بقلم : السفير عبد المحمود عبد الحليم
يسألونك عن اوضاع ليبيا…وعن وجود حكومتين احداها بطرابلس ويقودها عبد الحميد الدبيبة رجل الاعمال وزعيم ” تيار المستقبل ” والاخرى ببنغازى ويرأسها اسامة حماد وزير المالية السابق لحكومة فتحى باشاغا……..
وفى الواقع كان بليبيا ثلاث حكومات :حكومة فائز السراج المعترف بها دوليا التى تشكلت فى فبراير ٢٠١٦ عقب اتفاق الصخيرات فى ديسمبر عام ٢٠١٥ الذى وقعه برلمانيون ليبيون برعاية الامم المتحدة ومبعوثها مارتن كوبلر…. وقد نافستها فى طرابلس ايضا حكومة الانقاذ برئاسة خليفة الغويل المنبثقة عن المؤتمر الوطنى العام الليبى فى اغسطس ٢٠١٤ التى كانت تسيطر على مساحات واسعة من جنوب وغرب ليبيا بدعم من مجلس شورى ثوار بنغازى وهوتحالف ضم كتائب اسلامية مناهضة لحفتر قبل ان تعلن فى ابريل ٢٠١٦ تخليها عن السلطة ودعمها لحكومة الوفاق بقيادة فائز السراج ثم اعلانها عن نفسها و ظهورها ثانية على المسرح السياسى فى اكتوبر ٢٠١٦ مطالبة بتشكيل حكومة وفاق ليبى جامع مع الحكومة الثالثة بطبرق … .
اما الحكومة الثالثة هذه فهى حكومة برلمان طبرق ومقرها البيضاء برئاسة عبد الله الثنى وقد دعمها خليفة حفتر كقائد للجيش الذى ظل امره خلافيا منذ تحفظ مجموعة طبرق على المادة الثامنة من اتفاقية الصخيرات التى تجعل لمجلس الدولة سلطة عليا عليه ، كما نالت حكومة طبرق دعم مصر التى ظل موقفها وجوب المحافظة على المؤسسات الوطنية ..عندما حاول حفتر السيطرة على طرابلس وشن مااسماه بعملية الكرامة لاستئصال” الارهابيين والتكفيريين ” استنجد السراج بالاتراك الذين تمكنوا من دحره بيد انهم لم يسعوا الى التمدد وسطا وشرقا و كانت مصر قد حذرت من مغبة ذلك وعدت محور سرت – الجفرة خطا احمرا ..
اذا كانت ليبيا قد بلغت ذلك العدد من الحكومات فانها سجلت ايضا رقما قياسيا في عدد مبعوثى الامم المتحدة اليها حيث ان المبعوث الحالى السنغالى عبد الله باتيلى الذى تراس في السابق البعثة الاممية بافريقيا الوسطى وعمل مستشارا للامين العام لشئون مدغشقر ونائبا لرئيس بعثة مالى هو التاسع فى سلسلة ممثلى الامم المتحدة في ليبيا ، وقد كان اولهم مباشرة عقب سقوط القذافي عبد الاله الخطيب وزير خارجية الاردن الاسبق متبوعا بالدبلوماسي البريطانى الذى تولى فى السابق منصب الامين العام لمنظمة العفو الدولية ايان مارتن و الذى اعقبه فى الموقع طارق مترى وزير الاعلام الاسبق بلبنان ثم الدبلوماسى الاسبانى برناردينو ليون فالالمانى مارتن كوبلر فالوزير اللبنانى الاسبق غسان سلامة الذى خلفته كنائبة لرئيس بعثة الامم المتحدة بليبيا الدبلوماسية الامريكية استيفانى ويليامز فالسلوفاكى يان كوبيش….
و كان المبعوث عبد الله باتيلى قد ابلغ مجلس الأمن مؤخرا عن اولويات ثلاث تشكل محور نشاطاته خلال الفترة القادمة واولها العمل مع مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة لاستكمال امر القوانين والأنظمة الانتخابية التى تضطلع بها لجنة ٦ + ٦ وعلى نحو يمهد لاجراء انتخابات حرة ونزيهة يحدد فيها شعب ليبيا خياراته ، والعمل مع الفعاليات ذات الصلة لتحقيق توافق وطنى فى مقابل التشرذم الحادث حاليا ، وطالب كذلك ان تنسق الاجهزة الامنية والعسكرية لتأمين المناخ الملائم لكافة هذه المتطلبات بينما تتصاعد مطالبات تشكيل حكومة وفاق حسب مرئيات لجنة ٦+ ٦ المعنية بمسائل الانتخابات والتى لم تستكمل بعد حيث تسعى بعض المجموعات لحرمان حفتر من الترشح للرئاسة من واقع مايشاع عن الجنسية الامريكية التى يحملها بينما يضع بعضها العراقيل لحرمان سيف الإسلام القذافي من الترشح ..
وتفضل الامارات احداث تفاهم بين مركزى القوة حفتر والدبيبة بينما تدعم مصر امر تشكيل حكومة وفاق وطني…معلوم كذلك ان جهود وخطة الامم المتحدة وبعثتها بليبيا مع الفعاليات الليبية لاعادة الاستقرار لذلك البلد تشمل ابعاد المرتزقة والمقاتلين الاجانب بمافيهم مرتزقة السودان على النحو الذى ابرزت تفاصيله تقارير فريق الخبراء للجنة العقوبات وفقا لقرار مجلس الامن ١٥٩١ ، ولا شك ان موضوع عودة المقاتلين من ليبيا هم سودانى كبير ايضا..
و فى الوقت الذى يستمر فيه تنازع حكومتى الدبيبة واسامة حماد فى شرق وغرب البلاد على التوالى جاءت كوارث فيضانات درنة لتضاعف من معاناة الليبيين ولتجعل من امر توافقهم اكثر الحاحا خاصة مع تنافس الحكومتين لقيادة الجهد الدولى الاغاثى لضحايا الفيضانات من جراء اعصار دأنيال ….
تلعب التدخلات الخارجية دورا سالبا فى عدم تمكن الليبيين من توطين الحلول لمشاكلهم الداخلية ، ومؤخرا نالت حكومة الدبيبة دعما سباسيا امريكيا فزارها وليام بيرنز مدير وكالة المخابرات المركزية الأمريكية عقب تعاون حكومة طرابلس بتسليم الولايات المتحدة مطلوبا ليبيا من مخلفات قضية لوكربى هو ابو عجيلة محمد مسعود الذى القت القبض عليه مجموعة مسلحة قيل انها تابعة او متعاونة مع الدبيبة ، وهو امر اثار انتقادات واسعة باعتبار ان ملف لوكربى قد أغلق بالمليارات العديدة التى تم سدادها ، وقد وصف بيرنز حكومة طرابلس بالشريك الذى يمكن الوثوق به…
كوارث الطبيعة والسياسة تعصف بليبيا….فرق الانقاذ عثرت في احدى المنازل الغارقة على لوحة لقول مأثور لاحد حكمائها ” انهض ولاتنحنى مهما كان….فقد لاتأتيك الفرصة لكى ترفع رأسك مرة أخرى “……