عفى الله عن نخبنا السودانية التى أدمنت الفشل ، فهذا الواقع المُتَرَدِّى الذى تَعيِشُه بلادنا هو حصيلة تراكمات تأريخية وتأثير أيادى المستعمر والنُخب المُستَلَبة التى تعاملت مع الوطن وقضاياه المصيرية بمنتهى الأنانية وهو الذى أكرمهم وأنعم عليهم بالمستوى اللائق من التعليم والعيش الكريم وأتاح لهم فُرصاً عظيمة لبناء دولة عظيمة ، لكنهم آثروا الصمت المعيب وهم يرون بؤر الصراعات والنزاعات القبلية تتنامى شرقاً وغرباً ، وجَذوة الحرب تبدأ فى الإشتعال والإتقاد ، وصراع الهويَّات يتسيِّد المشهد السودانى ..!! فلجأ أهل بلادى إلى جيرانهم بحثاً عن الأمن والصحة والتعليم ، والتَنَّعُمَ بالآفاق الرحبة من الحظوظ المُتاحة لهم ، ومن الكثير من الفوارق التى لو عملنا على سَبْرِ أغوارها لتبين لنا كم نحن بؤساء فقد ظَلَّت بلادنا تكتوى بالحسرات وخيبات حكامها ونُخبها لثمانٍ وستون عاماً من الفشل ، ولم تَذُقْ طعماً الثمرات فى تاريخها الحديث وهى الزاخرة بالثروات .. ورغماً عن كُل ذلك ستظل عزيزة وغالية علينا وستحوز المكانة التى تستحقها وتليق بها من المحبَة والتَعلُّق ولو أننا نجوعُ فيها نَعرَى ..!! وكما أن أهل بلادى مُمتَّنون لأشقائهم المصريين الذين إستقبلوهم فى أحلك الظروف وآمنوهم من خوف ، فإنه ينبغى عليهم إحترام أرض الكنانة وإحترام قواعد النظام والآداب فيها ، وكافة القوانين وعدم مخالفتها وخرقها والإمتناع عن أى فعل يضر بالأمن العام وسلامة مواطنيها .. فإنَّ الوفاء على الكريم فريضةٌ واللَّؤمُ مقرونٌ بِذى الإخلافِ .. وترى الكريم لمن يُعاشِر مُنصِفاً وترى اللَّئيم مُجانِبَ الإنصافِ . حفظ الله بلادنا وأهلها من كل سوء .
السبت ٢٠ يناير ٢٩٢٤م