اسامة عبدالماجد
¤ هناك من هم اشد خطورة من قائد المليشيا حميدتي، على الدولة ويشكلون تهديدا على تماسكها.. هم الاعداء بين الصفوف، تحركهم دوافع السلطة والتزاحم على المناصب.. لنعود بالذاكرة قليلا الى حقبة الانقاذ.. واهم من يعتقد ان ماحدث في 2019 من تغيير كان بفعل الشارع كما تزعم قحت.. إنما هو نتاج صراعات داخلية متراكمة داخل صفوف الاسلاميين بين تيارات وافراد.. القاسم المشترك احداث الوقيعة وشق الصف.. مثل ماحدث بين الرئيس البشير ومدير جهاز الامن صلاح عبد الله قوش من جهة.. والرئيس ونائبه علي عثمان من جهة ثانية.. كان ذلك بعد صدور مذكرة التوقيف من الجنائية في حق البشير.
¤ حاول البعض ضرب عصفورين بحجر واحد اوعزوا للبشير ان طه يعمل مع قوش ضده وروجوا بكثافة وعينهم على منصبي الرجلين.. سارع قوش وبذكاء معهود فيه لاخماد نيران الفتنة.. نظم له صديقه توت قلواك (مستشار سلفاكير الحالي) احتفالا بمناسبة ترقيته لرتبة الفريق اول وحشد له كل القيادات من ابناء الجنوب بالخرطوم في النادي الدبلوماسي.. اطلق قوش في الاحتفال تحذيرات اقشعرت لها الابدان يومها.. قال: (ان كل من يتعاون مع الجنائية سنقطع يده ورأسه وأوصاله، لأنها قضية لا مساومة فيها).
¤ وظلوا يلاحقون على عثمان بالشائعات حتى وهو خارج السلطة.. عندما روجوا وشمس الانقاذ الى زوال انه يتفرج على البشير ، فخرج مدافعا بقوة عن الانقاذ.. عندما اعتبر (تسقط بس) قفزة في الظلام وطريق يؤدي للمجهول وقد صدق.. ولم يسلم رجل الانقاذ القوى د. نافع علي نافع من الاذى ووجد نفسه في ما اطلق عليه باولاد نافع.. وقيادته تيارا في مواجهة طه لخلافة البشير.. وعندما وقع اتفاقا مع مالك عقار اطلقوا على اتفاق (نافع / عقار) في محاولة لاختزاله في شخصه.. وكانت النهاية اجهاض ذلك الاتفاق المميز.
¤ وكان منصب مساعد الرئيس مغريا، وبالتالي كانت كل مجموعة تسعى لتقديم شخص يحقق مصالحها، وفي مقابل ذلك تأذى البروفيسور ابراهيم غندور.. وتمت ازاحته رغم النجاح الكبير الذي حققه للانقاذ في ادارته لانتخابات 2015 وبعدها مباشرة وجد نفسه خارج القصر.. مع العلم ان البشير خلال تلك الفترة اجرى عمليتين في الركبة في توقيتين مختلفين.. ولفترة سبعة اشهر كان غندور هو الرئيس الفعلي للبلاد.
¤ اما مساعد الرئيس المهندس ابراهيم محمود احد ابرز رجال الانقاذ الذي عملوا في صمت.. شككوا في اصوله بطريقة لا تخلو من قبلية وجهوية قبيحة.. ولم يابه المهندس لذلك وعندما فشل المخطط كانت فريه انه ضد ترشيح البشير للرئاسة في 2020.. بينما كانت رؤيته ان تتم الخطوة عبر المؤسسات لا الحملات المدفوعة من اصحاب الاجندات والمصالح.. فغادر منصبه مرفوع الرأس، كما خرج من الانقاذ بذات العزة ولم تجد اللجنة – سيئة السمعة – شيئا تدين به الرجل العفيف.
¤ ان صراع السلطة الذي يوقد نيرانه (الحاشية) حول المسؤولين من بطانه السوء.. تستخدم فيه كافة الاسلحة المشروعة والمحرمة سياسيا.. ففي ماليزيا قضى نائب رئيس الوزراء المعارض الشرس لنظام مهاتير ، انور ابراهيم عشرة سنوات خلف القضبان بتهمة اللواط ومرة بتهمة الفساد.. واعتبر انور الاتهامات تلفيق نابع من مؤامرة سياسية لوقف مسيرته السياسية حيث كان يتمتع بشعبية كبيرة.. وفي مرة امام المحكمة هاجم القضاة واتهمهم بالمشاركة في جريمة قتل استقلال القضاء.. وهو ما دعاهم للخروج من القاعة.
¤ ان مسيرة انور مدهشة.. لم يستسلم حتى ظفر بمنصب رئيس الوزراء في اواخر 2022 رغم بلوغه (75) عاما ولا يزال يشغله.. والاقوى منه زوجته عزيزة اسماعيل التي تركت الطب ودخلت حلبة السياسة مدافعة عنه.. وحلت محله في قيادة المعارضة أثناء فترة سجنه واجبرت مهاتير للتحالف معها واضطر لتعيينها نائبة له بمجلس الوزراء.
¤ بامكانك عزيزي القارئ استبدال اسماء البشير ، طه ، نافع وقوش بالبرهان ، كباشي ، العطا وغيرهم.. فالحال هو ذات الحال.. لكن من السخف الحديث ان كباشي اصلب عناصر الجيش يقود مفاوضات منفردا لأن اي اتفاق (في الدنيا) لا يعترف به دون مباركة الرئيس امام شهود دوليين.. مثل ماكان يتردد عن على عثمان بشأن نيفاشا.. حتى خرج البشير وقال مقولته الشهيرة (اي حاجة عن اتفاق السلام كان شغال فيها على عثمان كنت على على علم بيها وانا مسؤول منها).. وهذا هو البشير الذي يعرفه الشعب الذي قال للمحكمة والتاربخ (أتحمل وحدي كامل المسؤولية عن انقلاب 1989).
¤ ومهما يكن من امر.. اخرج ياسيادة الرئيس البرهان.. وقل كلمة للتاريخ ودافع عن رجالك فانتم ابناء (مصنع الرجال وعرين الابطال).