ايمن مزمل
يحب المثقفون على الدوام اجتراء مصطلحات خاصة بهم، فأنا من جيل مصطلحات سادت ثم بادت على شاكلة (التوالي السياسي)، (الإشكالية في الآلية)، ( بأعجل ما تيسر)، ثم إن قريحتهم جادت بأنواع أخرى مثل (سردية)، (جدلية)، (بنيويا وفعليا)، إلى أن وصلنا إلى (الفاعلين السياسيين) والذين لا علم لي تماما عن من هم؟؟ وما أهميتهم في الحياة؟ ففخامة الاسم تعطي هيبة كما ترى، فلو ان أحدهم قد تم إيقافه في نقطة تفتيش سوف يقوم بإنزال زجاج سيارته المظللة إلى المنتصف قبل أن يقول للعسكري في صرامة ( معاك فاعل سياسي!!) حينها سوف يسمح له بالمرور دون كثير عناء، لا شك في هذا…!!! ليجعلك تتساءل في بلاهة، فعل ماذا بالضبط؟ يا له من مصطلح غريب، يذكرك ببعض الخواطر البيولوجية المرتبطة بتقلصات الجهاز الهضمي بعد إلتهام طبق من الفاصولياء!!،
فمن هو الفاعل الذي أورثنا كل هذا الدمار؟ هل هو النظام السابق الذي (أنشأ)؟ أم هو النظام العسكري الحالي الذي (تنازل)؟ أم هو المكون المدني الذي حاول تعليم جاهل مصطلحا يصعب أن يستوعبه بسهولة وهو (الديموقراطية والمدنية) والتي تماثل محاولة يائسة من أحدهم لتعليم ( قونة ) تعمل في الفن الهابط التركيب الكيميائي لوقود الصواريخ.!!!، لينطلق جنوده في الأنحاء مبشرين ومنذرين، انه يظن ان حياة السودانيين ليست صعبة كما يجب حيث لزم عليه ان يجعلها أكثر صعوبة، فكما ترى هناك أحمق يحدد الديموقراطية بمنظوره هو والمدنية بفكره هو لأنه يحمل سلاحا، فالجندي منهم يصعد في إحدى حافلات المواطنين الهاربين من نعيم الديموقراطية والمدنية في الخرطوم إلى إحدى الولايات المجاورة، وفي يده مدفع رشاش (من النوع الذي يعمل بزنس لمصلحة عزرائيل!!) فيصيح فيهم (أيها القوم، نحن ما جئنا إلا لتحكيم الديموقراطية ومحاربة الكيزان !!)، فترمقه تلك الوجوه الكالحة الشاحبة الخائفة والتي تتصبب عرقا، لا يجرؤ أحدهم إلا أن يقول (بارك الله فيكم، وبارك الله لكم، وربنا يتمم على خير!!)، وهو يحاول عابثا إيجاد علاقة ما بين ما يتفوه به ذلك المعتوه وما بين منزله الذين نُهِب وسيارته التي أُخِذت وأحلامه التي ضاعت!!، فالقاعدة تقول (يكفي ان تعطي جاهلاً محدود القدرات سلاحاً لترى كيف يغدوا من زبانية جهنم، ليحيل حياة البسطاء الى جحيم)، نحتاج إلى (فاعل) حذِق ليشرح لنا ما كان يحاول ان يصنعه بالظبط.
ذهبت ارواح وظل هولاء يتقاتلون الي ما لا نهايه ????