العميد د. الطاهر أبوهاجة
روي أحدهم انه وفى إحدى المدن الغربية . وفي ليلة انس هادئة. كان بعض قادة النضال الثوري يتشاطرون الحديث ، وكانت نشوة السمر تعم كل أطراف الجلسة.
نلسون ماندلا بصوتة الرنان وهيبته المسيطرة على الحضور يقول لقرنق مازحا : كل قادة الحركات الثورية انتصروا لإرادتهم وحققوا مبتغاهم إلا انت
رفيقي قرنق قواتك لم تتخط حدود إقليم الجنوب.
يضحك الحضور مقهقيين. بعضهم اكتفي حياء ببسمة عريضة تظهرت أسنانا ناصعة البياض تبدو اشد بريقا وشعاعا من قناديل الفندق القديم حيث الجلسة الفخيمة.
ابتسم قرنق أيضا،لكنها ابتسامة أخفت خلفها غضبة وفكرة. صمت الجميع ثم توجهت أنظارهم متلهفة مترغبة.
رد قرنق الذى عرف بالسخرية والنكته والذكاء.
فى الوقت المناسب. حيث اعتدل في جلسته ونطق بصوت جهور لا انقطاع فيه كأنه قرنوف: لكن يارفيقي نلسون يبدو أنك نسيت ماهو الجيش الذي يقاتله ثوار الحركة الشعبية لتحرير السودان!
إنهم يقاتلون رجالا وجيشا لولا نحن لوصلكم هذا الجيش في كب تاون.
ضحك الجميع وارتفعت القهقهات تعانق النجف والزينة وزجاج النبيز الذي احاط بصالة الفندق الواسعة .
.
العالم ليس فى حاجة لإثبات بسالة وصمود وقوة ورباطة جاش الجيش السوداني.. وبالطبع الشعب السوداني إلا قليلا ممن لهم افئدة ولكن لايفقهون بها؛ ، ولم يفقهوا أن هذا الجيش سر قوته يكمن فى قوميته، وإن كان قبليا توجهويا أو ايدولوجيا لانهار كما انهارت جيوش اخري.
لذلك كلما ردد الأعداء،ومن شايعهم فرية أنهم يقاتلون الفلول خرج الألوف من الشباب لمعسكرات التدريب دحضا للفرية وردا على دعايتهم البوار.
في الذكري٦٩ لتأسيس الحيش السوداني، نتذكر نصيحة الإمام الراحل الصادق المهدى حين قال: لهم لاتستفزوا العسكريين لأن عصبيتهم لبعضهم البعض أقوى من عصبية القبيلة..
وهي حكمة صدق فيها الرجل فهاهو سعادة اللواء عبد الرحمن المهدي يترك كل شيء ليقاتل مع رفقاء الدرب.
ماأعظمها من عصبية.
رحم الله الامام!
إنها صفية حميدة عصبية لكنها من لون آخر كما أسماها رحمه الله، “فليس من العصبية أن يحب الرجل قومه”.
لقد صهر الجيش الجهويات والمناطقيات والأفكار المختلفة في بوتقة واحدة.
بوتقة هدفها حماية السودان وطنا ومواطن.
ثم لابد ان نتذكر دوما أنه بعد انجلاء هذه الغمة ودحر التمرد لن يقبل السودانيون سوي جيش واحد وقيادة واحدة؛ فذاك حديث لن يعود الناس لمثله أبدا وكيف لا؟!
وقد تعلموا الدرس بالأرواح والدماء والشرف والأموال .
حقا بعد هذه المعركة -بإذن الله- لن تكون هنالك قطعة سلاح صغيرة خارج السيطرة..
أخيرا،فالقوات المسلحة هي ذروة سنام المؤسسات.
مؤسسات الدولة فاي حديث نرجسي عن الديمقراطيات والحريات دونما معادلة يوجد بها جيش واحد قوي مهني رادع يصبح ضربا من الخيال.
نعم أي معادلة دون ذلك ستكون رد علي اصحابها رد من الشعب والجيش معا .
كل عام وقواتنا المسلحة منتصرة بإذن الله تعالى.