الراصد / فضل الله رابح

العودة للدولة .. ونهاية طغيان مليشيا ال دقلو .


وأنا أتابع تحليل وتفسير أخبار الحرب فى السودان وإنتصارات الجيش وإنكسارات المليشيا ونهاياتها القاربت ، وأنا أشاهد مراسم أداء صلاة الجمعة بمسجد النور فى كافورى والشيخ أحمد عبدالجليل الكارورى يخطب فى الناس من هناك بعد غياب دام لما يقارب العامين والسلطان عثمان محمد يوسف كبر جلوسا يستمع للخطبة مع أخرين فى خشوع والأخبار تتلاحق وتتناسل عندى ليأتى نبأ قرعة دورى أبطال أفريقيا التى سحبت أمس بدوحة العرب وجمعت الهلال والاهلي المصرى مرة أخرى .. قلت فى نفسي أن شخصية السودان المعروفة بدأت تعود وتتعافى وأن مرحلة حضارية جديدة بدأت تحرج نقائضنا ونقائصنا التى كادت حرب آل دقلو ومشروعهم أن يغيروا بها وجهة البلد الإنسانية والحضارية لكن نفر إليهم شباب معادنهم كالذهب إستنفروا من كل فرقة والحمدلله رب العالمين فقد بدأ هذا المسخ ينهار وهو فعلا معادلة عابرة فى هذا الموجز من شخصية السودان الخصبة والغنية بالسمات والقسمات التى لا يمكن أن يخلخلها طغيان ال دقلو والإقطاعيين الجدد ولا يمكن أن يختزل عبقرية السودان وروحها الاجتماعية فى خطاب سياسي بئيس نجومه قجة .. جلحة .. شارون وهلمجرا .. 

