ليمانيات / د. إدريس ليمان

حتى يكتمل النَّصر ..!!

من الأخطاء الجسيمة والإستراتيجية ومن أكبر الحماقات السياسية والمغامرات العسكرية التى إرتكبتها الإنقاذ فى تأريخها اعتمادها على سماسرة الحروب والمرتزقة تحت الطلب للقضاء على الحركات المسلحة عقب الهجوم على مطار الفاشر فى مطلع الألفية الثالثة ، فتسللت تلك الكائنات إلى مفاصل الدولة وجرت فى شرايينها فكان وجودها نذير شؤمٍ عليها وإيذاناً بخرابها وإنفجارها من الداخل ..!! وعند ذهاب الإنقاذ التى صنعت الوحش المليشى فى معاملها وكانت تسيطر عليه إلى ذلك الحين بدأت الأحلام والطموحات العظيمة التى لا حَدَّ لها بمستقبل زاهر تتراقص أمام الشباب الصادق المفعم بالأمل وتلامس شغاف قلوبهم قبل أن ترتطم بسارقى الأحلام والآمال من لصوص ثورتهم .. وبدأت الأحوال تسوء وتزداد سوءًا يوماً بعد يوم والأرزاق تضيق والأحداث والمَسِيرَاتْ تتوالى وتُعطِّل مصالح الناس ، وأغلبها يُثير الحيرة ويُضفى جَوَّاً من الضبابية والغموض .. فبات الناس ينامون ويستيقظون على أزمة لا تكاد تنطفئ حتى تشتعل أخرى .. وتسيَّد المشهد مرتزقة المواقف وصبيان السياسة وبائعى الكرامة وبدأ الكائن المليشى المصنوع فى التعملق والخروج عن السيطرة .. وتَعَكَّر المزاج الشعبى وبدت علامات الضيق على الجميع وهم يرون بأعينهم رأى العين الخطر المحدق بهم وبدولتهم التى كانوا يأملون منها أن تفعل شيئاً للحيلولة دون وقوع ذلكم الخطر المحسوس ، وكانوا ينظرون إلى إليها بعين الأمل إلاَّ أنها ظَلَّت صامتة وبدت وكأنها متساهلة وغير مهتمة الأمر الذى عَبَّد الطريق أمام مليشيا آل دقلو للخراب والدمار الذى لم يستثنى أحداً من أهل السودان من تَذوّق ثمار حصادها المُرّ وحَلَّت بنا الكارثة وكدنا أن نفقد وطننا لولا ثبات الأبطال الذين أفرغوا أنفسهم من كل طموح دنيوي وانخلعوا من قيود الحياة وتحرروا من عبودية الدنيا ورِقّها .. ولولا إلتفاف الشعب خلف قواته المسلحة ومن يقاتل معها من الأجهزة الأمنية لإسترداد الوطن من أيدى الغزاة والحد من مصادرة ما تبقى من كرامة ..
فهذه الحرب المدمرة قد أعادت إلى أهل السودان إحياء معانٍ جديدة وإستثارت حساسيتهم الأخلاقية تجاه الكرب العظيم والخطر المليشى الجسيم فجرَّدوا أنفسهم من أعذارها وإختلف وعيهم لحقيقة الحياة ومعنى الوجود .. !! وأبانت لهم كم هم ضعفاء فى كل شئ حتى طموحاتهم فى الحياة بدت لهم قاصرة وتافهة ، وجدَّدت وعيهم بأنفسهم وأعادت صياغة علاقتهم بحطام هذه الدنيا وأن الإنسان السودانى يمكنه العيش فى ( عِشَّة صغيرة بسريرين وزير وراديو ) ..!! كما تبين لهم أن المليشيا الإرهابية لم تكن وحدها هى العدو بل هناك من من ولِدَ على ضفاف النيل ويحمل هويَّة الدولة السودانية ويتحدث بلسان أهلها بل يحمل علامة الجودة السودانية وعلى خدَّه فُصادة شوَّهت خدَّه السادة وهو كارهٌ لوطنه وخائنٌ لترابه ومستهدفٌ لأمنه وخادمٌ ذليل لأعدائه وأداةً رخيصة لتخريبه وتشويه جماله وعرضه فى مزاد الخيانة لبيعه لمن يدفع أكثر وهو لايقرأ التأريخ الذى تحدثنا سجلاته عن مدى دناءة ووضاعة من يخون وطنه ويقف مع أعدائه ويستهدف أمنه وسلمه وإستقراره مهما كانت الأسباب والمسببات لأنها لن تُبرر خيانة الوطن والإصطفاف مع أعدائه .. ومن يفعل ذلك سيظَّلَ ذليلاً ومُهاناً ووضيعاً فى نظر سيِّده وكفيله وولى نعمته قبل أهل بلده وسيتخلص منه عند إنتفاء الحاجة إليه لأنه ليس إلاَّ أداةً رخيصة تم إستخدامها فما من خائن لوطنه وجد خيراً أو حقق غاية سوى الهزيمة والندم فهو فى الحقيقة عدوٌّ لنفسه ولدينه ولأمانته ومصيره الخسران فالوطن لن يتوقف عليه ولن يهتم لغدره .. ولكن ولله الحمد والمِنَّة قد إنكشف عنهم الغطاء وإقتربت نهايتهم فصبراً جميلاً يا أهل بلادى وأنتم تُعلُّمون الناس دروساً فى الصبر والثبات