيك ) ..

و تجده في ..

( تعالوا نغني غنى الأيام الجاية كتير 

و نفرح بيها سماء السودان 

تعالوا نلم ألوان الطيف الفي الخرطوم 

أبناء شعبي 

و الفي ام درمان 

تعالوا نفكر أيه البيحصل في السودان ) .. 

و تجده في .. 

( أنادي فيك كل غناي ) ..

و ( ست الكل ) .. 

و ( واحشني ) .. 

و ( زمني القاسي ) ..

و ( عن حبيبتي بقول لكم ) .. 

و تجدها في كل الأغنيات ، وكأن شعراءها قد وجدوا في( أبو عركي ) ، أصدق تعبير عن نبض حروفهم ، وهم كثُر .. 

سعدالدين ابراهيم ، عزالدين هلالي ، القدال ، كابلي ، العميري ، الحلنقي ، عوض أحمد خليفة ، التيجاني حاج موسى ، محمد المكي ابراهيم ، عوض جبريل ، الفيتوري ، محجوب شريف ، خليفة الصادق ، هلاوي ، محمد حسن دكتور ، كامل عبدالماجد ، حسن حمزة ، حطاب حسن أحمد ، أبوعركي ، السر عثمان الطيب ، فضل الله محمد ..

و عفاف الصادق حمدالنيل ، وهي من نظمت ..

( في عينيك دنيا غريبة 

دنيا ملانة محنة وطيبة ) .. 

وأشعارها كثيرة ومخضرة وأنيسة ..

و ( عفاف ) و ( عركي ) ..

قصة وفاء ، و عطاء ، و رواء ، و امتلاء بلا انتهاء ..

( بقيت أنا كلي منك وليك 

وبقيتي إنتي لي ضراي 

وبقيت أنا أغزل الألحان 

و بقيتي إنتي معنى غناي ) .. 

و ( عفاف الصادق حمدالنيل ) ، تَعْنِي 

( لعركي ) ..

قارورة عطر 

و قطعة نَضَار 

و جرعة دواء 

و فسحة أمل 

و ظل و غِطاء و وسادة …

لذا فما كان بوسع امرأة غيرها أن تَسَعَ رجلاً ( كعركي ) وماكان بمقدور ( عركي ) أن يَسْكُن لضِفاف امرأةٍ غير ( عفاف ) .. 

( وجُودِك كان وجود 

وانا غير وجودك 

وين أقبل وين !! 

لحظة سفر وقف الزمن 

والليل أسدل ستايرو علي 

حسيت بأنو الكون مُلَبَّد بالغيوم 

نزل المطر حزنان علي 

ورغم المطر بنزل عشان فرح الأحبة 

أنا كنت قايلو ببكي لي 

في كل مقبض باب بحس بنبضو عفاف 

كل همسة ناي بحس صوتك معاي 

يا منبع الطيبة الحنون 

يا سر وجودي وكون هناي ) ..

منتهى الوفاء ..

و الوفاء ملؤ أشعاره التي نظمها .. 

و الوفاء يَقْطُر من ألحانه التي صاغها 

و الوفاء فعله و لِباسُه وغِناؤه .. 

( آه لوكنت أعرف من أي الآفاق تهب الريح 

لكنت سبقت الريح 

وكنت نشرت على جنبات الأفق ردائي 

من أقصاه إلى أقصاه 

لأحجب ريح الحزن القادم من عينيك 

وأنصب عرشك فوق الشمس 

وأعزف موسيقاي محباً في ملكوت الله ) ..

ذلك أن القريبين منه ، يدركون جيداً ، كم هو محب لتراب بلده ، ولأهلها الغبش الطيبين .. 

و كم هو ودود و موصول بذوي معزته ، وساعياً في قضاء حوائجهم ، و يعودهم إذا مرضوا ، ويتبع جنائزهم إذا فاضت أرواحهم ، و أذكر له هنا ، تلك الرعاية التي كان يوليها لصديقنا المرحوم الموسيقار ( محمد عبدالله محمدية ) ، وهو معلول ، فقد كان طبيبه و سلوته سنده ، حتى لقي ربه ، ولمعرفتي بذلك ، فعندما استفسرني مرة الصديق الصحفي ( محمد ابراهيم ) عن خبر وفاة ( محمدية ) و الذي لم يكن صحيحاً، لم أفعل قبل أن أذهب إلى منزله ، غير أن أتصل ( بعركي ) لأعرف منه الخبر اليقين ..

وعندما زرت ( محمد وردي ) بمنزله قبل أيام من نقله إلى المستشفى ، حيث فارق الحياة ، وجدت ( أبوعركي ) جالساً إليه ( كالحوار ) بين يدي ( شيخه ) .. 

وقبل أيام ، جاءنا حيث نتسامر ليلاً ، ليجلس ريثما يحين موعد وصول الطائرة ، التي تحمل جثمان حرم أحد أصدقائه ، و قد رافق الجثمان إلى مثواه الأخير في مدينة ( كوستي ) 

وقصص من هذا القبيل لاتنتهي ..

