على خلفية مقتل سيدة مسنة على يد شاب مستأجر لمسكنها ببحري للاختلاف بينهما في الأجرة، كتبت أمس مقالاً عنونته (ضرورة مواكبة السلطة القضائية للأوضاع الاقتصادية). أشرت فيه الى أن التضخم الجامح يستلزم تعديل قانون الإيجارات لسنة 1991 كما يستلزم سرعة البت في القضايا المتعلقة بإيجارات المساكن.
الأستاذ الصديق محمد احمد الحسين لفت نظري الى أن تعديل القوانين هو مهمة السلطة التشريعية، وهو محق في هذه الملاحظة، غير أنني رأيت أن أبدأ أولاً بلفت نظر السلطة التي بيدها الآن مئات الملفات والقضايا متعلقة بقانون الإيجارات وهي السلطة القضائية، وذلك بغرض اعمال نص المادة 18 من قانون الإيجارات لسنة 1991 والتي تنص على نظر القضايا المتعلقة بالإيجارات على نحو مستعجل.
ويلزم بعد هذا أن ننبه السلطة القائمة على التشريع الآن وهي مجلس الوزراء لضرورة تعديل قانون الإيجارات لمواكبة التضخم، وبلا شك فإن مبادرة أو مقترح التعديل يجب أن يأتي من قبل وزارة العدل. أما نقابة المحامين والتي كان يفترض أن تتبنى مثل هذه المواضيع فإنها الآن مختطفة وما فاضية لمثل هذه القضايا، وهذا أمر مؤسف بالطبع.
الصديق (ي) كتب لي: في ظل التدهور الاقتصادي المريع الذي تشهده البلاد نتيجة للسياسات الاقتصادية المتخبطة وتدني قيمة العملة المحلية في ظل التضخم الجامح الماثل امامنا فان تغيير القوانين لا ينتج حلاً، في اعتقادي ان الحل الوحيد في ظل هذه المعطيات والذي يحفظ حقوق جميع الاطراف هو اللجوء الي التسعير بالدولار الأمريكي، باعتباره العملة الأجنبية الاكثر ثباتاً، ولي تجربة في هذا الصدد باعتباري وكيلاً لاحدي الشقق بالخرطوم، ايضاً لدي تجربة اخري في عمل تجاري متواضع درجت فيه علي التسعير وفقا لسعر الصرف اليومي بالرغم من ثبات سعر العملة مؤخراً.
تعليق: يسمى هذا دولرة الاقتصاد، وله آثار ضارة جداً على الاقتصاد الكلي، لكنها حلول فردية يلجأ لها المضطر.
أما الصديق (ع) فيقول: في العام 2016 اشتريت 40 طن سيخ من أحد التجار مع دفع كامل قيمتها وفي العام 2017 شرعت في البناء فسلمني منها فقط 30 طن ورفض تسليم متبقي الكمية بحجة أنه خسران. وعندما قمت بالاستشارات القانونية علمت بأن القضية المدنية تستغرق عدة سنوات في القضاء، كما أنه ليس من حقي المطالبة بمواد، ولابد من تحديد قيمة معينة (وهنا مربط الفرس) فكيف لي أن احدد مبلغ في ظل التضخم الكبير المتوالي لقضية يمكن الفصل فيها بعد فترة طويلة. وفيما يبدو ان تحديد المبلغ الغرض منه استيفاء الرسوم القضائية وخلافه.
هذه الحالات تشير للأثر المخيف للتضخم على المعاملات، وضرورة وضع معالجات من قبل السلطة القضائية لمسألة الرسوم وسرعة البت في القضايا، نرجو من سلطة التشريع والسلطة القضائية اجراء التعديلات القانونية وتفعيل المنشورات تحقيقاً للعدالة. والله الموفق.