✍️ د. علي الشريف •
إن الخطأ التاريخي الذي وقعت فيه حاضنة الثورة ( المجلس المركزي للحرية والتغيير ) هو أن قرارها انعزل عن الحاضنة الاجتماعية للشعب فكانت قراراتها تعبر عن رؤيا نخبوية وظهر ذلك جليا في القرارات المصيرية التي اتخذتها علي شاكلة تكوين الحكومات وتعيين الولاة ورفع الدعم غير المسبوق واظن أن هذه العزلة السياسية التي حشرت فيها الحرية والتغيير نفسها لم تكن وليدة الصدفة بل كانت عزلة مدروسة بعناية لتخدم توجها مكن لاختطاف القرار السياسي لأحزاب محدودة الهدف منه التكويش علي اكبر نصيب من كيكة المناصب ومحاصصاتها .
أن هذه العزلة شكلت عقبة أمام استكمال الفترة الانتقالية وتحديات مهدت لانقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر ليفاجأ الشعب السوداني بطلاق باين بينونة كبري بين المكونين العسكري والمدني الموقعين علي الوثيقة الدستورية في العام ٢٠١٩م .
أن المحاولات المتكررة من شركاء النضال من أحزاب سياسية وقوي ثورية ومدنية ومهنية التي حاولت تنبيه هذه الحاضنة الي هذا الخلل لم تجد منها غير التغاضي والتجاهل حتي بعيد توسعة المشاركة التي جعل منها الاعلان السياسي الموقع بقاعة الصداقة في الثامن من سبتمبر ٢٠٢١م جعل منها توسعة شكلية عنوانها توحيد قوي الحرية والتغيير وفحواها التكريس للهيمنة السياسية والاختطاف لكن هذه المرة بمشاركة الجبهة الثورية وظهر هذا جليا عندما انشقت مجموعة من الجبهة الثورية واعلنت في الخامس عشر من أكتوبر تحالفا جديدا يحمل نفس جينات الحاضنة الام في تطور خطير شرزم هذه القوي بدلا عن أن يوحدها .
أن الإقصاء والانفراد بالقرار السياسي الذي مارسته مجموعة الاختطاف كان مسنودا بلاعبين دوليين تلاقت أهدافهم في توجيه هذا القرار لصالح مصالحهم في شبه القارة السودانية وعينها علي الموارد الضخمة التي يذخر بها هذا البلد .
والناظر والمراقب للشأن السوداني اليوم يري أن نفس القوي التي لأتمل ولايهدا لها بال الا بوضع ميسم التبعية الخاضعة للنظام العالمي علي مفرق الشعب السوداني وهي تلتقي ذات الوجوه بذات السيناريو لاستكمال معها الفترة الانتقالية بحاضنة سياسية لا طعم ولا لون ولا رائحة لها حاضنة معزولة عن عمقها الاجتماعي والثوري متمثلا في لجان المقاومة وشباب الثورة وشاباتها وكنداكاتها وهي تستفرد بنفس المجموعات المختطفة لتدير حوارا مدنيا بنفس المينفستو القديم ونفس الآليات .
أن مجموعة المبعوثين التي سمحت لنفسها بمقابلة جزء من القوي الثورية واقصت جزءا آخر بل اقصت الكتلة الحرجة التي تتحمل وتحملت دفع فاتورة الانهزام الذي صاحب الفترة الانتقالية هذه القوي تعمل بمخطط محبوك بعناية وإصرار لن يحالفه النجاح لجهة أن هذا السيناريو قد جربه الشعب السوداني بعيد ثورته المجيدة في ٢٠١٨م ولم يحصد منه سوي صنما في معيشته وهشاشة في امنه وصراعات قبلية أوشكت أن تذهب به الي التفكك والتشرزم وضياع وحدته التي نصت عليها الوثيقة الدستورية ذاتها في أولي بنودها .
علي المجتمع الدولي ومنسوبيه ومبعوثيه من الاتحاد الأوروبي والترويكا أن يعلموا أن هذا الشعب ضارب في أعماق الحضارة وان الطريق الوحيد لاستقراره وانسجامه مع الأسرة الدولية لابد وان تختطه قواه السياسية الوطنية وان تكون قراراتها نابعة من تطلعات جماهيره التي خرجت ترفض وصاية المشروع الحضاري للنظام المباد ليسمع العالم صوتها وتوقها الحرية والسلام والعدالة وليس لتدخل في وصاية تمرر عبر قلة من القوي وان كانت ممن شاركوا في هذه الثورة المجيدة .
أن قوي الحرية والتغيير القوي الوطنية هذا التحالف الذي ولد ليختط طريقا ثالثا يدير بحنكة معادلة التوافق الوطني السوداني السوداني وعلاقته بالمجتمع الدولي علي مبدأ الاستقلالية وحفظ وصون السيادة الوطنية عبر مبادرة قدمها التحالف للآلية الثلاثية المعنية بتسهيل ومساعدة السودان في تحقيق انتقال ديمقراطي مبني علي مشروع وطني خالص لايعزل نفسه عن محيطه الإقليمي والدولي ولا يسلم توجهه تسليم أذعان لدول وأجهزة مخابرات تجعل من مستقبل أجياله مادة للتجارب والموازناات والصراعات الدولية القطبية وخاصة بعد أن استعرت حمي الصراع الدولي وبروز تغيرات ولاعبين جدد يؤثرون بشكل اقوي من ذي قبل علي هيمنة قوي دولية علي العالم ولعل تموضع اللاعبين الدوليين بعيد الحرب التي شنتها روسيا علي دولة اوكرانيا اكبر دليل علي هذا .
• القيادي بقوي الحرية والتغيير – القوي الوطنية
الأمين العام لحزب تجمع الوسط