( أبو عركي ) خَلُوق ..

و لا يصدر عنه فِعلٌ يَشين أو يزري .. 

وعفيف ..

وتكسوه بساطه و طيبة ..

إنه ( تَربال ) في جُلباب فنان 

إذا زرته يقف على خدمتك حافياً ، 

و إذا غبت عنه يبادرك بالسؤال عن الأحوال والدعوة إلى مائدة ( السمك ) ..

ياخ تعالوا نعزمكم ( سمك ) ، ولي عنده دعوة ظل يبذلها لي كلما التقينا .. 

وهو ليس من أولئك الذين تطيش بهم ( النجومية ) ، وتسكرهم ، و تنتفخ لها أوداجهم ، و لكنه يعطي من نفسه تواضعاً جماً ، إلا في غنائه فإنه يستعلي به ، ولا يرضى الدنية فيه ..

ذلك أن عركي ..

مبدأ وموقف وقضية والتزام 

و هي قناعات تتجسد من خلالها شخصيته و يأتي عطاؤه وغِناؤه 

 فعندما يغني لا يفعل ذلك لامتاع النفوس واشباع رغائبها ..

و لا يتعاطى الغناء ملهاةً ، وتسليةً ، و( بِزنِسَاً ) .. 

لا ، وكلا ، وحاشا .. 

الأمر بالنسبة إليه رسالة ، تُؤدَى بحقها وتُتْرك بحقها 

و حقها أن يغني لما ( الحال يكون سمح ) وهناك مايستحق ومن يستحقون ..

ويسكت عن الغناء لما ( الحال يكون مايل ) والنفوس كئيبة والعيشة صعيبة .. 

وعندما يقرر أن يكف عن الغناء المباح ، فإن زحزحة الجبال الرواسي أهون من زحزحته وإثنائه .. 

و قد يظلم البعض ( عركي ) إذا نسبوه لحزب أو كيان أو جماعة ، ذلك أنك إذا أردت تعريفه فحسبك أن تقول : ( أبوعركي البخيت ) ، وكفى .. 

هنا تبهرك صورة ناصعة للكفاح ، 

والتجرد ، ومعايشة الناس آلامهم ومسراتهم .. 

( في نواصي الليل نشدتك 

اقصى حتة من السكون 

في النهار والدنيا كاشفة 

ناس بتطلع وناس بتنزل 

فصِّلِي التيبان مرايل 

لطفل قاسي العيون 

وابكي قدر الدمعة دي

ونوحي في الجنب الحنون 

أديني سمعك في الأخير 

أنا عمري مافاضل كتير 

شالوهو مني الأمنيات 

الضايعة في الوهم الكبير ) .. 

كلمات لا يقولها غير ( العميري ) ، ولا يقوى على تطويعها و تذويبها غير ( أبوعركي ) ..

لقد سعيت وأنا في ( قناة النيل الأزرق ) أن أوثق له ، فوافق ، و حددنا موعداً للتسجيل ، يصادف أحد الأعياد ، ثم وقع ما حال دون ذلك ، و بعدها استعنت بصديق الطرفين ( شكرالله خلف الله ) ، واقتربت من ذلك بوعد بذله لي صديقه ، و من يبادلني و أبادله التقدير ، الأستاذ العلم ( كمال الجزولي ) ، في لقاء بمنزله ، و كان ثالثنا أخي الأستاذ ( مصعب الصاوي ) ، إلا أن ذلك لم يتحقق ، و انقضت الأيام و في القلب حسرة .. 

فيااااا أبوعركي !!

لا تحتجب ..

و دع المسارح تضج بغناك ، فإن النفوس عطشى إليه ، و لعل في ذلك 

ما يطفئ من نيران ( الكراهية ) ، التي أخذت تَنَشَّر في حياتنا فأفسدتها ، ومزقت أوصالها ، و صيرت كل واحد منا يتربص بالآخر الدوائر ..

غَنِييي 

فعندما تغني سيُفْصِح كل مَعْلُول عن عِلته ..

( جسمي انتحل كيف العمل 

و انت الطبيب عندك دواي ) ..

وعندما تغني يتنادى العاشقون .. 

( عن حبيبتي بقول لكم 

أنا بحكي ليكم عن حنانا 

مرة غنت عن هوانا 

فرحت كل الحزانى ) ..

وعندما تغني ينفتح ألف باب للوعد المأمول ..

( بوعِدِك ياذاتي يا أقرب قريبة 

بكرة أهديك دبلة الحب والخطوبة 

وعندما تغني ..

( كل زول بحمل رسالة 

أمينة صادقة بعيد مداها 

يعرف التاريخ بيحسب كل 

كل خطواتو المشاها 

والحدود الفاصلة هي 

يبقى عندنا مسؤولية 

يبقى عندنا مسؤولية 

يبقى عندنا مسؤولية ) ..

غَنِيييي ياخ ) .. 

والسلام ..

أم درمان ١ سبتمبر٢٠٢١ ..

اترك رد

error: Content is protected !!