أقاصي الدنيا / محمد محمد خير

المسار الأمريكي

محمد محمد خير


بدا واضحا لكل ذي بصيرة ان الاسبوع الماضي شهد بداية المسار الامريكي في السودان وتجلي ذلك فيما يتعارف عليه بالتسوية السياسية التي فككت قوي الحرية والتغيير وحولتها من كيان صمدي لايلهج الا (بلا) الي صيغة طليقة تتجانس وتتحول وتتفاعل و( تلد وترضع صغارها) مثل كل الكائنات الحية التي تحرص علي الحياة الطبيعية وتتمسك بالعيش ضمن معادلة الوجود .
كانت اولي علامات التفكيك البيان الذي اصدره حزب البعث الذي سيطر علي المرحلة الانتقالية الماضيه وقدم خلالها نموذجا( صداميا) باسم الديقراطية من ناحيتي التمكين والنزق المنفلت في الخطاب السياسي والاعلامي.
بهذا البيان الذي يوكد مغادرة البعث للحرية والتغيير الان او لاحقا تصبح قحت اكثر انفتاحا علي خيارات المستقبل المتمثل في الانتخابات وسنشهد ان تطورات التسوية ستقتصر علي القوي الانتخابية ذات المصلحة الحقيقية في الانتخابات او تلك القوي الحريصة علي المسار الديمقراطي الذي لاشيء يستقر به سوي الانتخابات باعتبارها الالية المثلي للشرعية.
نجح المسار الامريكي منذ ضربة البداية في احداث هذا الفرز ولكن هل سيستمر هذا النجاح حتي بلوغ منتهاه ?
تتاسس هذه التسوية بان تقبل كل الاطراف وثيقة تسييرية المحامين الدستورية المجهولة النسب فقد انكر كبار القانونيين صلتها بالمحاميين وراجت اتهامات بانها وثيقة مستورده لم يكن للمحاميين دور فيها سوي الترجمة الردئية وتتحفظ عليها قوي راجحة اهمها الجيش وقطاعات المجتمع التقليدي الراسخة فيما تويدها الحرية والتغيير والفريق حميدتي الذي اعلن تاييده لها قبل ان يطلع عليها مثل (سمبهار بمفردات الكونكان) !!!
الوثيقة هي رؤية الخارجية الامريكية لما ينبغي ان يكون عليه السودان والخارجية احدي مراكز صناعة القرار الامريكي لكنها اضعف حلقاته مقارنة بوكالة الاستخبارات المركزية والبانتغون ومستشارية الامن القومي والبيت الابيض وفي تقديري ان مقاومة مسعي الخارجية الامريكية بجعل وثيقة المحامين اساسا للتسوية سيودي الي خلافات بينها وبين الدوائر الامريكية الاخري ذات الشوكة الاقوي والنظر الاستراتيجي المختلف وفي ذاكرتي الطبول التي قرعتها مادلين اولبرايت في نيروبي ايذانا بتصفية كاملة لحكومة الانقاذ تلك الطبول التي انتهت الي تحالف استخباري بين الانقاذ وامريكا استمر منذ قرع تلك الطبول!!!!
مايحفزني علي ان الخاجية الامريكية قد تفشل في فرض هذه الوثيقة وربما تتصادم امريكيا مع دوائر اخري اشد باسا ان مهمة سفيرها الحالي هي اتخاذ مقر السفارة الامريكية بالخرطوم مقرا لمكافحة الارهاب وهذه مهمته الاستراتيجية الاولي التي تقتضي تعاونا بلا مدي مع الاجهزة الامنية والجيش وليس مع طه عثمان وجعفر حسن رغم نغمه الاممي الحنون ( سفاره سفاره) .كما ان مهمته تتطلب طقسا امنا لمقر انطلاقه وذلك ماتعبر عنه امريكا باستمرار بانها تريد استقرارا في السودان .
كل هذا يجعلني ارجح ان هذه التسوية ستنجح ولكن ليس برؤية الخارجية الامريكية.

اترك رد

error: Content is protected !!