كنت على يقين أن خلود الآثار الطيبة لأمة السودان ستغلب على الفروق التى حاول معاتيه المليشيا المتمردين ومعاتيه نيروبي السياسيين أن يجعلوها مدخلا لخط التقسيم الوطنى الجديد .. وضمن تداخل الاخبار فى تلك اللحظة عاد إلى ذهنى موقف باطش من تاريخ عبد الرحيم دقلو الاسود وهو يستعد للحرب وخراب السودان وقتها بإستهداف رجال الأعمال الوطنيين ، والموقف كان حينها مع رجل الاعمال ورئيس نادى الهلال. هشام السوباط عندما حاول عبد الرحيم دقلو أن يبتزه ويستولى على أموال من غير وجه حق وهشام كان وقتها يقف مع الدولة ويملأ الفراغات يستورد الدقيق والوقود للحكومة وبدين آجل لكن دقلو إخوان كانوا وقتها ينهبون ثروات البلد وقد مارسوا كل أنواع الطغيان والبطش مستغلين سلطان وقوة الدولة فى محاولاتهم مصادرة الممتلكات وبواخر الوقود إلى جانب توجيه النيابة العامة بفتح بلاغات كيدية بحق السوباط كل ذلك هدفه إخماد جذوة الوطنية فى نفوس رجال الاعمال وجعلهم طائعين لهم ..
وبالامس شاهدت عبد الرحيم دقلو وهو يتحدث لقناة إسكاي نيوز من نيروبي بصورة مخجلة ومضحكة وهو يقول بمسخرة باينة أن حكومتهم المزمع تشكيلها فى مناطق المليشيا تمثل حكومة الشعب السودانى وكنت مندهش لحديثه و أستمع لعبد الرحيم دقلو وهو يتحدث بإسم الشعب السوداتى ويتمشدق بطريقة (باباغاوية) بعبارة : شعبنا ..!! أي شعب الذي تتزلف إليه يا عبد الرحيم دقلو وتتحدث عنه وبإسمه ..؟؟ .. أليس هذا هو الشعب الذي مارست ضده أسوأ حرب فى التاريخ البشرى .. ونفذت بحقه أسوأ أنواع التطهير العرقى؟؟ أليس هو الشعب الذى هجرته مليشياتك من دياره وصار مشتتا ما بين الحياة والموت وما بين نازح ولاجئ ..؟؟ .. أليس هو الشعب الذي إغتصبتم حرائره ودفنتم شبابه وشيوخه أحياء ..؟؟ صدقنى إنك وآخرين تمثلون عامل تنافر ومتغير فى حياة وشخصية أمة السودان الوطن الذي يمتلك تنوعا منقطع النظير ويعتبر قلبا مركزيا ورؤية قومية ناضجة والسودان يمثل من الندرة القلائل فى السودان التى تتمتع بحدود طبيعية متماذجة إجتماعيا بصورة حامية ومانعة من التمذق وهى تعتبر نواة العودة إلى الدولة السودانية التى نعرف وفى نفس الوقت هى التى تقف بصرامة فى وجه مشروع العنصريين الجدد ..
إن تركيبة السودان الداخلية هى التى تحافظ عليه وطنا موحدا يشجع فريق الهلال الذي يرأسه هشام السوباط ويقف خلف نادى المريخ الذي حاول عبد الرحيم دقلو شخصيا أن يهبط به إلى أسفل عندما أصابه بلوثة الخصام والصراعات لدرجة إستجلاب نجل حفتر ليكون رئيسا فخريا لنادي عظيم مثل المريخ .. إن الأكيدة التى لا مزايدة خولها أن هشام السوباط سيمضى فى مشروع دعم المقاومة الشعبية الطبيعية بذات عزيمته لطرد فكرة وطغيان ال دقلو بعد ما حاول البعض أن يجعل منها الة تقطيع لأطراف وأوصال السودان حتى يحدوا من تواصل وتضافر النهر والبحر وتلاحم الصحراء والسافنا ولتختل عناصر الحياة بصناعة المشاكل والأزمات والسعى لإختلال وتوازن المجتمع السودانى ولهذا الهدف جند ال دقلو نظار وزعماء النظام الاهلى والفاعلين اجتماعيا ليديروا مشروع التفكيك والتجزئة والفتك بالوطن وإفساح المجال ليحكم السودان بواسطة عدد من الوحدات والقطع الجغرافية المتناحرة و المستقلة عن بعضها البعض والمتنافرة .. ولكن وبمثلما كان النهر وملاحته أساسا لإنتشار الحضارة داخل السودان إن ذات النهر هو اليوم أهم وسائل توحيد السودان وأن الرياح الشمالية السائدة ستساعد وتدفع بالتيار الوطنى الصاعد بقوة والمعاكس لتيار التفرقة والعنصرية وهو تيار التفكيك والتجريف الوطنى .. اليوم تصاعدت الأصوات وتسارعت الخطى الوطنية نحو إعادة البناء وسيتحول نهر النيل إلى شريان حياة جديد لإخماد نار الفتنة التى أشعلها تمرد الدعم السريع وسيكون طريقا لمتحركات الحياة ضد العنف المتأصل في مشروع المليشيا وسيكون علاجا ناجعا لإنهاء حالة سوء الظن بالدولة السودانية والذي بات يجاهر به الجهلاء و مرتزقة ال دقلو المعتوهين بحرق جوازها والسخرية منه كما فعل المدعو شارون أمام الدنيا ودهشة الجميع ..
لن يتمكن المتطرفين إجتماعيا وسياسيا من هزيمة الإرادة الوطنية ولا كسر ظهر القوى المحافظة على وحدة السودان وقوميته وسينتهي عهد الانحلال السياسي والاجتماعي طال الزمن ام قصر وسيعود السودان دولة وسطا كما كان ليحافظ على موقعه من العالم الذى هو بمثابة موقع القلب من الجسم فالسودان كموضع وموقع يمثل حجر زاوية وعمق العالم نحو الشعوب العربية والأفريقية والسودان جزء أصيل وإمتداد جغرافى طبيعى للعمق الإستراتيجي لكثير من جواره العربي والافريقي عموما وبالنسبة لجمهورية مصر العربية خصوصا وهى الاخرى تعتبر مجمع القارات ومفرق البحار وملتقي الشرق والغرب .. إن الأمل يتجدد الآن أكثر من ذي قبل والجميع يشاهد شباب السودان الطموح المتوثب الواحد منهم يدفع بنفسه ويحمل روحه على كفه وهو يحمل كفوفه حتى يحمى المغلوبين على أمرهم من غلابة الشعب السودانى وعامتهم وليضمن لهم الأمن والاستقرار والحياة الكريمة وليس متاحا أمامهم أي فرصة لنشاط سياسي فى الراهن القريب ان اولياتهم حسم التمرد وتحرير الوطن وتطوير المقاومة الطبيعية التى لا تعرف حزب سياسي ولا قبيلة ولا جهوية وبعد أن يسترد الجميع دولتهم المخطوفة بعدها يمكن أن يفكروا فى بدائل وخيارات الممارسة السياسية والتحول الديمقراطي بالبلاد .. اليوم الشرعية السياسية والخطاب المسموع والمقبول هو البندقية وما سواها ملهاة ليس إلا ..

اترك رد

error: Content is protected !!