فالنصر آتٍ بمشيئة الله والأوضاع رغم صعوبتها فى طريقها للإنفراج وسيرى الذين ظلموا أىَّ منقلبٍٍ ينقلبون ..!! وأبشروا وأمِّلوا بهذا الشباب الخَيٌِر الذين أعلنوا إنحيازهم للوطن ( برَّاءون وغاضبون ومجاهدون ) فلن تستطيع أية جهةٍ إعادتهم إلى حظيرة التغييب ( والسواقة بالخلاء ) فقد أصبحوا أقوى عوداً وأقوى شكيمة وأحرص على الموت فى سبيل الله والوطن ..!! وأبشروا وأمَّلوا فإنّ معركة الكرامة إرتبطت بتضحيات بُذِلت وثباتٍ فى الميدان وسعىٌ لايتوقف لمطاردة الشهادة فى مظَانِّها فدماء الشهداء ستُنبتُ فى سوداننا بركةً ونصراً وثماراً ستحصدون من خيرها مالا يخطر على بالكم .. وأبشروا وأمَّلوا فكما إنتهت حياة قوم عاد وحضارتهم وكل ما قضوا وأفنوا أعمارهم فيه من بناءٍ وتشييد فى سبعة أيامٍ وثمانية ليالٍ وهم أقوى أهل الأرض فى زمانهم علماً وقدرة وبسطةً فى الجسم والعلم .. وكما أنَّ ثمود وهم فى ذات قوة عاد إنتهت حياتهم بصيحةٍ واحدة إرتجّت لها الأرض من شِدّتها فأهلكتهم فى دقائق معدودات فإنَّ المليشيا ولهوانها على أهل السودان ستكون نهايتها وهلاكها فى إبرة القوات المسلحة ودعاء الصالحين من أهل السودان بأن يقطع الله دابر المجرمين الذين عاثوا فى البلاد تدميراً وفى العباد قتلاً وتشريداً ، وأن لا يَذر على سوداننا منهم ديَّاراً فإنهم ضلّوا وأضلّوا وأن أم قرونهم لا تَلِدُ إلاَّ فاجراً كفّاراً .
فهزيمة الغزاة وإقتلاعهم من أرض السُمُر التى تجرى هذه الأيام بوتيرةٍ متسارعة ماهى إلاَّ أولى الخطوات نحو الدولة السودانية الحديثة الموحدة ، فالطريق أمامنا طويل لتصحيح الكثير من سلوكياتنا التى تُعدُّ عداءًا للوطن حتى يكتمل النصر ..!! فمن يُروِّج للإشاعات الكاذبة ضد الوطن ومؤسساته العسكرية والأمنية وهدفه الطعن والهدم والتحقير فهو عدوٌّ للوطن ..!! وأصحاب الأقلام التى لاتُراعى أمانة الكلمة فى التدوين ولاتقول الحقيقة كما هى ولا تُظهرها فهم أعداءٌ للوطن ..!! ومن يتحدى العدالة ويَمُدُّ لسانه لها إستهزاءًا ويرفض تنفيذ أحكام القضاء فهو عدوٌّ للوطن ..!! ومن يزيد فى سلعته وفى إيجار عقاره ومنزله مستغلاًّ أوضاع وأزمات الناس الذين لاحول لهم ولاقوة فهو عدوٌّ للوطن ..!! من لا يستشعر عظم أمانة التكليف لأى عملٍ عام ويعبث بالمال العام فهو عدوٌّ للوطن ..!! من ينتزع حقوق غيره بالباطل وبالظلم غير مبالٍ بوعيد الله له فهو عدوٌّ للوطن ..!! ومن يتولى منصباً هامَّاً ومسئولية عامة ثم لايقوم بتصريف أعمالها كما تقتضى المصلحة وواقع الحال وإن بلغت الأزمة عنان السماء فهو عدوٌّ للوطن ..!! والإعلام الذى يخلط فى عرضه للأحداث بين الحق والباطل والحسن والقبيح فهو عدوٌّ للوطن ..!!
فإن أردنا إكمال النصر فعلينا إحداث قطيعة حقيقية مع كل ممارسات الماضى التى كادت أن توردنا موارد الهلاك .. فالحذر الحذر من المتسلقين والإنتهازيين من أنبياء الديموقراطية وأدعيائها الذين من المتوقع تقديم أنفسهم بأنهم رجال المرحلة الجديدة فهؤلاء لا ولاء لهم إلاَّ لمصالحهم ، ولم تكن الديموقراطية المُدَّعاة عندهم إلاَّ حصان طروادة يأخذونها مطيَّة لنيل مبتغاهم .. وعلى ولاة أمرنا الإهتمام بخير ما أنجبتهم حواء السودانية عطاءًا وأحسنهم بلاءًا من الأبطال الشباب الذين تدافعوا فى ميدان الوغى وتنافسوا وتسابقوا فى تقديم النفس رخيصة فداءًا لهذا الوطن وتوليتهم المناصب العامة فى الدولة فهم المؤتمنون على ( بَنَّوتنا ) وعلى سوداننا ، ولعلهم من الذين تُسدُّ بهم الثُغور ويُتَّقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته فى صدره لا يستطيع لها قضاءًا .
حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
✍🏼 لواء شرطة (م) :
د . إدريس عبدالله ليمان
السبت ٢٢ مارس ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!