ثُمر المداد / د. أحمد عبدالباقي

الخرائط الذهنية و أهميتها في العملية التعليمية و التفكير الإبداعي 2-3

د . احمد عبد الباقي

كما أسلفنا في الحلقة الأولي أن فكرة الخرائط الذهنية تعتمد علي تحفيز الدماغ لتنظيم الأفكار وصياغتها بشكل يسمح بتدفق الأفكار ويفتح الطريق واسعاً أمام التفكير الإشعاعي ( radiant thinking) والذي يعني انتشار الأفكار من المركز إلى عدة الاتجاهات، حينما نفكر في موضوع ما فإننا نضع هذا الموضوع في المركز ثم نلاحظ الإشعاعات (إنسياب الأفكار) التي تظهر وتصدر عن هذا الموضوع ويستطيع كل دماغ أن يصدر إشعاعات مختلفة عن دماغ آخر.

صُممت الخرائط الذهنية في ضوء حقائق عن التعلم والعقل البشري وهي أن العقل يعمل بكفاءة أعلى مع المعلومات التي تتم من خلال ثقب صغير وأن عمل العقل يتضمن ليس فقط استيعاب الأرقام والكلمات والأوامر والخطوط ولكن يتضمن أيضاً الألوان والأبعاد والتخيلات والرموز والصور فمن خلال ملاحظة عابرة سريعة يستطيع الذهن استيعاب وتذكر واسترجاع عدد من التفاصيل المرتبطة بالملاحظة خصوصا عندما يتم ذلك من خلال الذاكرة البصرية (وهي نوعٌ من أنواع الذاكرة التي تصف العلاقة بين الإدراك البصري، والتخزين العقلي، والقدرة على استرجاع المشاهد المخزنة، بمعنى تذكرها من قبل الإنسان).

تهدف الخرائط الذهنية إلي مواكبة التطور في الاستفادة من مقدار تدفق المعلومات في العالم الحديث الذي ينمو باستمرار مقارنة باستخدام المخططات والقوائم والجداول والنصوص أي بصورة عامة ما يعرف بالتفكير الخطي (linear thinking) الذي لا يفي بالغرض.

التفكير الخطي هو نمط من التفكير يعتمد على تحليل المشكلات وردها إلى مكوناتها الاساسية وتحديد السبب والنتيجة، هذا النمط من التفكير يهتم بدراسة المكونات هذه في علاقتها بالمشكلة ومن هنا ظهرت عدم كفاءة هذا النمط في مواجهة المشكلات حيث يكون التفاعل بين الأسباب والنتائج فقط ، على الرغم من أن هذا النوع من التفكير مستخدم منذ فترة و تم اختباره بمرور الوقت إلا أنه يشوبه بعض القصور مثلا: أولاً ، إذا كانت كمية المعلومات كبيرة ، فسيكون من الصعب جدًا تدوينها وتذكرها ثم إعادة إنتاجها، ثانيًا ، تصعب عملية استخراج الأفكار الرئيسية، ثالثًا ، يتم استخدام الوقت في هذه الحالة بطريقة غير عقلانية ، ورابعًا تحد الأساليب المستخدمة في هذا النوع من التفكير من استخدام النهج الإبداعي وتوليد أفكار جديدة خارجة عن إطار المألوف عند حل مشكلة ما، لذلك اتجه العالم العلمي الحديث لاستخدام أساليب الخرائط الذهنية كآداة للمساعدة في معالجة قصور الاعتماد علي التفكير الخطي في طرق التعلم و التطور المهني والتفكير الإبداعي، اي بصورة اخري استخدام الخرائط الذهنية لتتكامل مع التفكير الخطي.

أهداف بناء الخارطة الذهنية

كما جاء في كتاب الخرائط الذهنية ومهارات التعلم، فإن بناء الخارطة الذهنية يهدف إلى الاحتفاظ بالتعلم (عموما) متقداً لأن خصائص الخارطة الذهنية تُميزها وتهيؤها للبقاء مدة أطول في الذاكرة طويلة المدى، الدماغ يتعامل مع الصورة بشكل أكثر سهولة من المادة المكتوبة سواء في عمليات المعالجة الذهنية أو التخزين أو الاستدعاء، فالصور اقتصادية بطبيعتها لأنها تختصر كثيراً من تفصيلات المشهد المرسوم أو المصور بطريقتين هما كالتالي: الطريقة الأولى: أنها تستلزم عند إعدادها استخدام الرموز والصور للتعبير عن المفاهيم المختلفة، الطريقة الأخري: أن الخريطة الذهنية بحد ذاتها صورة واحدة فيعمل الدماغ على الاحتفاظ بها كصورة كاملة فيصبح التذكر عالياً ولو بعد مدة طويلة.

ومن أهدافها أيضا تنمية الإبداع حيث يعتبر بناء الخارطة الذهنية فرصة لممارسة الإبداع وتوليد عدد من الأفكار التي تساهم في تحسنين بقاء الخارطة، يسهل رسم الخريطة الذهنية الوصول إلى الإمكانات الهائلة للمخ عن طريق تمثيل الأفكار باستخدام الكلمات المفتاحية وهي عبارة عن طريقة منظمة للعصف الذهني للتوصل إلى فكرة محورية ثم تصوير الأفكار والتداعيات على هيئة تفرعات نامية في كل الاتجاهات من الفكرة المركزية وتتشعب الخريطة الذهنية في عدة اتجاهات.

رسم الخريطة الذهنية يساعد علي التقاط الأفكار والخواطر في كل زاوية، وما أن يدرك العقل البشري أن بإمكانه أن يربط شيء بأي شيء آخر حتى يجد التداعيات على الفور وبعد رسم خريطة الأفكار يمكن عندئذ البحث عن أنماط وصلات موحدة قد تربط أفكاراً أو موضوعات مختلفة ظاهرياً وتنتج عنها فكرة جديدة أو حل إبداعي لمشكلات ما.

أهمية الخرائط الذهنية

تحقق الخرائط الذهنية أهدافا مهمة علي المستوي التعليمي والمستوي المهني في مختلف المجالات، منها علي سبيل المثال: أن العملية التعليمية تستخدم الخريطة الذهنية لمساعدة المتعلمين في أن يصبحوا مستقلين في تعلمهم ويعرفون كيفية القراءة والتعلم دون الرجوع إلى المعلم، إضافة إلى تذكر الأفكار المهمة وتنظيم تعبرياتهم عنها، ومن خلال استخدامها يكونون قادرين على: إيجاد الأفكار الرئيسية ، اتخاذ قرار بشأن المعلومات المهمة التي يجب تعلمها،طرح الأسئلة التي تدور في أذهانهم وتساعد على اكتمال المعرفة وتذكر الأفكار المهمة وتنظيم تعبرياتهم منها، علاوة ذلك فإن هذه الخرائط تنمي اكتساب المفاهيم العلمية والمعرفة تحسن التذكر وتيسر استرجاع المعلومات من الذاكرة (الخرائط الذهنية و مهارات التعلم: د. طارق عبد الرؤوف)، لذلك للخرائط الذهنية دورا فاعلا في سرعة الاستيعاب لدي الطلاب خاصة في استذكار الدروس والتحضير للاختبارات أوالامتحانات علي مستوي التعليم العام أو التعليم الجامعي.

يتواصل…..

اترك رد

error: Content is protected !!