على شط النيل / مكي المغربي

الكوزوفوبيا والكوزومينيا!

بقلم مكي المغربي

الفرق بين الفوبيا والمينيا أن الفوبيا خوف مرضي أو رهاب يحدث عند رؤية الشيء أو الدخول في ظروف محددة، بينما المينيا -وهي أخطر- إضطراب عقلي أو هوس نفسي ملازم ومقيم ضد الشيء أو الظروف المحددة. حالات الفوبيا والمينيا قد تكون تجاه ذات الأمر، ولكن الفوبيا مؤقتة أما المينيا فهي ملازمة ومنهكة للمصاب ومتلفة للعقل، وتفقد الشخص ملكة التفكير السليم أو التقدير الصحيح لكل الأمور، بما في ذلك مصلحته.
أجمل شرح قرأته أن (حالة المينيا) كأنها ترتدي نظارة فيها صورة الشيء ثابتة وكلما نظر وجد الشيء أمامه وهو غير موجود ألا في نظارته، بينما (حالة الفوبيا) تكون طبيعية طالما لم ترى سبب الفوبيا أو تدخل في الظروف المرتبطة به حقيقة وليس توهما، ولكن في حالة عدم العلاج ربما تدخل في طور أسوأ، وهي الفوبيا بالتفكير في الشيء.
حالات الكوزوفوبيا في السودان كانت جماعية وعارضة وتلاشت حاليا، بل صار العكس هو الصحيح، هنالك مطالب شعبية بوجود الكيزان كلما نزلت للقاعدة وهنالك إحساس بالأمان معهم في (المصاطب الشعبية)، ونشأت حالة مضادة من الفوبيا من ظهور قحت والناشطين، (الشعر الهائج والبناطيل الناصلة) وهي أصلا بدأت منذ فترة اغلاق الشوارع وتعطيل المصالح بالنسبة للمواطن العادي على مدى أربع سنوات، لذلك ما يوجد حاليا على المستوى الشعبي هو القحتوفوبيا وهي حقيقية وتراكمية وليست صناعة سياسية، ولا يمكن تفكيكها بمفاوضات أو دعم خارجي، أو بمحاولات الصفوة والنخب لإعادة إنتاج قحت.
على عقلاء قحت عدم المكابرة والاقرار بالاخطاء بدلا من التعويل على الكوزوفوبيا لانها انتهت.
بالمقابل، على مستوى النخب توجد حالات كوزومينيا مستعصية لن ينجح التفاهم معها، وتعتبر أن من يخلع نظارتها بالقوة يعتدي عليها.
كل ما يفعله اللوبي الخارجي الراغب في السيطرة على أرض وذهب وموانيء السودان وانشاء سلطة عميلة له هو أنه يصنع هذه النظارات ويغمر بها السودان بالمجان، وهي فاخرة وجميلة ومذهبة. دور الاعلاميين والسياسيين والعملاء هو توزيع هذا المنتج، وتسويقه باعتباره هدايا، اشتري واحدة بالأجل وخذ عشرة مجانا.
العقلاء لا يرتدونها، وخلعوها من زمان، وحطموها بأقدامهم، العدد الأكبر من الوطنيين والغيورين على أعراضهم وبلادهم من الاعلاميين توقفوا عن التسويق لهذه النظارة المشئومة، ولكن الرخيصين مستمرين في التسويق لنشر الكوزومينيا في السودان، ويعتبرون وكلاء للشركة المنتجة مقابل حشو أفواههم بالمال.
عدد من السياسيين من قحت وما شابهها يحتفظون بعدد من مصابي الكوزومينيا حولهم بغرض الاستغلال، لأنهم يعملون لهم بالمجان، ويتبرعون لهم من المهاجر، وهنالك بكل أسف -عدد من صناع القرار وحاشيتهم في السلطة- من يرغب في وجود المرض وانتشاره حتى لو أدى إلى بلبلة وفوضى، لأن حساباته الشخصية في البقاء في الموقع وتقليل المنافسة حوله مرتبطة بانتشار الكوزومينيا والتواصل مع “مصنع النظارات”.
مصاب الكوزومينيا ليس بالضرورة أن يكون جاهلا أو فاشلا، أساسا الأمراض النفسية تصيب الأغنياء والناجحين أكثر من الفقراء الذين يشغلهم رغيف الخبز الحاف عن أي هوس نفسي أو وهم كاذب، أما الناجحين مهنيا والمهزوزين اجتماعيا وأسريا هم الأكثر عرضة للإصابة للأمراض النفسية.
مصاب الكوزومينيا ينظر إلى أي شيء فيرى الكيزان ويتهمهم ولا يتهم غيرهم، ينظر إلى المرآة يرى “كوز” يقهقه أمامه، ويتحرك فوقه كلما رفع رأسه، وهو مجرد وهم ثابت في نظارته. العلاج:
1- أولا، لا تمد يدك لخلع النظارة من المريض لأنه في هذه الحالة سيعتبر هذا اعتداء عليه.
2- تواصل معه، لكن تفادى الاقتراب منه كثيرا، كلما تقترب يراك أنت الكوز، حتى لو جاءه من يلبس “الكدمول” ليغتصبه سيراه كوز، لأن الصورة في النظارة.
3- لا تغالطه في وجود صورة الكوز أمامه لأنه يراها وسيعتقد أنك تظن أنه مجنون، ويشعر بالاهانة، ويقطع التعامل معك.
4- الأفضل له من ناحية علاجية، هون عليه تأثير الكيزان ولا تنكر وجودهم، قل له نعم صحيح، هم أمامك ومنتشرون لكنهم فاشلون، وهو مثل انتشار الذباب، كتاحة مرت على السودان وهي في آخرها.
5- الأفضل للسودان، في العمل العام، عدم اضاعة الجهد في إقناع مصابي الكوزومينيا، يجب أن يعاد تأسيس العمل العام على مجموعة معافاة نفسيا وغير مصابة، لكن يجب التعامل مع المصابين برفق وعدم الاسائة اليهم، والصبر عليهم حتى يكتمل الشفاء، باختصار المطلوب هو ليس العزل ولا الاقصاء إنما التجاوز المؤقت، لأن دمجهم تدريجيا جزء من علاجهم.
6- بالنسبة لصناع القرار والحاشية والسياسيين الذين يستغلون مصابي الكوزومينيا ويتلاعبون بالأمر بغرض البقاء في المواقع أو الواجهة السياسية، الأمر هنا مختلف، لأنهم أخطر منهم حتما، وما يقومون به جريمة إنسانية وسياسية مكتملة الأركان، هؤلاء يجب أن يعزلوا ويمنعوا من السياسة والسلطة، لأنهم يستغلون المرض والمصابين بلا شفقة عليهم، وبلا خوف على مصير الوطن.
التصنيف كالآتي:
1- مصاب كوزومينيا (التجاوز والتعامل العلاجي)
2- مستفيد كوزومينيا (الفضح والعزل)
3- أخرى وهي حالات الكوزوفوبيا التي تلاشت ولكن بعض الأشخاص في طور اثارة الاهتمام في المحافل العامة، و(بيوت البكا)، بسبب إدمان الظهور في الفترة السابقة، التعامل هو (الإهمال).

error: Content is protected !!