بقلم/ بروفسير هشام عباس زكريا
*في المسجد المجاور لمنزلنا في إحدى دول الخليج،ظل جاري والذي ينتمى إلى إحدى الدول العربية ويعمل في كبرى الجامعات هناك يسألني عن جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا، بحكم أنني سوداني وأستاذ جامعي.
*في العام الماضي ذكر لي أنه إختار هذه الجامعة لتدرس فيها ابتنه الطب وذلك بعد أن لجأ إلى من يثق في رأيهم من قادة الرأي في مجال التعليم الطبي، والحقيقة شعرت بالفخر والزهو أن بلادي أصبحت قبلة لمن تتوفر له الخيارات في دول عديدة.
*الحق يقال إنني فكرت كثيراً في رجل مقيم في الخليج ويعمل في جامعة ويبتعث ابتنه الصغيرة إلى بلد لا تعرف فيه أحد، سوى سمعة طيبة وشعب وافر الخير، فقلت في نفسي إن وراء الأمر شيء كبير!!.
*بعد ذلك بدأت متابعة الجامعة من خلال الإعلام والوسائط الالكترونية فوجدت نفسي أمام مشروع كبير بٌني بعصارة الخبرات السودانية بوعي وإدراك وتوازن موضوعي في الأنشطة الجامعية.
*إن أول ما يميز هذه الجامعة قدرتها الكبيرة في تحدي الصعاب وتجاوز الظروف التي مرَ ويمر بها السودان ،وقبل ذلك التفاعل الإيجابي لما اعترى العملية التعليمية أثناء جائحة كورونا ،فضربت الإدارة العليا والهيئتين التدريسية والإدارية المثل الأعلى في التفاني والبذل وإيجاد الحلول.
*والمتعامل مع هذه الجامعة يلحظ كفاءة العاملين بها وانعكاس التدريب في السلوك الإداري ،فقد جربت التواصل مع القبول والتسجيل عبر الهاتف فكنت أجد الردود السريعة والتفاعل الآني ،كما تواصلت مع العلاقات العامة والإعلام فوجدت إدارة واعية بمهامها تقودها بمهارة الدكتورة أمل عثمان وتواصلت مع سعادة اللواء(م) عبد الله محمود المشرف على السكن فوجدت الهمة والاستعداد للخدمة ،وتواصلت أيضاً مع البروفسير وديع محمد يسن عميد كلية الطب، والبروفسير صلاح محمد إبراهيم عميد كلية الإعلام فوجدت منهما الآذان الصاغية والتجاوب الفوري دون الحواجز والبرتوكولات المكتبية ،بل تواصلت عبر الهاتف مع البروفسير مأمون حميدة رئيس مجلس أمناء الجامعة دون أن تكون بيننا سابق معرفة ،فوجدت رجلاً بسيطاً متواضعاً ،وهكذا هم القادة الكبار في زمن يعتقد الكثير أن القيادة هي (كاريزما) التسور داخل المكاتب واعتزال الناس والردود فقط على الأرقام الفخيمة.
*إن هذا النموذج المتفرد من التواصل مع الجماهير في تقديري هو السر الأول في هذه النجاحات التي تحققها الجامعة في العديد من الأصعدة، ويا ليت كل الإدارات الجامعية تسلك هذا المسلك الإداري ففي ذلك رباط متين بين الجامعة وأسر الطلاب.
*إن جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا بهذا الفهم الراقي لا تخرج موظفين في دواوين الحكومة ولكنها تخرج قادة مجتمع، فهناك توازن موضوعي بين التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع، وقد سرني حجم ونوع الخدمات المجتمعية التي تقوم بها هذه الجامعة خدمة للمجتمع السوداني، فقد نجحت بخروج علمائها وطلابها من جدران القاعات إلى سوح المجتمع وأصبحت تؤهل طلاباً يستوعبون العمل في كل البيئات مهما كانت قسوتها.
*ما يلفت الانتباه في هذه الجامعة عالمية مجتمعها الطلابي الشيء الذي يؤكد ريادة السودان ويُعلي سمعته الأكاديمية، ويعمق الدور السوداني في الربط بين العالمين العربي والأفريقي وهو دور مهم غاب على كثير من مؤسساتنا التعليمية في السودان والتي كان عليها أن تلعب دور الدبلوماسية التعليمية التي هي أقوى أدوات الدبلوماسية العامة.
*وتظل جامعة العلوم الطبية والتكنلوجيا بهذا الفهم نجمة مضيئة في سماء السودان بسعيها نحو التميز في التخصصات المتنوعة وتوفير تعليم مبني على أسس الجودة وفق المعايير الدولية وذلك بالطبع حدث بفعل فريق متجانس في الجامعة ،وقد سرني ما قاله البروفسير مأمون حميدة رئيس مجلس أمناء الجامعة في احتفال استقبال الطلاب الجدد هذا العام إن الجامعة رغم أنها ارتبطت باسمه إلا أن الفضل يرجع للجميع ،وهذه رؤية القائد التي أخرجت الجامعة من دائرة الفكرة الخاصة إلى المؤسسة العامة فقد علمت أن البروفسير مأمون لا يتدخل في العمل إلا ما تفرضه عليه سلطاته كرئيس لمجلس الأمناء فهناك حرية إدارية في التفكير والإبداع والتطوير.
*أكتب هذا المقال وقد تابعت عبر الوسائط احتفال استقبال الجامعة للطلبة الجدد هذا العام ورأيت مستواهم العالي حيث ارتجلوا كلمات باللغتين العربية والإنجليزية، واستمعت إلى الحديث الأبوي من عميد الطلاب والتنوير الدقيق الذي قدمه مع أمينة الشؤون العلمية لأسر الطلبة المقبولين.
*أما كلمة البروفسير مأمون حميدة رئيس مجلس الأمناء فقد كانت بحق محاضرة قيمة في طرق الوصول إلى القمة، وسعدت كما سعد غيري بنوع البدائل التكنلوجية التي توفرها الجامعة للطلبة في التعليم والتدريب ،وتظل الجامعة قصة طويلة من البذل والعطاء والتفاني.
*تحية من العمق لهذه الجامعة المضيئة بأعمالها والتي تعتبر الأنموذج المتفرد في التعليم العالي في السودان .
*عميد كلية الاتصال الجامعة القاسمية الشارقة