أكثر ما لفت انتباهي في بيان “المباعيث” الغربيين هو احتجاجهم على أحكام قضائية من المحكمة العليا وغيرها من مستويات التقاضي الوطني السوداني قضت بعودة مواطنين سودانيين لوظائفهم بعد أن ثبت بطلان و”تسييس” قرارات فصلهم، وللوهلة الأولى ظننته خطأ في الترجمة ولكنني وجدت البيان الأصلي يقرأ عن اعادة تعيين – في الترجمة العربية إعادة تنصيب – منسوبي النظام السابق وأن “المباعيث” وموظفي الادارات العليا في وزارات خارجية غربية اعتبروه أمرا مثيرا للقلق الكبير.
They expressed grave concern about the members of the former regime once again being reinstalled
هل يا ترى سمعوا حديث الناشط الحقوقي المعارض للانقاذ والمعتقل في عهدها بروفيسور مضوي إبراهيم عن لجنة التمكين وأنها فصلت القضاة النزيهين الذين كانوا يعترضون على اجراءات الاجهزة الأمنية في عهد البشير وأن هذا أمر نقيض للثورة نفسها.
ومضوي ابراهيم وهو شخصية ذات حضور عالي في معظم المحافل الحقوقية وقد أكد في الحوار معه أن قرارات الفصل التعسفي والمسيس أدت إلى تشويه سمعة الحكومة الانتقالية في أي مكان.
هل يريد “المباعيث” أن يكون السودان العوبة تدينه منظمة العمل الدولية في روما ويصفعه مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف ثم يتباكون على اختصاص القضاء السوداني في مراجعة قرارات “مسيسة” جاءت لالهاء شباب متحمسين عن عورات اداء تنفيذي فاشل وبغرض “تمكين” سياسي لشخصيات غير مؤهلة فشلت في تحدي العمل ودفع الشعب الثمن انهيارا في الخدمات وترديا في الماء والكهرباء.
ذات العبث حدث مع اوكرانيا .. دفعوها للحرب ثم تركوها بدون دفاع وحماية واستعاضوا بمساعدات انسانية هي اقل من عشر ما كانت تناله أوكرانيا من صادرات القمح قبل الحرب.
من أين تسللت هذه الفقرة الغريبة المعيبة المناقضة تماما حتى لقرار اليونيتامس الذي يتحدث عن دولة العدل والمؤسسات والقضاء.
هل هذه الفقرة المعيبة ضمن سياق ابتزاز البرهان للرضوخ لاعادة قحت، أم أن موضوعهم ليس اعادة قحت ولا اعادة مفصولين ولكن الابتزاز لأمور لا نعلمها ولا يعلمها الشعب السوداني.
لو كنت مكان البرهان لطلبت من “المباعيث” توضيحا حول المقصود باعادة التعيين وهل يرغبون في قمع الجهاز القضائي وفصل القضاة واغلاق المحاكم بالشمع الأحمر، ولطلبت منهم صكا “أوربيا” للغفران والحماية من منظمات حقوق الانسان والشفافية ومجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وأمنستي وهيومان رايتس ووتش أن نقض الحكومة لقرارات القضاء السوداني تم بطلب من حكومات أوربية ولا يجوز ادانة الحكومة السودانية والا سيتم وقف التمويل الأوربي من هذه المنظمات والمؤسسات الدولية.
ما حدث من ظلم وفصل للقضاة والسفراء والدبلوماسيين وموظفي الخدمة المدنية ومهندسي الكهرباء والمياه والمعلمين وحتى الفراشين والكادحين على قوت يومهم تم في وضح النهار.
لم يفعلوا شيئا سوى تقديم شكاوي وطعون وتظلمات بطريقة حضارية وصبروا لمدة سنتين ثم انصفهم القضاء السوداني في وضح النهار وقبل ذلك تضامن معهم الناشطون الشرفاء والمنظمات الدولية.
ماذا يريد “المباعيث”؟ مغازلة “الأحزاب الأربعة” أم
هل يرغبون في تحفيز التيار المتشدد من الاسلاميين مثلا وتقليل فرص التيار المعتدل التفاوضي على طريقة “لا نريد لكم العدل” وأن حقوق الانسان التي تدعيها أوربا مجرد وهم وإن من يريد أن يواجهنا “هديك النقعة”.
لقد أرسلت مقالي هذا لأصدقاء عديدين حتى في مكاتب كبار الموظفين الاوربيين وانا واثق أنهم استلموها، وأرغب في رد واضح حول هذا الكلام المهين للقضاء السوداني، هذا التناقض وادعاء موقف حكومي هو على النقيض لموقف منظمات مدعومة أوربيا وناشطين محظيين بالاحترام من طرفهم.