ليمانيات / د. إدريس ليمان

تَخَيَّر وزرائك فإنَّ العِرقَ دَسَّاسْ ..!!



إنَّ التاريخ العسكرى سوف يتوقف طوييييييلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم 6 أكتوبر 1973 حين تمكنت القوات المسلحة المصرية من اقتحام مانع قناة السويس الصعب ، واجتياح خط بارليف المنيع ، وإقامة رؤوس جسور لها على الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه كما قلت فى ست ساعات ..!! هكذا ألقى السادات خطاب نصر أكتوبر العظيم أمام البرلمان المصرى ..!!
أمَّا ما قامت به قواتنا المسلحة الباسلة ومن معها خلال معركة الكرامة فهو أمرٌ يفوق المستحيل بِمَرَّاتٍ ومرَّات ، وأن ماقام به الأبطال تجاوز حالة الإعجاز ، ففى الوقت الذى ظَنَنَّا فيه أن جيشنا لا يحارب إلاَّ قطعاناً من الضباع والكلاب البَريَّة المسعورة التى توافدت من وجَارِها وكهوفها وجحورها الأفريقية يسوقها المُرَوِّض الهالك وخليفته ( هالك ثانى ) إلاَّ أنه تَبَيَّنَ لنا بأنه يواجه عدواناً إقليمياً بسندٍ دولى ودعم لوجستى وبتسليح نوعى .. ووجد شيطان العرب وكيل الكيان الصهيونى فى المنطقة ضالته فى همجية تلك الكائنات الغريبة وفى وحشيتها ودمويتها ..!! تلك المخلوقات الحقيرة التى لا ترى فى الزنا إلاَّ قِرَىً للأضياف ، وفى الفجور إلاَّ عنواناً للفضائل ، وفى سفك الدماء إلاَّ إرضاءً للآلهة الجنيدية .. !! تلك الكائنات القميئة التى لاتعرف من القول إلاّ إتنين بس يا نَصُر يا شهادة ..!! ويُقدِّسون عِجلاً جسداً يُدعى أبكيعان .. !! تلك الكائنات التى تزداد عدداً وعتاداً كلما هَلَكَ ونَفَقَ بعضها أو دُمِّرت بعض أدوات إجرامها .. !! والتأريخ سيقف طوييييييلاً بالفحص والدرس أيضاً أمام هذا الشعب المُعَلِّم الذى نال صنوفاً من التعذيب والتنكيل والوحشية والساديَّة فقرر وبكل تَجَلُّد وحزم أن يتصدى لآلة القتل والهلاك لاتُخيفه الدانات ولا تُثنيه المُسيّرات ، فشهدت بلادنا ميلاد الأبطال رغم صعوبة المخاض .. وسيقف طوييييييلاً أمام الكيفية والطريقة العبقرية التى اُديرَتْ بها معركة الكرامة بتوفيق الله سبحانه وتعالى ..!! وسيقف ذات التأريخ مكتوف الأيدى والأرجل مطأطىٌ رأسه خَجَلاً وعجْزَاً من أن يأتى بحالة مشابهة للحالة السودانية التى صَمَدَ فيها المواطن مع قواته المسلحة وتلاحم معها حَدَّ التواؤم والإلتصاق فى أبهى ملاحم البطولة والمقاومة التى يعجز التأريخ عن وصفها ..!! فالواقع العملياتى أرَّخَ لمعجزات حقيقية نقش فيها الشهداء الذين كانوا حائط الصَدّ وجدار الإستناد الذى ساعد قواتنا المسلحة على إنتزاع النصر من أعدائنا .. نقشوا مآثر البطولة وعظمة التضحيات بأحرفٍ من ذهب وخطوط من نور ، وكتبوا بحبرٍ سودانى خالص هو خليطٌ ومزيجٌ من دماء ودموع وعرق الأبطال ، وكتبوا بلُغةِ الكرامة والمجد التى لايفهمها من كان من نسل الشيطان فصولاً رائعة من التضحيات والبطولات وقِيَم الشرف والعِزَّة والإيثار التى ستظل خالدة فى ذاكرة الأجيال وفى صفحات التأريخ .
وفى ذات الوقت كان فريقٌ من أبناء السودان ممن سقطوا فى بئر الخيانة وإستمرأوا الإضرار بالوطن وأهله بإدعاء محاربة خصومهم السياسيين ..!! فما أقبحهم وما أقبح إنحطاطهم وسقوطهم وسفالتهم ، وما أبخس الثمن الذى باعوا به أنفسهم لشيطان العرب ولشيطان المليشيا طمعاً فى سُلطة يُصيبونها أو وزارةٍ يَنْكِحُونَهَا فكانوا يَدعونَ للحِوار والتخاذل والقبول بإنتهاكات المليشيا كأمرٍ واقع دون أن يُخبرونا عن ماهية الحوار الذى يُريدون ..!!؟ هل هو الحوار الذى يُقنن إحتلال المنازل والأعيان المدنية ونهبها وتخريبها والقتل والإيغال فى الإيذاء ..!!؟ أم الحوار الذى يسمح للأشاوذ رغم الفظائع والمجازر التى إرتكبوها بحق هذا الإنسان السودانى المسالم والإهانات التى وجهها إليه ليكونوا جُزءًا من المجتمع الذى إقتلعهم من دواخله ..!!؟ فبعد كل الذى حدث لايريد أهل السودان أن يعرفوا سلاماً غير الذى جاء فى قول الحَقِّ عَزَّ وجل : ( وإنْ جَنَحُوا لِلسِّلمِ ) .. ولن يقبلون بغير سلام المُنتصر وليس سلام المُنكسِر ..!! فهؤلاء الأوغاد المجرمون القَتلَة ليس لهم مِنَّا إلاَّ السيف والقتل .. وعندما نتمكن من إستعادة جميع أراضينا ومدننا ونُطَّهِرها من دنسهم ، وعندما نتمكن من رقاب آلهتهم التى يعبدون ونُذِلَّهم ونُمَّرِغ بأنوفهم التراب سننظر حينها فى أمرهم بإرادة المُنتَصِر حتى يكون حوارنا وسلامنا معهم هو حوار وسلام الأقوياء لا الأذِلّٕاء ..!!
وإنْ كان ثَمَّةُ ما ننصحُ به رئيس الحكومة الجديد إبراءً للذِّمَة ومعذرةً إلى الله وقد أُبتُلِىَ بهذا التعيين وبلادنا على أعتاب التَخَلّـص من المرتزقة وإماطة الأذى عنها الاَّ يُفارق مظلَّة العدل فى ظاهر قراراته الحكومية وفى باطنها كى يُظِلّه الله فى ظِلِّه يومَ لا ظِلَّ إلاَّ ظُلّه .. وأن يحذر من المُتَزَلِّفين الذين يتسترون بالولاء المُزَيَّف وبالخداع .. يرتدون قناعاً جديداً لكل مرحلة يتوددن للسلطة من أجل مصالحهم ويسيرون مع صاحبها أيَّاً كان يُرافقونه كالظِّل ويخدعونه كالطفل ويتصدرون المشهد بأثوابٍ جديدة من النِفَاق ..!! فليته يحذر هذه الفئة التى لا هَمًَ لها سوى مَصَّ خيرات البلد ودماء المواطنين وأنْ يَسُدَّ الطريق أمامهم وأن يُخَلِّص الدولة منهم .. !! وعليه إن أراد خيراً لولايته ولمن ولاَّه الله عليهم أن يتخيَّر الوزراء لحكومته ممن يحملون رؤى موضوعية وإيجابية لإدارة شؤون الدولة .. فلا يوَّلِ وزيراً ظالماً أو خائناً أو ( جباناً متسولاً يهرب من المواجهة) لايُقدِّم فى وزارته بل يؤَخِر .. وأن يتخيّر أيضاً الموظفين لمكتبه كما يَتخير راغب الإحصان لنُطَفِه ( فإنّ العِرق دسَّاس ) ..!! فإن عيوب الوزراء منسوبة إليه والحذر الحذر من أمثال ( الواد محروس بتاع الوزير ..!! ) وليعلم معاليه أن السلطان بمنزلة السوق التى يَجلِب الناس إليها تجارتهم ، وأن صلاحهم مرتبطٌ بصلاحه وفسادهم بفساده فالرَعِيَّة على دين من يحكمها .. فإن رَغِبَ هو عن العدل رَغِبَتْ هى عن الطاعة .. وليته يبحث عن العقلاء ويشاورهم فى الأمر وما أكثرهم وما أنبلهم ..!! فبلادنا ملأى بالكفاءات من أصحاب الخبرة والتجربة ممن تواروا زهداً أو ممن أُغلِق الباب دونهم قصداً ..!!
وليعلم دولته أن هذا الشعب المبارك من أكثر شعوب العالم سَنَداً للحكام وتسامحاً معهم إن رأوا منهم خيراً ، ومن أكثرهم إندفاعاً وجرأة على مقارعتهم إن رأوا منهم غير ذلك ..!! فإن أراد أن يجد السنَد والدعم فليهتم فقط بأمن الناس وأمانهم ومعاشهم ورفاهيتهم وإعادة الإعمار لما دمرته المليشيا المرتزقة بتخطيط إستراتيجى دقيق وشامل مع محاربة قانونية وليست إعلامية لكل أوجه الفساد المالى والإدارى وغيرهما ، وأن يتجنّب السير فى متاهات الثأرات السياسية بين النُخب السودانية البائسة فهى مليئة بالألغام السياسية والأمنية لاسيما وأنه يملك صك البراءة من أى إنتماء سياسى حسبما تواتر إلينا وأن إختياره تم كتقنوقراط وكمحايد ..!!

  • رحم الله شهداء السودان الذين دَكَّوا معاقل الخِيانة وقدموا أرواحهم .
  • والمحبة والتقدير لكل أسرة قدمت شهيداً فى سبيل الله ومن أجل النصر وعِزَّة وكرامة هذا الشعب الذى يستحق أن يحيا كريماً .
    حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .

    الجمعة ٢٣ مايو ٢٠٢٥م

اترك رد

error: Content is protected !!