رؤى وأفكار / د.إبراهيم الصديق

إنهاء تفويض اليونتاميس مجرد خطوة..


د.ابراهيم الصديق على
(1)
إنهاء تفويض بعثة الأمم المتحدة (اليونتاميس) خطوة جيدة ، ولكنها ليست كافية ، ولابد من المضي أكثر لتحقيق هدفين ، أولهما إنهاء الأجندة الأجنبية في قضايا السودان ، وقد تكاثرت السهام على الوطن ، ولتكن تلك رسالة مهمة إن حلول المشكلات بإرادة سودانية مخلصة ورؤية سودانية وخيار سودانى ولصالح المواطن السودانى ومستقبل أجيالنا ، بأحلامهم وطموحاتهم وإرثهم وتطلعاتهم ، وثانيهما إزالة غرس بعثة اليونتاميس من أرض الوطن ، واهمها الحرب بآلامها وجراحاتها والتفتيت الإجتماعي وتدمير البنية التحتية وإفقار الشعب ، والحرب ليست فى الميدان العسكري فحسب ، وإنما قطع الصلة مع ما يسمى (الإتفاق الإطاري والإتفاق السياسي) ، فلم تكن اليونتاميس (بعثة سياسية دولية ذات اهداف معلنة) وإنما تحولت إلى مشروع سياسي وثقافي وإجتماعي واستندت إلى كيانات سياسية ومنظمات مصنوعة وتحالفات إقليمية ودولية ، وهذا جوهر مكر يونتاميس ومن وراءهم ، فقد وفروا لذلك التمويل والتدريب والتسويق والتسهيل ، من خلال ادوار وورش معلنة واخري خفية ، والادلة والشواهد كثيرة ، منها التزوير والتغفيل و حتى التدبير كما حدث في حادثة توزيع مقطع د.الجزلى المختطف ، وما زالت ذات الأجندة قائمة.. وعلينا إحداث قطيعة مع هذه الصفحة بأجندتها وإتفاقاتها وشخوصها ، وأولهم قوى الحرية والتغيير (قحت) التى شكلت منصة عبرت منها (يونتاميس)، وذات الجماعة السياسية التى تتولى إسناد مليشيا الدعم السريع بالتغطية السياسية والاعلامية..
(2)
لقد أمتنعت روسيا عن التصويت على قرار انهاء البعثة وقدم مندوبها إفادة قوية أشار فيها إلى ضرورة محاسبة مبعوث الأمم المتحدة (اليونتاميس) ، على افعاله التى أدت للحرب ، ومواقفه المتعنتة وانحيازاته التى لم تتوقف حتى بعد إبعاده من السودان ، وهذا يثبت حقيقتين:
الأولى: أن أى حلول تناهض الضمير الشعبي وتطلعات المواطن فإنها خاسرة ومهزومة ، لقد كان فولكر بيريتس يسخر من التظاهرات أمام مقر البعثة فى الخرطوم وقال في حوار مع محطة المانية (تظاهر 2500 أمام مقرنا واتوقع عودتهم الإسبوع القادم ولكنهم مجموعة قليلة)، لم يكن فولكر ومن ورائه يظن أن الأمور ستتحول وتنتهى بابعاده وانهاء بعثته ، وهذ نتاج وحصاد غطرسة بعض الدبلوماسيين الدوليين ، وخلال هذا العام طردت مالي بعثة مينوسما (يونيو 2023م) ، وهو ما ينبغي على المنظمة الدولية اخذه في الاعتبار ، وتعلم الدرس بإن إرادة الشعوب أقوى من المكر والمؤامرات..
والحقيقة الثانية ، أن التدخل الاجنبي والاجندة الأجنبية تتخذ منصات وطنية ، وهذه حقيقة مؤسفة ، فقد شهدنا وسمعنا هتافات بإسم فولكر وتوافقات من وراء الستار وحتى آخر لحظة في محاولة للإبقاء على هذه البعثة ذات الطبيعية الاستعمارية..
لقد كان مبتدأ البعثة خيار بعض القوى السياسية والمنظمات لتوفير غطاء دولي ومنصات تحرك ، ولم يكن خطاب د.حمدوك رئيس الوزراء حينها سوى مظهر ، بينما الأمر بكلياته ضمن خطة إنتقال تم إعدادها منذ عام 2018م ، وتحولت لواقع بقرار مجلس الأمن في 3 يونيو 2020م (2524/2020) ، والان طويت هذه الصفحة ولم يتبق سوى مسحة حزن من الذين سخروا أنفسهم لخيارات تناهض تطلعات شعبهم..
(3)
من المهم الوقوف عند كلمة السفير دفع الله الحاج وكيل وزارة الخارجية أمام مجلس الأمن ، وملخصها:

  • حرص الدولة على وقف الحرب ومعالجة آثارها
  • قيادة عملية سياسية بإرادة سودانية يشارك فيها جميع السودانيين..
  • إجراء إنتخابات شفافة
  • تسليم السلطة لحكومة مدنية منتخبة..
    وهذا مفتاح المرحلة الجديد في بعدها السياسي ولكن يعيبها الحزم في الإرادة السياسية ،وفقد كان الخيار متاحا بعد قرارات 25 اكتوبر 2021م ، وخلال عام كامل لم تتزحزح المواقف خطوة بل أرتدت إلى الإتفاق الإطاري الذى قاد للحرب..
    إن قيادة الأمم تتطلب إرادة وعزيمة ، ودون حسابات صغيرة أو تقديرات محدودة الأفق..
    إنها خطوة بحاجة لإسناد شعبي وسياسى لإحداث إنتقال جسور..
    التحية لأهل السودان كافة ولأخياره ولوزارة الخارجية وكل عامليها وبعثاتها..
    وحفظ الله الوطن واهله..

اترك رد

error: Content is protected !!